الكثير مِن المتغيّرات التي شهدتها الساحة الفلسطينية مِن التوترات وموجة العمليات الفلسطينية رداً على إجراءات الإحتلال ومستوطنيه شغلت عناوين الأخبار مؤخراً، لكن الغريب اللافت هو السياسة الإعلامية التي يتبعها الإحتلال في هندسة الوعي وسباق الدعاية الذي تتنافس فيه كافة أركان الماكينة الاعلامية له حول شهر رمضان.
فلم يعد خفياً على أحد أن أكثر ما يشغل بال "المنظومة الامنية" للكيان هو شهر رمضان المُبارك، واللافت حقيقةً هو حجم الإنذارات الساخنة التي يتنبّأ بها الإحتلال مُسبقاً، وعمدِه إلى ترويج ادعاءاته عبر ماكينته الإعلامية حول نوايا الفلسطينيين في شهر رمضان، الامر الذي يضع تساؤلا حول نوايا الإحتلال وسلوكه تجاه الفلسطينيين فيه.
وليس يخفى على المُهتمين والمتابعين للإعلام الصهيوني مدى تحكم الرقابة العسكرية في كُل ما يُنشر عبر وسائل الإعلام في دولة "الكيان"، الأمر الذي يجعل من سلوك المؤسسات الإعلامية لديه إشارة تُدلل على نواياه من خلال تحليله وفهمه.
والثابت في الإستراتيجية التي يتبعها الاحتلال قبل ارتكابه لأي جريمة جديدة، هو إظهار مدى الخطر الذي يتعرض له في حال عدم إتخاذه لأي إجراء، وهو الأمر الذي يمنحه ـ حسب وجهة نظره ـ حق الدفاع عن النفس، وكالعادة تنفيذه لأي جريمة هو بمثابة دفاعه عن نفسه من الخطر الذي أظهره للعالم مُسبقاً، لذا فإن ارتكابه للجرائم أمام العالم هو أمر (مشروع) طالما ينتهي بإزالة الخطر ـ حسب سياسته ـ.
والمتابع لسلوك الإعلام الصهيوني قبل ارتكابه لأي جريمة يُدرك حقيقة نواياه تجاه ما يتناوله، هذا الأمر بات يدركه أي فلسطيني من خلال الكثير من الأحداث التي ثبّتت هذه الأمر لديه، فقد ارتبط تهويل الإحتلال وإعلامه لأي حدث أو شخص مُعين بنيته للتعامل معه.
هذه السياسة بالذات شهدناها جميعاً قبل بدء عدواناته المتكررة على غزة وتغوله على المُصلين في المسجد الأقصى والعائلات المقدسية، الأمر الذي يجعلنا نتسائل حول حجم البروباغندا الذي يمارسه الإعلام الصهيوني حول شهر رمضان ونوايا الفلسطينيين.
إن سلوك الإعلام الصهيوني مؤخراً بات يُظهر وبشكل جليَّ نوايا مُبيتة إن صح التعبير للتعامل مع المرابطين العُزل في المسجد الأقصى والقدس، خصوصاً مع وجود حكومة إحتلال فاشية متطرفة، الأمر الذي لربما سيكون له تبعات وأبعاد أكبر مِن مجرد ردود فعل، حيث أن المقاومة الفلسطينية كانت قد أشرعت سيف القدس عام 2021 وقد حذرت الإحتلال مرة أخرى مِن التغول وارتكاب الجرائم والحماقات بحق القدس وأهلها والمسجد الأقصى ورواده.