من الواضح أن تصاعد المقاومة المسلحة في مناطق الضفة المحتلة باتت تشكل تحديا وكابوسا يرهق الاحتلال وأجهزته الأمنية، بعد التحول في العمل المقاوم والتطور بشكل لافت في نوعية عمليات إطلاق النار وكثافتها في مدن الضفة.
وللمرة الثالثة على التوالي وفي نفس المكان تفضح المقاومة في حوارة بنابلس عجز الترسانة العسكرية للاحتلال، بعد إصابة ثلاثة جنود أحدهم بجراح خطيرة جراء عملية إطلاق نار استهدف حاجزا للجيش، فيما انسحب المقاومون بسلام.
وبعد ساعات قليلة أعلن الاحتلال إصابة مستوطنة (إسرائيلية) بالهلع، صباح اليوم الأحد، بفعل إطلاق نار على مستوطنة "أفني حيفتس" قرب طولكرم شمال الضفة الغربية، فيما أعلنت كتيبة الرد السريع في طولكرم مسؤوليتها عن العملية.
ويمكن القول إن ما كانت تخشاه منظومة الاحتلال الأمنية بات اليوم يتحقق، بفعل تصاعد عمليات إطلاق النار والاشتباك مع الجيش، وهو ما يشكل عامل قلق يستنزف قدرات جيش الاحتلال في مناطق الضفة.
وتصاعدت أعمال المقاومة في الضفة الغربية خلال الـ 24 ساعة الأخيرة، حيث تم تسجيل 21 عملاً مقاوماً، من بينها 3 عمليات إطلاق نار، أدت لإصابة 3 جنود (إسرائيليين).
ويصف رون بن يشاي الخبير العسكري بصحيفة يديعوت أحرونوت، أن "الوضع الاستخباراتي الذي تبلور في المؤسسة الأمنية مع بداية شهر رمضان غير مشجع، ويختلف جوهريًا عن العامين الماضيين، في ضوء تزامنه مع الأزمة السياسية والاجتماعية، وحقيقة أن الحكومة تشغل قواتها الأمنية في قناتين واستراتيجيتين مختلفتين متعارضتين، فالشاباك يعمل من خلال الجيش في الضفة الغربية، ويحاول بكل الوسائل المتاحة له، عسكرياً واقتصادياً، لخلق هدوء خلال شهر رمضان رغم اشتعال النيران في المنطقة".
وأضاف بن يشاي أن "المنظومة الأمنية ترى أن تصرفات الشرطة بتعليمات من وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير تحرّض بالفعل على التوتر في القدس ومع الأسرى، وقد تكون النتيجة أنها ستشعل النار في المنطقة المتفجرة بالفعل، وعندما يُسأل كبار المسؤولين في الجهاز الأمني عما يقلقهم الآن في مجال العمليات، فسيقولون كرجل واحد أنه يتمثل في اندماج جميع مناطق النزاع في منطقة متفجرة واحدة".
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي علاء الريماوي، أن ما يجري بالضفة منذ عامين من مواجهة مع الاحتلال هي انتفاضة حقيقية وتتبلور وتأخذ شكل العمل المسلح النوعي بشكل متسارع ومتطور.
ويوضح الريماوي في حديثه لـ "الرسالة" أن ما يقلق الاحتلال أكثر هو التحول السريع وانتقال المقاومة من الفردية إلى الحزبية والتحول من الاشتباكية داخل المدن إلى خارجها وعلى الحواجز العسكرية والانتقال سريعا إلى أراضي الداخل المحتل.
ويبين أننا أمام أداء متطور ومتصاعد والمحفز له هو جرائم الاحتلال وسلوك حكومة الاحتلال العنصري والفاشي والمشاريع والخطط الإجرامية التي اتخذتها في الآونة الأخيرة.
ويشير إلى أن حالات المقاومة الناشئة بالضفة تأتي في ظل تصاعد اعتداءات المستوطنين بالضفة وجرائم الاحتلال المتواصلة.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي سليمان أبو ستة، أن المقاومة بالضفة متصاعدة ليس من اليوم وإنما منذ فترة ما قبل رمضان الماضي والعمليات بشكل كبير وظهرت بمظاهر عديدة، أبرزها وجود الكتائب المسلحة والاشتباك الدائم مع الاحتلال.
ويضيف أبو ستة في حديثه لـ "الرسالة" أن انضمام آلاف الشباب للمجموعات المسلحة يدلل على أن المقاومة ليست نخبوية وإنما متجذرة في قناعات شعبنا ويحاول تطويرها بشكل متسارع.
ويشير إلى أن كل محاولات وأد المقاومة باءت بالفشل في ظل إصرار شعبنا على التمسك بهذا الخيار وسط غياب فعالية الخيارات الأخرى.