تواجه السلطات في إندونيسيا مأزقا حرجا بين الموقف الرسمي والشعبي الرافض لمشاركة (إسرائيل) في مونديال الشباب لكرة القدم، الذي تستضيفه البلاد لأول مرة، وبين العقوبات التي يمكن أن يفرضها الاتحاد الدولي لكرة القدم، والتي قد تصل إلى حظر مشاركة الدولة في مسابقات دولية.
وقال عضو المجلس التنفيذي بالاتحاد الإندونيسي لكرة القدم، أريا سينولينجا، إن الاتحاد الدولي (فيفا) ألغى قرعة مونديال الشباب، التي كانت مجدولة الجمعة المقبل في جزيرة بالي؛ بسبب عدم مشاركة الجانب (الإسرائيلي) في القرعة، بينما تفرض لائحة الفيفا تمثيل جميع الفرق المتأهلة، موضحا أنه ليس هناك قرار نهائي بشأن موعد جديد أو مكان آخر لإجراء القرعة، حسبما أورد موقع "الجزيرة نت".
وأكد سينولينجا أن اتصالات تجري مع الرئاسة ووزارتي الخارجية والرياضة "لإنقاذ كرة القدم الإندونيسية"، مشيرا إلى أنه ليس متفائلا بشأن مقترح لعب الفريق (الإسرائيلي) مبارياته في سنغافورة.
ورغم إدراكه لصعوبة الفصل بين الرياضة والسياسة، أكد سينولينجا سعي الاتحاد لمواجهة هذا الموقف حتى لا تتعرض إندونيسيا لأي عقوبات وألا تصبح "منبوذة" على الساحة الرياضية الدولية، مشيرا إلى عدم وضوح مصير هذه المنافسة الدولية حتى الساعة.
من جهته، يجري القائم بأعمال وزير الشباب والرياضة في إندونيسيا، مهاجر أفندي، اتصالات مع كل الأطراف المعنية للوصول إلى أفضل حل للأزمة التي اصطبغت بلون السياسة الدولية، وهو ما يواجه أيضا، إيريك طاهر، وزير الشركات الحكومية الذي انتخب الشهر الماضي لرئاسة الاتحاد الإندونيسي لكرة القدم.
وشدد طاهر على أن بلاده تضمن أمن وسلامة أي فريق يصل إلى أراضي إندونيسيا، مشددا على أنه لا يؤيد "الربط بين الرياضة والسياسة".
وجاءت هذه التطورات وسط زخم رسمي وشعبي رافض للمشاركة (الإسرائيلية) بالمونديال، حيث أرسل حاكم جزيرة بالي، وايان كوستير، خطابا إلى وزير الشباب والرياضة، قبل أيام، يرفض فيه مشاركة الفريق (الإسرائيلي)، معللا رفضه باختلاف السياسات الدولية والإقليمية بين البلدين، ولعدم وجود علاقات دبلوماسية بينهما، وتقديرا لعلاقات إندونيسيا مع الدول الأخرى.
واللافت أن الرفض جاء من سياسيين في الحزب الحاكم (النضال من أجل الديمقراطية)، فإلى جانب حاكم بالي الذي هو من ساسة الحزب، جاء الرفض أيضا على لسان رئيس الشؤون الدينية في الحزب حكمة حق، كما كان ذلك موقف حاكم إقليم جاوا الوسطى، غانجار برانوو، وامتد الموقف إلى حزب التنمية المتحد أحد أحزاب التحالف الحاكم.
لكن أول الداعين لرفض المشاركة (الإسرائيلية) بالمونديال كان نائب رئيس مجلس الشعب الاستشاري، هدايت نور واحد، حيث دعا وزير الرياضة إلى رفض حضور الفريق (الإسرائيلي)، مذكّرا برفض الرئيس الأسبق، أحمد سوكارنو، لعب بلاده ضد (إسرائيل) في تصفيات كأس العالم عام 1958، كما لم يوافق على مشاركة (إسرائيل) في دورة الألعاب الآسيوية عام 1962 في جاكرتا.
وقال واحد إن على الفيفا أن يدرك أن موقف إندونيسيا غير محايد تجاه (إسرائيل)، والذي ظل ثابتا لأنه ينبع من دستورها، منوها إلى قرار صادر عن وزارة الخارجية عام 2019 ينص على أنه "حتى هذه الساعة ليست لإندونيسيا علاقات دبلوماسية مع (إسرائيل) وتعارض احتلال (إسرائيل) لأرض وشعب فلسطين؛ ولهذا السبب فإندونيسيا ترفض كل أشكال العلاقة مع (إسرائيل)".
وكانت جاكرتا قد شهدت، خلال الأسبوعين الماضيين، احتجاجات رافضة لحضور الفريق (الإسرائيلي)، وهدد حراك "الثاني من ديسمبر" المعارض أنه سيمنع دخول الفريق (الإسرائيلي) من المطار.
وتوسعت دائرة الرفض لتشمل أحزابا من أطياف مختلفة، حيث جاء الرفض ابتداء من حزب العدالة والرفاه المعارض، الذي أكد أن موقفه ليس دينيا، لكنه متعلق بالاحتلال والجانب الإنساني، وبأن إندونيسيا لا تعترف رسميا بوجود (إسرائيل).
كما بعثت كتلة حزب العدالة والرفاه بخطاب إلى حاكم إقليم جاوا الغربية، رضوان كامل، طالبت فيه بتبني قرار رفض لحضور الفريق (الإسرائيلي).
وأيدت الجمعية المحمدية، كبرى مؤسسات المجتمع المدني في إندونيسيا، الحراك الرافض للمشاركة (الإسرائيلية) وأشادت بوعي الإندونيسيين، ودعت الحكومة إلى عدم التقليل من شأن هذا الأمر وحصره في النطاق الرياضي فقط.
وأكد رئيس الجمعية، حيدر ناصر، على ضرورة الحفاظ على الانسجام بين كل المجالات، بما في ذلك كرة القدم وسياسات الدولة.
المصدر | الخليج الجديد + متابعات