صادق الكنيست بالقراءتين الثانية والثالثة، مساء الاثنين، على إلغاء قانون "الانسحاب من جانب واحد"، وهو ما سيسمح للمستوطنين بالعودة إلى أربع مستوطنات تم الانسحاب منها شمال الضفة الغربية في عام 2005 بموجب اتفاق سياسي.
وحسب ما ذكرت قناة كان العبرية ونقلا عن ترجمة موقع الهدهد الإعلامي، أصبح الهاجس الأكبر للقيادة الوسطى لـ (جيش العدو الإسرائيلي) التبعات الأمنية الميدانية، ولا نية لتنفيذ هذا القانون ميدانياً بشكل فوري.
وقد وقعت الاتفاقية عام 2004 بين الرئيس الأميركي جورج بوش ورئيس الوزراء (الإسرائيلي) أريئيل شارون، وتقضي بانسحاب المستوطنين من قطاع غزة، ومن أربع مستوطنات في شمال الضفة الغربية، من بين (120) مستوطنة أقامتها (إسرائيل) خلال سنوات الاحتلال هناك.
انتقاد واسع
ويسمح مشروع القانون بعودة المستوطنين إلى 4 مستوطنات تم تفكيكها، وهي: "غانيم" و"كاديم" و"حوميش" و"سانور"، وينص التشريع على إلغاء العقاب الجنائي المفروض على المستوطنين الذين يدخلون أو يقيمون في هذه المستوطنات الأربعة الواقعة على أراض فلسطينية خاصة بشمال الضفة الغربية.
وقد لاقى المشروع الذي لن ينفذ فورا اعتراضا في الأوساط (الإسرائيلية) في ظل الأوضاع المتأججة في الضفة الغربية، وقد قال حزب يش عتيد (هناك مستقبل) برئاسة رئيس الوزراء السابق يائير لبيد: "إن هذا القانون يديم ويعمق المشكلة الأمنية والسياسية في الضفة الغربية، ويخالف وعد دولة (إسرائيل) للحكومة الأمريكية".
وردت رئيسة "حزب العمل"، عضو الكنيست ميراف ميخائيلي، بالقول: "الحقيقة يجب أن تُقال: لا يوجد من يهدد الرؤية الصهيونية مثل المستوطنين"، مشيرة إلى أن إلغاء قانون الانفصال هو "خطوة مناهضة للصهيونية، وهذا هو الطريق المؤكد لقيام دولة ثنائية القومية ونهاية المشروع الصهيوني".
وقال عضو الكنيست جلعاد كاريب عن العمل: "القانون يدفعنا خطوة أخرى نحو واقع ثنائي القومية، ومن شأنه أن يؤدي إلى إنشاء بؤر استيطانية إضافية غير قانونية".
وتابع: "سيزيد القانون من الاحتكاك العنيف والدموي بين (الإسرائيليين) والفلسطينيين، وسيوسّع قدرات الجيش (الإسرائيلي) أكثر في المناطق، وهو قانون ضد الصهيونية".
وبينت حركة السلام الآن (الإسرائيلية)، أن هذا القانون سيؤدي حتما إلى تعميق الاحتلال وإحراق المنطقة، ولابد من تحذير "جهاز الأمن" من أن عودة المستوطنين إلى شمال الضفة الغربية، ستكون عبئا أمنيا هائلا.
ستؤجج الأوضاع
المحلل السياسي المختص بقضايا الاستيطان عثمان أبو صبحة، لفت إلى أن الاستيطان هدف من أهداف الحكومة الحالية وهذا يدل على الإمكانيات الأمنية لديها، مشيرا إلى أن الانسحاب من هذه المستوطنات في 2005 لم يكن يعني عودة الأرض لأهلها الأصليين، وهذا يعني أن الأمر لم يطبق من البداية من حكومة الاحتلال.
لكن الظروف تغيرت الآن وفقا لتوقعات أبو صبحة الذي قال: "الحكومة الحالية دعمت الاستيطان أولا، وأعلنت عن وثيقة الاستيطان، ثم أعلنت جهارة أن هدفها الاستيلاء على الأرض وبناء مجموعة مستوطنات أخرى".
ونوّه أبو صبحة إلى أن هذا الإخلال في الاتفاق سيؤجج الأوضاع فعليا، والتي هي متأججة أصلا في الضفة الغربية في ظل قوة المقاومة الشعبية، ولكن في غياب الدور الدولي والدعم العربي فإن (إسرائيل) تعيد نشاطها الاستيطاني بشكل أكبر.
بدوره، قال الكاتب المختص بالشأن (الإسرائيلي) خالد عمايرة: "إقرار الاحتلال قانونا ضد الفلسطينيين أسهل عليه من أن يقر قوانين تعديلات قضائية إذعانا لرغبة جمهوره، وهو يعتقد أنه بذلك يحاول نقل الأزمة إرضاء لجمهوره".
وبين أن هذا الإجراء يقع ضمن الأجندة الصهيونية النازية المتطرفة الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية خارج أطر القوانين الدولية وأطر الولايات المتحدة.
ويرى عمايرة أن هذا القانون يعمق الصراع بين الفلسطينيين و(الإسرائيليين)؛ ولكنه رسالة إلى الولايات المتحدة كونها طرفاً في الاتفاق السابق.
ويعتقد عمايرة أن أمريكا ترى ولا تريد أن تفعل شيئا، ويخشى أن يعتبر الاحتلال هذا السكوت ضوءا أخضر وأن تتكرر تجارب 48 بعد تصاعد الإرهاب اليهودي الذي أباد الفلسطينيين وشردهم.
وذكر أن الحكومة (الإسرائيلية) قد حاولت فعل ذلك في حوارة ولم تفعل أمريكا شيئا.
ويؤكد أن الاحتلال يسعى لأن تغسل الولايات المتحدة يديها من العملية السلمية برمتها حتى تأخذ حريتها في فرض ما تريد على الأرض، وقد يكون "هولوكوست جديد" وفقا لتوقعات عمايرة؛ لأن الاحتلال يريد أن يصدر الأزمة الداخلية، وهذه إحدى السياسات (الإسرائيلية).