منذ نكبة 1948 يخطط الاحتلال (الإسرائيلي) لتقليص وجود الفلسطينيين في الداخل المحتل بمحاصرتهم في تجمعات ضيقة والاستيلاء على أراضيهم.
ومع توالي السنوات يشرّع الاحتلال عبر الكنيست قوانين عنصرية تفرض الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين وإقامة مستوطنات عليها، لاسيما الواقعة في الداخل المحتل والنقب.
معاناة سكان الداخل المحتل بسبب سرقة أراضيهم بدأت حين صادقت الحكومة (الإسرائيلية) في 29 شباط 1976 على مصادرة 21 ألف دونم تعود ملكيتها لفلاحين فلسطينيين من بلدات سخنين، وعرابة، ودير حنا، وعرب السواعد؛ لتخصيصها لبناء المزيد من المستوطنات.
وتجدر الإشارة إلى أن السلطات (الإسرائيلية) قد صادرت خلال الأعوام ما بين 1948 حتى 1972 أكثر من مليون دونم من أراضي القرى العربية في الجليل والمثلث؛ إضافة إلى ملايين الدونمات الأخرى التي استولت عليها عام 1948.
وفي أعقاب قرار المصادرة، اجتمعت لجنة الدفاع عن الأراضي التي انبثقت عن لجان محلية في إطار اجتماع عام أجري في مدينة الناصرة في 18 تشرين الأول 1975؛ لبحث آخر التطورات، وسبل التصدي لعملية المصادرة؛ واتفقوا على إعلان إضراب عام وشامل لمدة يوم واحد في 30 آذار 1976.
وفي التاسع والعشرين من مارس 1976 سارعت السلطات (الإسرائيلية) إلى إعلان حظر التجول على قرى سخنين، وعرابة، ودير حنا، وطمرة، وكابول- من الساعة الخامسة مساءً، وأعلنت الحكومة (الإسرائيلية) أن جميع المظاهرات غير قانونية؛ وهددت بإطلاق النار على من وصفتهم (بالمحرضين)؛ بهدف منع تنفيذ الإضراب.
***نكبة جديدة
ويستخدم الاحتلال كل الطرق والأساليب غير المشروعة منها التحايل والخداع، وقوانين الطوارئ وأملاك الغائبين وتجنيد القضاء والقانون وتطويعه للاستيلاء على الأرض.
وتمر شرعنة سلب الأراضي الفلسطينية بقانونين أساسيين: قانون أملاك الغائبين عام 1953 وبموجبه حولت (إسرائيل) لحوزتها بشكل رسمي وقانوني جميع أملاك اللاجئين الفلسطينيين الذين هُجروا إلى الدول العربية المجاورة.
أما الثاني فهو قانون استملاك الأراضي 1953 (قانون الحرام) الذي بموجبه صودرت غالبية أراضي القرى المهجرة من مالكها الفلسطينيين بما فيهم المهجرين الداخليين.
ويهدف الاحتلال من وراء تلك السياسة إلى منع التمدد الديمغرافي الطبيعي لفلسطينيي الداخل، باعتباره مزعجًا ويشكل عائقًا أمام المشروع الاستيطاني كما يقول عامر الهزيل المختص في الاستيطان.
وذكر الهزيل (للرسالة نت) أن للاحتلال عدة أساليب في سرقة أراضي الداخل المحتل ومنها المصادرة الواسعة للأراضي، وهدم البيوت واقتلاع القرى، بالإضافة إلى تركيز أكبر عدد من العرب على أصغر بقعة ووضعهم في مدن "علب السردين" حسب تعبيره، كبلدة رهط.
وأشار إلى أن من طرق الاحتلال لسرقة الأراضي الفلسطينية في النقب والبلدات الأخرى التشجير والتحريش وبالتالي يحرم على الفلسطيني الاقتراب، وبعدها تتحول المنطقة الى مستوطنة.
ويؤكد الهزيل أن سكان البلدات والقرى التي يهدمها الاحتلال، يمارس أصحابها الصمود في خيم
ويحاولون البقاء على ما تبقى منها للحفاظ عليها كمستودع للأجيال المقبلة.
وفي ذات السياق يقول الحقوقي حسن مليحات إن الاحتلال يستهدف التجمعات البدوية في الداخل المحتل لإنهاء الوجود الفلسطيني عبر تفريغها من السكان الأصليين، حيث يستخدم الكثير من القوانين العنصرية التي تحرمهم الخدمات الأساسية من أجل التضييق عليهم ودفعهم للانتقال إلى مناطق أخرى.
وأوضح مليحات (للرسالة نت) أن الاحتلال يهدف إلى تفريغ الأراضي من الفلسطينيين ضمن سياسة التطهير العرقي.
ووفق قوله فإن المرحلة المقبلة سنشهد فصولا جديدة للنكبة الفلسطينية في ظل حكومة (إسرائيلية) يتولى فيها العنصريون مناصب وزارية مهمة، مما سيشكل خطورة كبيرة على حياة السكان الفلسطينيين.
ويؤكد مليحات أن الاحتلال لا يألُ جهدا في استخدام القوانين العسكرية لاقتلاع كل ما هو فلسطيني.
وتجدر الإشارة إلى أن الاحتلال يفرض سياسة الأمر الواقع ويهدم بعض التجمعات الفلسطينية مثل قرية العراقيب في النقب المحتل الذي تجاوز عدد مرات هدمها الـ 200 مرة فيما يعاود أهلها في كل مرة بناءها من الصفيح.
وعلى ذات النهج يسعى الاحتلال (الإسرائيلي) لهدم وإخلاء الخان الأحمر وبعض التجمعات الفلسطينية الأخرى الموجودة في الضفة الغربية المحتلة والأغوار، لحسم الصراع بشكل كامل.