منذ بداية الشهر الفضيل يشهد الأقصى اقتحامات بأعداد متفاوتة للمستوطنين وسط حماية قوات شرطة الاحتلال.
وتبدو المفارقة أن الاعتكاف في المسجد الأقصى مسموح ليلتي الجمعة والسبت، والعشر الأواخر من الشهر الفضيل، لكنه ممنوع في سواها.
في المقابل يعتبر المقدسيون أن الاعتكاف مهم للتصدي للمستوطنين في عيد الفصح الذي سيبدأ يوم الخميس القادم، ويستمر 7 أيام، لكن قوات الاحتلال تقيد دخول المصلين بشكل كامل خلال ساعات الاقتحام.
ورغم إمكانية انتهاك قدسية المسجد الأقصى في شهر رمضان المبارك، وذبح القربان داخله، وترسيخ فكرة أن المسجد مكان يقبل القسمة على غير المسلمين، نشر مدير دائرة الأوقاف التابعة للأردن عزام الخطيب قرارا يحصر الاعتكاف في المسجد الأقصى في العشر الأواخر من رمضان وليلتَي الجمعة والسبت.
قرار تقسيم
ويرى زياد ابحيص المختص بقضايا الأقصى أن القرار كارثي في المبدأ والتطبيق ويخالف الأصل الشرعي في المسجد الأقصى المبارك، قائلا: "هو شقيق المسجد الحرام بنص القرآن الصريح، وأحد ثلاثة مساجد لا تشد الرحال إلا إليها، وأبوابها لم تكن تغلق تاريخياً أمام المسلمين في أي ليلة؛ فهل يحق للأوقاف أو للحكومة الأردنية الآن أن تحدد مصير المسجد الأقصى بصرف النظر عن الموقف الشرعي؟
كما أن القرار نظرياً -وفق ابحيص- يفتح باب الاعتكاف في الليالي التي لا تتبعها اقتحامات ويتابع: "شرطة الاحتلال لا تفرض اقتحامات للمستوطنين في أيام الجمعة والسبت وعادة ما توقف الاقتحامات في العشر الأواخر؛ أي أن القرار بهذه الطريقة يحمل إقراراً رسمياً من إدارة الأوقاف بالتقسيم الزماني للأقصى؛ فهل حقاً بات هذا موقف الحكومة الأردنية الرسمي؟
وأكد أن القرار يمنع الاعتكاف في الليالي التي تسبق اقتحامات الفصح العبري التي تمتد ما بين 15-21 وهذا يفوت على المصلين فرصة الدفاع عنه والرباط في كنفه، مشيرا إلى أن هذه القضية خطيرة لأنها كانت تحديداً محل جدل في العام الماضي، وقد فرض المعتكفون إرادتهم بالقوة رغم محاولة طردهم من الأقصى في ليلة التاسع من رمضان.
ويتساءل ابحيص: ما سر هذا الإصرار على الخطيئة المكررة؟ وما هي الحكمة من تجاهل كل هذه النداءات والمطالبات، والأحداث الكبرى الجارية في المسجد الأقصى، والتصرف كأن الاحتلال والاعتداءات والاقتحامات والخطر غير موجود؟
ويضيف: هل كانت شرطة الاحتلال وهي تخلي الأقصى من المعتكفين ليلة الأحد الماضي تنفذ قرار إدارة الأوقاف؟ أم العكس؟! ومتى تنتهي هذه الدوامة وتصحح البوصلة بالعودة للأصل الشرعي ولموقف جماهير فلسطين والأمة بفتح باب الاعتكاف في الأقصى في كل ليالي رمضان على الأقل.
اقتحامات مؤكدة
بدورها أعلنت منظمة "شباب هار إيل" عن نيتها تنفيذ اقتحام جماعي كبير للمسجد الأقصى، احتفالا بيوم "العالية" وهو اليوم العاشر من نيسان العبري ويرمز إلى الهجرات اليهودية من الشتات إلى فلسطين.
ودعت المنظمة أتباعها من المراهقين والشباب لاقتحام الأقصى ابتداءً من 2 نيسان/إبريل مرتدين قمصانًا زرقاء، تحمل عبارات الهيكل.
وتأتي هذه الاقتحامات تمهيدًا لـ"عيد الفصح" التوراتي الذي يبدأ مساء يوم الأربعاء، الخامس من نيسان/إبريل.
شعيب أبو سنينة المختص بقضايا القدس يوافق ابحيص في رأيه قائلا: "معنى الاعتكاف في اللغة هو ملازمة المكان بهدف حفظه، وهذا هو المعنى والهدف من الاعتكاف".
ولفت إلى أن جماعات الهيكل أرسلت للمقدسيين تخبرهم بأن اقتحامها يوم الأربعاء القادم بالتجمع عند العاشرة والنصف ليلا وهذه هي المرة الأولى، مع أن ما يسمى ذبح قرابين عيد الفصح ينتهي مع غروب شمس يوم الأربعاء، وهذا الأمر مخيف ومثير للتوجس، حسب أبو سنينة.
ويرى أن هناك نية مبيتة لمخططات خطيرة يوم الأربعاء القادم، بعد أن يغادر المصلون مع انتهاء صلاة التراويح حيث ينفرد المتطرفون اليهود بالأقصى، قائلا:" هناك 32 مسجدا في محيط الأقصى مفتوحة على الدوام، لماذا تقرر الأوقاف منع الاعتكاف في الأقصى فقط؟
ويؤكد أبو سنينة أن موقف الأوقاف سلبي جدا وما يفعلونه من محاولات تفريغ يندرج تحت الإذعان لفكرة التقسيم الزماني والمكاني، متسائلا: لمصلحة من يفرغ المسجد ويسمح بالاعتكاف في أيام الجمعة والسبت فقط، والعشر الأواخر؟
ويقول أبو سنينة غاضبا: "هكذا تكون الأوقاف سمحت للمتطرفين بإقامة عيدهم وتأدية طقوسهم بكل أريحية".