في هذه القصة موت، وروايتان، إحداهما كذبة رواها الاحتلال، حينما قال إن هناك شابا اقتحم باب السلسلة وحاول سرقة السلاح من أحد الجنود، وأخرى صادقة يرويها المارون من باب السلسلة، عن نخوة الشاب الذي تخرج حديثًا من الجامعة طبيبًا وجاء ليحيي الجمعة الثانية من رمضان.
الدكتور محمد العصيبي (26 عاما) من سكان حورة في النقب، كان يهم بالدخول إلى باب السلسلة حينما وقعت عيناه على الجنود وهم يسحلون صبية من ثيابها يريدون طردها من الساحات، فأخذته النخوة وحاول تخليصها من أيديهم، فأطلق الجنود النار عليه ليرتقي شهيدا.
القصة قصة القتل، واستسهال الجنود له واسترخاص أرواح شباب القدس، والبحث عن أي حجة لتفريغ الساحات من المصلين وإغلاق البوابات ومنع الصلاة في الأقصى التي أصبحت مثيرا مستفزا لهم، خاصة مع زيادة روادها ليلة بعد ليلة.
يقول الكاتب المقدسي أسامة برهم في وصف جريمة الأمس: "روايتان والنتيجة واحدة قيل أن سيدة أو فتاة أرادت الدخول إلى المسجد الأقصى من باب السلسلة بعد انتهاء صلاة التراويح، لا أحد يدخل والأبواب مفتوحة للخارجين من المسجد، بعد نقاش مع الجندي هناك حاول شاب جاء من أقصى الجنوب الفلسطيني للدفاع عنها، فاطلقوا عليه الرصاص وارتقى عند أبواب المسجد"
يضيف برهم: "قال الناطق بلسان جيشهم إن جنودا فحصوا شابا هناك فحاول خطف سلاح أحد الجنود فأطلقوا عليه الرصاص وأردوه قتيلا الرواية وتفاصيلها غير مهمة، لكن قتل شاب 26 عاما بلا سبب هي الحكاية الأهم، قرارات بفتح النار والتساهل بضغط الزناد كانت سببا في موت أحدهم".
ويتابع: "أعتقد أن الاثنين " السيدة والشاب" من خارج القدس، أرادا ان يتعبدا كما يليق بهذا الشهر، قيام ليل واعتكاف ورباط، جندي خائف من أي حركة ومن كل حركة قتل شابا بدم بارد، وقيادة الجيش تبرر القتل وتشرعن إطلاق النار، تلك هي تفاصيل القدس اليومية".
وادعى الاحتلال أنه قدم تسهيلات للمصلين، والتسهيلات يكسرها إجرامه ومضايقاته للنساء على البوابات وباستعداده الدائم بأن يقتل ويطلق الرصاص، هذا ما عبر عنه الكاتب الفلسطيني من الداخل المحتل بكر جبر زعبي قائلا: "منذ الصباح والمضايقات قائمة خصوصا للنساء، قالوا إنها تسهيلات في رمضان ليخدع العالم، ثم أوقفوا النساء بالآلاف على الحواجز في مشاهد لا تحصل في أي مكان في هذا العصر، إلا في هذه البؤرة ومن هذا النظام الاحتلالي الاستعلائي العنصري والكريه".
عائلة الشهيد طالبت بلجنة تحقيق لتعرض ابنها على الطب الشرعي، وقال محمد العطاونة من النقب المحتل إن ابن العائلة قُتل بدم بارد، مستذكرا ما حدث مع الشهيد يعقوب أبو القيعان ورواية شرطة الاحتلال التي كانت بذات الطريقة ثم اتضح بعد التحقيق بأنه قتل بدم بارد، وهذا ما يقوله شهود عيان من المقدسيين المتواجدين عند باب السلسلة.
أحد شهود العيان قال بعد الجريمة: "لم يكن الشهيد يحمل سكينا ولا سلاحا، لكنه انتخى لفتاة في باب السلسلة تهجم عليها الجنود، لو كانت عملية لما بقي المصلون بعد الحدث، ولكان الاحتلال أفرغ كل البوابات من المصلين وأغلقها".
وعلى صعيد ردود الفعل، اعتبر الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم، أن إطلاق جيش الاحتلال النار على شاب فلسطيني عند أحد أبواب المسجد الأقصى، جزء من الحرب الدينية التي يشنها على الفلسطينيين ومقدساتهم.
وقال قاسم: "الاحتلال يحاول أن ينتقم من أهلنا في القدس بعد الزحف الهادر في باحات المسجد الأقصى المبارك في صلاة الجمعة".