فايز أيوب الشيخ
تتسابق "سلطة فتح" مع ما يحدث في المنطقة العربية من متغيرات سياسية بالإعلان الشكلي عن التعديل الوزاري على حكومة فياض" غير الشرعية" و إجراء الانتخابات المحلية في الضفة الغربية دون غزة.
وتسعى سلطة فتح من وراء ذلك لتحسين صورتها المنبوذة على المستوى المحلي والعربي والغربي المناصر للحق الفلسطيني، خاصة بعد نشر الوثائق السرية التي كشفتها قناة الجزيرة والتي عرت السلطة في قضايا عديدة متعلقة بالمفاوضات والتنسيق الأمني مع الاحتلال، والالتفاف على حق اللاجئين في العودة.
وكانت المصادر الصحفية تحدثت مؤخراً أنه من المتوقع أن يتخذ رئيس السلطة المنتهية ولايته محمود عباس خلال الفترة المقبلة سلسلة من القرارات المتعلقة بمنظمة التحرير وإمكانية إجراء تعديل وزاري في "حكومة فياض"، إضافة إلى الانفراد بالضفة الغربية لإجراء الانتخابات المحلية في الصيف القادم واجراء الانتخابات العامة في سبتمبر القادم.
يرمون أحمالهم على عباس
ونأى عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد، بنفسه عن التدخل بشأن التعديل الوزاري لحكومة فياض وقال في تصرح لـ"الرسالة نت": "لا أريد أن أتدخل في التعديل الحكومي، ولا أحب الحديث في هذا الموضوع لأنه لا يعنيني ..!؟"، على حد تعبيره.
وكما سلفه، فضل المتحدث باسم "حكومة فياض" غسان الخطيب ألا يتحدث عن التعديل الوزاري لما اعتبره شأنا خاصا بعباس كان الأخير التزم به، ولاسيما في الاجتماع الأخير للمجلس الثوري لحركة فتح، في حين أوضح لـ"الرسالة نت" أنه لم يطرأ جديد على التعديل قائلاً :"نحن بالانتظار"، مضيفاً أنه ليس عنده أية معلومات عن انضمام كل فصائل المنظمة للتعديل.
ولم يختلف أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح أمين مقبول في طرحه عمن سبقه، فقال بدوره "عباس وعد في اجتماع الثوري الأخير بإجراء التعديل ونحن ننتظر تنفيذه "، مبيناً أن القرار النهائي يبقى بيد عباس في أن تكون الوزارات السيادية من حصة حركة فتح.
وأشار مقبول لـ"الرسالة نت" أن عباس أعلن منذ ثلاثة أشهر البدء بالمشاورات مع فياض لإجراء التعديل لكن السفر المتكرر للأخير عطل ذلك، مستبعداً أن تكون للتسريبات الأخيرة التي نشرتها قناة الجزيرة أية علاقة بالتأجيل.
وأوضح مقبول أن الانتخابات المحلية هي الأخرى "قرار يدور نقاشه في أروقة حركة فتح، حيث أن هناك قرار من المحكمة العليا بإجرائها، كما أن هناك قراراً آخر بإجراء بالانتخابات الرئاسية والتشريعية منذ فترة طويلة "، على حد قوله.
من ناحيته، أفصح عضو المجلس الثوري لحركة فتح زياد أبو عين "معظم الفصائل المنضوية تحت إطار المنظمة ستشارك في التعديل الوزاري الجديد لحكومة فياض، بما فيها الجبهة الشعبية"، وذلك ما نفاه لـ"الرسالة نت" قيادي رفيع بالجبهة الشعبية فضل عدم الدخول في التفاصيل أو مجرد ذكر اسمه.
ورفض "أبو عين" اعتبار أن تجديد الحديث عن التعديل الوزاري جاء بعد الأحداث والمتغيرات في مصر وتونس وقال: "من ضمن أسباب تأجيل التعديل الوزاري هي الأحداث التي تجري في المنطقة حتى لا يظن أحد أن السلطة تتعجل التعديل الوزاري خوفاً من أي شئ يطرأ عندها".
كما قلل أبو عين من قيمة تسريبات وثائق الجزيرة على حركته للدفع بإجراء التعديل الوزاري، زاعماً أن الوثائق عززت قيادة فتح والسلطة قائلاً:"إن عباس كان أكثر المستفيدين من تسريب الوثائق "، حسب زعمه.
يخفي حالة الإحباط
من ناحيته، اعتبر المستشار السياسي لرئيس الوزراء الدكتور يوسف رزقة، أن الحديث عن تعديل وزاري على حكومة فياض "غير الشرعية" في هذه الأيام "ليس جدياً وإنما للإعلام فقط ويخفي وراءه حالة من الإحباط التي تعيشها سلطة فتح"، معللاً ذلك بأن الأخيرة منشغلة وهي تترقب بحذر التحولات التي تطرأ على الساحة المصرية .
كما عبر رزقة لـ"الرسالة نت" عن توقعه بعدم مشاركة أي من الفصائل الأخرى المنضوية تحت إطار منظمة التحرير في التعديل الوزاري الجديد، وخاصة بعد ما نشرته من فضائح في وثائق الجزيرة "كشف المستور"، مستدلاً على قوله بأن جميع فصائل المنظمة عدا الجبهة الديمقراطية لم تشارك في حكومة فياض الأولى حينما كانت في حالة ووضعية أكثر استقراراً من الآن ..فما بالنا وهي تعيش أسوأ ظروفها من جميع الجوانب..!؟ .
وذكر رزقة أن الشعب الفلسطيني بجميع قواه الشبابية والنقابية والسياسية ناقم على سياسة القمع التي تمارسها "أجهزة فتح" في الضفة الغربية من الاعتقالات السياسية و الحالة الاقتصادية المتردية وارتفاع الأسعار والغلاء الفاحش، كما أنه ناقم بأثر تراكمي كبير على حالة الفساد المالي والإداري في "أجهزة السلطة" .
وحول ما إذا كانت خطوة التعديل الوزاري استدراكية من "سلطة فتح" لتحسين صورة حكومتها في الضفة الغربية قال رزقة:" إن التفكير بالتعديل الوزاري ليس هو المدخل الذي يمكن أن يفكر فيه عاقل يريد أن يستدرك الأمور"، مشدداً على أن الخطوات الاستدراكية التي يجب اتخاذها في الضفة هي " وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال ووقف الاعتقالات السياسية وكبح جماح التغولات الأمنية والإقلاع عن قمع حرية الرأي والتعبير وإعادة أنشطة عمل مؤسسات المجتمع المدني والخيري التي تم إغلاقها، إضافة إلى التصالح مع أبناء الشعب والتفاهم مع فئة الشباب والأحزاب والسياسيين والأكاديميين".
ونوه رزقة إلى أنه من المبكر التكهن بمخرجات أو نتائج الحالة المصرية الراهنة العربية بالقول "إن المجتمع العربي والبلاد العربية تشهد رياح تغيير ربما كانت بدايتها الأولى في فلسطين في عام 2006و2007 ثم انتقلت روح التغيير إلى تونس ثم خرجت إلى مصر، ومازالت هذه الروح التغيرية تتجول في المنطقة العربية".
غير أن رزقة عبر عن اعتقاده بأن أكثر الجهات المتأثرة سلبياً من المتغيرات في الساحة العربية هي "إسرائيل" ثم خيار التسوية والمفاوضات الذي تنتهجه بعض الأنظمة العربية و"سلطة فتح".
وذكر رزقة "أن قادة الاحتلال عبروا بشكل صريح عن خشيتهم مما وصفوها التطورات السلبية على عملية التسوية وعملية السلام مع مصر والأردن، وبالتالي فإن نظام عباس سيكون أكثر المتأثرين من هذه المتغيرات الجارية في الساحة العربية، وخاصة أن طموحات وتوجهات الشباب الفلسطيني والعربي تتناقض مع مشروع التسوية المذل التي تسير به سلطة فتح".
عبث سياسي وداخلي
من جانبه قلل النائب المستقل الدكتور حسن خريشة، من فكرة التعديل الوزاري على "حكومة فياض"، مؤكداً أنه "لن يكون لها لون ولا طعم ولإرائحة لأنها ستكون أصلاً فاقدة للشرعية لعدم نيلها ثقة المجلس التشريعي ".
واعتبر في حديثه لـ"الرسالة نت" أن مجرد التفكير في تعديلها "شكل من أشكال العبث السياسي والعبث الداخلي بالساحة الفلسطينية"، مشدداً على أن الحل الوحيد هو بإنهاء الانقسام وتشكيل حكومة وحدة وطنية وما عدا ذلك يبقى محاولات تجميلية وترقيعية للواقع المخزي الذي تعيشة "سلطة فتح" في الضفة الغربية.
وأضاف: "كل هذه المحاولات غير ضرورية ولا يبحث عنها المواطن الفلسطيني في الضفة، فهو بانتظار أن تصله المتغيرات التي تهب رياحها في المنطقة على أمل أن تعود القضية الفلسطينية إلى مركزيتها وعمقها وأساسها".
وانتقد خريشة انحياز فصائل اليسار المنضوية تحت منظمة التحرير للمشاركة في حكومة فياض بصورة أو بأخرى لأن مساهمتهم تعتبر تمييعا للأوضاع وتعزيزا لحالة الانقسام رغم كل الدعاوي التي يطلقوها لإنهاء الانقسام، مشدداً على أن أي تنظيم سياسي يحترم نفسه يجب عليه أن يلتزم بالقانون الأساسي والدستور لأنهم يدركوا تماماً أن الحكومة مرفوضة طالما لم تنل ثقة التشريعي، حسب تعبيره.
وتطرق خريشة إلى عدم جهوزية "سلطة فتح" لإجراء الانتخابات المحلية في الضفة الغربية، قائلاً :"عندما يزداد المطلب في إجرائها تلجأ السلطة لتأجيلها تحت ذرائع مختلفة لا أساس لها، وذلك لعلمهم بعدم فوزهم، حيث فشلوا في عمل أي لجنة أو قائمة لهم في المدن الكبرى، وذلك رغم قرار المحكمة بإجرائها".