عيد (الفصح اليهودي) وتصاعد الاعتداء على الأقصى.. إليك القصة كاملة

عيد (الفصح اليهودي) وتصاعد الاعتداء على الأقصى.. إليك القصة كاملة
عيد (الفصح اليهودي) وتصاعد الاعتداء على الأقصى.. إليك القصة كاملة

غزة- الرسالة نت

تصعّد أذرع الاحتلال من استهدافها للمسجد الأقصى المبارك، في محاولة لتجاوز الوجود المؤقت للمستوطنين داخل الأقصى في أوقات الاقتحام شبه اليومية، ليتحول بفعل هذه الاعتداءات والمخططات إلى وجودٍ دائم في جزءٍ من ساحات المسجد، وهي الخطوة الأولى لفرض سيطرة الاحتلال الكاملة على الأقصى وتطبيق رؤيتهم حول "المعبد"، وفي سعيها إلى تحقيق هاذ الوجود، تعمل سلطات الاحتلال على إنهاء الحصرية الإسلامية للمسجد، وضرب المكونات البشرية الإسلامية في الأقصى، في مقابل رفع كثافة الوجود اليهودي وحجمه عامًا بعد آخر، عبر مجموعةٍ من الأدوات، أبرزها اقتحام المسجد بشكلٍ شبه يومي، وتكثيف هذه الاقتحامات بالتزامن مع "الأعياد والمناسبات اليهودية".

وشكل عام 2019 محطة صعدت خلالها سلطات الاحتلال حدة اعتداءاتها بحق الأقصى، وخاصة عندما تتزامن الأعياد اليهوديّة مع الأعياد الإسلاميّة، في محاولةٍ لضرب المواسم الإسلامية، وترسيخ أولوية الوجود اليهودي في المسجد، وهي أولوية تنطلق من "الأحقية الدينية" المدعاة لدى المستوطنين، وفائض القوة الذي تفرضه سلطات الاحتلال على أرض الواقع. وقد تضمنت هذه الأولوية استيعاب الوجود البشري اليهودي داخل الأقصى، وما يرافقه من تقديم للدروس والجولات والشروحات التوراتية والتلمودية، وأداء الطقوس الدينية والتلاوات التوراتية، في سياق تجاوز التقسيم الزماني والمكاني، والمضي نحو تأسيس "المعبد" معنويًا بشكل عملي، عبر أداء كل الصلوات التي تتصل بـ"المعبد" داخل المسجد الأقصى.

ومع اقتراب "الفصح العبري" في شهر نيسان/إبريل 2023، أطلقت منظمات الاحتلال المتطرفة استعداداتها لتدنيس المسجد وفرض أجنداتها خلاله، وخاصة أنه العيد الأطول الذي يتزامن مع مناسبةٍ إسلامية، إذ يتزامن وللعام الثاني مع الأسبوع الثالث من شهر رمضان.

وقد بدأت "منظمات المعبد" تحشد أنصارها لرفع أعداد مقتحمي الأقصى، وأداء المزيد من الطقوس اليهودية المرتبطة في "المعبد" على غرار الصلوات الجماعية والسجود الملحمي، وإثارة قضية تقديم "قرابين الفصح" للعام الثاني على التوالي.

ونتناول في هذه المادة تطور الاعتداء على الأقصى بالتزامن مع "عيد الفصح"، وتسخير "منظمات المعبد" لهذا العيد لفرض المزيد من الطقوس اليهودية داخل الأقصى، إلى جانب ترسيخ "الفصح" واحدًا من أبرز مواسم اقتحام الأقصى، مرورًا بقضية تقديم "القربان"، وكيف عملت هذه المنظمات على تقريب طقوس "القربان" من المسجد الأقصى عامًا بعد آخر.

"الفصح" أحد مواسم الحج عند اليهود

بحسب كتاب موسوعة اليهود واليهوديّة والصهيونيّة للدكتور عبد الوهاب المسيري، يُطلق على "الفصح" لفظ "بيساح" في اللغة العبرية، ويأتي في معنى العبور، وتكمن أهميته بأنه أول أعياد الحج اليهوديّة، وهو العيد الذي يحتفل فيه اليهود بذكرى نجاة "شعب يسرائيل من العبودية في مصر ورحيلهم عنها". يحتفل فيه اليهود ما بين 15 و21 نيسان/إبريل بالتقويم العبري . وتُعد طقوس الاحتفال بالعيد كثيرة ومعقدة، إذ تستمر الاحتفالات فيه سبعة أيام متتالية، من بينها أربعة أيام يتناول فيها اليهود خبز الفطير الخالي من الخميرة والملح .

وبحسب المصادر العبرية يُعد ذبح "القربان" واحدًا من أبرز طقوس هذا العيد، إذ كانوا يقومون بالذبح على نطاق الأسرة، كما كان الكهنة يقومون بذلك، ويسكبون دماء القرابين – بحسب المصادر اليهوديّة- على قاعدة "المذبح" في "المعبد" ، و"القربان" إما أن يكون حملًا أو شاةً أو جديًا من الماعز ، يتم ذبحه مساء الرابع عشر من نيسان في الليلة السابقة لأول أيام "الفصح"، ثم يقومون بشوائه على النار، ويأكلونه مع فطير وأعشاب مرة، ويمنع غير اليهود من أكل أي جزءٍ منه .

وتدّعي المصادر اليهوديّة بأن "المذبح" يقع في صحن مصلى قبة الصخرة داخل المسجد الأقصى المبارك، في الفضاء المفتوح بين قبة السلسلة والدرجات المؤدية إلى صحن المصلى . وإلى جانب هذا الموقع ترى "السنهدرين" الجديد أن موقع المذبح عند قبة السلسلة، ففي كلمة ألقاها الحاخام يهودا كروزر أثناء اقتحام المسجد الأقصى في 4/4/2022، تناولت تقديم "القربان" داخل الأقصى قال فيها: "كل شيء جاهز لتقديم ذبيحة الفصح في جبل المعبد وفي الوقت المحدد، هنا مكان المذبح (مشيرًا إلى قبة السلسلة) وهناك خِراف بلا عيوب وكهنة جاهزون وملابسهم جاهزة، ينقصنا فقط تغيير الوعي وأن نخطو الخطوة الأولى" .

اقتحامات الأقصى تتصاعد سنويًا في عيد "الفصح"

تعمل أذرع الاحتلال على تكثيف اعتداءاتها على المسجد الأقصى إبان الأعياد والمناسبات اليهودية، ويُعد "عيد الفصح" العبري واحدًا من أبرز هذه الأعياد، إن من حيث عدد أيام الاحتفال به التي تمتد إلى سبعة أيام، أو من حيث كونه أحد أعياد الحج الثلاثة لدى اليهود، وهو ما حول اقتحام المسجد الأقصى بأعدادٍ كبيرة واحدًا من أبرز أهداف "منظمات المعبد" خلال السنوات القليلة الماضية، وفي النقاط الآتية، رصدٌ لأعداد مقتحمي المسجد الأقصى في "عيد الفصح" ما بين عامي 2016 و2022.

-      في عام 2016 اقتحم الأقصى 1058 مستوطنًا بالتزامن مع "عيد الفصح"، ما بين 24 و28 نيسان/أبريل 2016 .

-      في عام 2017 اقتحم المسجد الأقصى أكثر من 1200 مستوطن، ما بين 11 و17 نيسان/أبريل 2017 .

-      في عام 2018 بلغ عدد المستوطنين الذين اقتحموا الأقصى خلال أيام "الفصح"، بحسب دائرة الأوقاف الإسلامية نحو 2409 مستوطنًا ، ما بين 31/3/2018 و6/4/2018 .

-      في عام 2019 اقتحم المسجد الأقصى 2230 مستوطنًا، ما بين 19 و25/4/2019 .

-      في عام 2020 لم يشهد المسجد الأقصى اقتحامات بالتزامن مع "الفصح" العبري، على أثر إغلاق المسجد الأقصى لـ 69 يومًا، ففي 22/3/2020 أعلن مجلس الأوقاف إغلاق الأقصى بشكلٍ كامل، واستمر الإغلاق حتى تاريخ 19/5/2020، ففيه أعلن المجلس إعادة فتح أبواب الأقصى، ودخول المصلين إلى المسجد بعد عيد الفطر في 30/5/2020 .

-      في عام 2021 اقتحم المسجد الأقصى 2229 مستوطنًا، ما بين 29/3/2021 و4/4/2021 .

-      في عام 2022 اقتحم الأقصى نحو 3670 مستوطنًا، ما بين 15/4/2022 و21/4/2022 .

"قربان الفصح" طقسٌ يهودي يقترب من الأقصى عامًا بعد آخر

تضع المنظمات المتطرفة قضية تقديم "القربان" داخل المسجد الأقصى نصب عينيها منذ سنواتٍ طويلة، إذ تعمل على الاقتراب من المسجد الأقصى، وتتدرب على تقديمه قبيل حلول "الفصح" سنويًا، وفي عام 2022 شهدت قضية تقديم "القربان" تفاعلًا كبيرًا، إن في وسائل الإعلام، أو من خلال تصريحات الفصائل والأطراف المعنية بالشأن الفلسطيني، ومن الجدير التأكيد أن إفشال إدخال القرابين إلى المسجد الأقصى ليس هو ذروة مواجهة الاعتداءات في "الفصح العبري" بل هو باكورته، إذ أن مخاطر الاقتحامات وما تتضمنه من أداء للطقوس اليهوديّة العلنية ماثلة، وقد تحولت في السنوات الماضية إلى واحدة من أبرز استراتيجيات الاحتلال، ونسقًا مستمرًا من التصعيد، ما يعني أن عدم قدرة منظمات الاحتلال المتطرفة على إدخال "القربان"، فرصة لبذل المزيد من الجهد لمنع اقتحامات الأقصى بشكلٍ كامل.

وأشارت تقارير عين على الأقصى الصادرة عن مؤسسة القدس الدولية، تصاعد سعي "جماعات المعبد" إلى ذبح "قربان" الفصح منذ عام 2016، وقد شهدت السنوات التالية تدريبات لتقديم القربان في أماكن مختلفة من القدس المحتلة، ولكن اللافت فيها أن التقديم اقترب إلى الأقصى جغرافيًا أكثر فأكثر.

 ففي عام 2016 ذبحت المنظمات المتطرفة "قربان الفصح" في مستوطنة "بيت أوروت" على جبل الزيتون. وفي عام 2017 قُدم القربان في ساحة المسجد العمري الكبير أمام "كنيس الخراب"، وكان الأمر المستجد حينها، أنها المرة الأولى التي تقدم فيها المنظمات المتطرفة القربان داخل البلدة القديمة.

 أما في عام 2018 فقد تم تقديمه في القصور الأموية ملاصقًا لسور المسجد الأقصى المبارك، ثم في عام 2019 قُدم على سطح سوق اللحامين في مقابل الرواق الغربي للأقصى في البلدة القديمة للقدس.

 ونتيجة انتشار وباء كورونا في عام 2020، لم تقدم المنظمات المتطرفة قرابين الفصح في ذلك العام. أما في عام 2021 قدم على سطح أحد المباني التهويدية المجاورة لباب المغاربة في سور المدينة من الداخل.

 وفي عام 2022 تم إجراء هذه التدريبات في أقرب نقطة من المسجد الأقصى، في القصور الأموية.

ولم تكن فكرة التدرب على "القربان" هي الصورة الوحيدة لاستعدادات المنظمات المتطرفة، بل شهدت السنوات الماضية محاولاتٍ لإدخال "القربان" إلى داخل الأقصى، ففي 21/4/2016، وعشية عيد "الفصح العبري"، أصدر قائد الجبهة الداخلية في جيش الاحتلال أمرًا بمنع عدد من الناشطين اليهود من دخول القدس المحتلة، حتى انتهاء أيام العيد، وجاء القرار على خلفية معلومات استخباريّة تفيد بأن النّشطاء سيقيمون حفلاً لتقديم قربان الفصح في الأقصى.

 وكان أحد هؤلاء المتطرف رفائيل موريس الذي كُرم في "الكنيست في 7/11/2016، على خلفية اعتقاله من قبل شرطة الاحتلال وهو في طريقه إلى المسجد الأقصى، ومعه ماعز حيّ كان سيستخدمه لتقديم ذبيحةٍ بمناسبة "عيد الفصح اليهوديّ".

ولم تكن هذه هي المحاولة الوحيدة، ففي 9/4/2017 اعتقلت شرطة الاحتلال خمسة من نشطاء "المعبد"، كانوا يخططون لتقديم قربان "الفصح" في المسجد الأقصى.

وخلال مدة إغلاق المسجد الأقصى في عام 2020، قدم ناشطون من "منظمات المعبد" بطلبٍ إلى رئيس وزراء الاحتلال حينها بنيامين نتنياهو، يتضمن السماح بتقديم "قربان" عيد "الفصح اليهوديّ" داخل المسجد الأقصى، وذلك لوقف انتشار فيروس كورونا في دولة الاحتلال بحسب ادعائهم، وعلى الرغم من أن مثل هذه الطلبات يتم رفضها مباشرة، إلا أن شرطة الاحتلال رفعت الطلب إلى وزير الأمن الداخلي حينها جلعاد إردان للنظر فيه ، وعلى الرغم من رفض الطلب عدّت "منظمات المعبد" هذه الخطوة تطورًا إيجابيًا يتماهى مع استراتيجيتها في استهداف المسجد الأقصى.

وفي نهاية شهر آذار/مارس 2021 كشفت المنظمات المتطرفة أن شرطة الاحتلال اعتقلت في 25/3/2020 اثنين من أعضائها خططا لتهريب حمل صغير، لتقديمه قربانًا عن "الشعب اليهودي" داخل الأقصى، وذكرت أن محاكم الاحتلال لم تقم بأي ردة فعل تجاههم، وتبين أن رئيس حركة "العودة إلى جبل المعبد" المتطرف رفائيل موريس، كان من بين المعتقلين الذين فُتشت بيوتهم، وكان موريس قد نشر في وقتٍ سابق صورة له مع حملٍ يُعده للذبح في "المعبد" خلال أيام الفصح العبري.

وشكل عيد "الفصح العبري" أبرز مواسم الاعتداء على الأقصى في أشهر الرصد، خاصة أنه تزامن مع الأسبوع الثالث من شهر رمضان، وهو موسم يشهد وجودًا إسلاميًا لافتًا، واستطاع المرابطون فرض الاعتكاف في الأقصى منذ الأيام الأولى لشهر رمضان. وقد استبقته المنظمات المتطرفة بدعوة أنصارها إلى تقديم القرابين داخل الأقصى، وعقد اجتماع لكبار حاخامات الاحتلال داخل الأقصى في 4/4/2022، وفي اليوم نفسه قال الحاخام يهودا كروز، وهو أحد حاخامات "السنهدرين الجديد" في كلمة ألقاها لمرافقيه من المستوطنين داخل الأقصى: "كل شيء جاهز لتقديم ذبيحة الفصح في جبل المعبد، وفي الوقت المحدد هنا مكان المذبح - مشيرًا الى قبة السلسلة- هناك خراف بلا عيوب، وهناك كهنة جاهزون وملابسهم جاهزة؛ ينقصنا فقط تغيير الوعي وأن نخطو الخطوة الأولى".

ولم تقف تحضيرات "منظمات المعبد" عند التصريح فقط، بل أطلقت عبر وسائل التواصل الاجتماعي حملة لدعوة أنصارها إلى اقتحام الأقصى، ونشر فكرة "القربان"، ففي 6/4/2022 دعت المنظمات المتطرفة جمهورها إلى اقتحام الأقصى بالتزامن مع العيد، وتضمن الإعلان صورة لخروفٍ صغير، في إشارة إلى مركزية تقديم "القربان" في مخططها لهذا العام. وألحقت هذه الدعوة بنشر برامجها للاقتحامات، في سياق رفع أعداد المشاركين في اقتحامات "الفصح"، ففي 7/4/2022 أعلنت المنظمات المتطرفة عن برنامج اقتحاماتها للمسجد الأقصى في أيام العيد العبري، وتضمن البرنامج مشاركة حاخامات ومتطرفين.

وإلى جانب تشجيع المستوطنين، حاولت "منظمات المعبد" أن تحول فكرة "القربان" إلى فعلٍ واقع، ووجدت أن إغراء المستوطنين بالمكافآت المالية سيعزز إمكانية وجود من يُمكن أن يقوم به. ففي 12/4/2022 أعلنت "منظمات المعبد" عن مكافآت مالية لمن يقدم "القربان"، تصل إلى عشرة آلاف شيكل (نحو 3100 دولار أمريكي)، وشملت قائمة المكافآت مبلغ 800 شيكل (نحو 250 دولار أمريكي) لمن يستطيع إدخال القربان إلى الأقصى من دون ذبحه.

ومع حلول "عيد الفصح" صعدت أذرع الاحتلال اعتداءاتها على الأقصى ومكوناته البشرية الإسلامية، ففي 15/4/2022 بالتزامن مع اليوم الأول للعيد أدت اقتحامات الاحتلال الوحشية إلى إصابة أكثر من 150 فلسطينيًا ، واعتقلت قوات الاحتلال نحو 500 مرابطٍ من داخل الأقصى، نُقل 200 منهم إلى مركز "المسكوبية" للتحقيق معهم ، في محاولة لإنهاء حالة الرباط التي بدأت في المسجد الأقصى منذ الأيام الأولى من شهر رمضان، واستخدم المرابطون أساليب الإرباك الصوتي وإغلاق مسارات الاقتحام بالحجارة والردم، وأطلقوا الألعاب النارية في وجه المقتحمين، وهذا ما منعهم من أداء طقوسهم اليهودية بشكلٍ علني وكامل . وبلغ عدد مقتحمي الأقصى في أيام عيد "الفصح اليهودي" نحو 3670 مستوطنًا ما بين 17 و24 نيسان/أبريل 2022.

استعدادات أذرع الاحتلال لاقتحامات "الفصح" في 2023

يأتي "عيد الفصح" اليهودي لهذا العام ما بين 6 و12 نيسان/أبريل 2023، ويتزامن مع الأسبوع الثالث من شهر رمضان ما بين 15 و21 منه، ومع اقتراب "الفصح" تصاعدت مؤشرات التصعيد في الأراضي الفلسطينية، فقد عملت سلطات الاحتلال وأذرعه المختلفة على تطبيق العديد من الإجراءات على الصعد العسكرية والميدانية والسياسية، في محاولة لتطويق أي إمكانية لتفجر الأحداث في المدينة المحتلة، والمضي قدمًا في استهداف الأقصى وتطبيق أطروحات "منظمات المعبد".

فعلى الصعيد الأمني شكلت التدريبات الأمنية أول مؤشرات الحشد العسكري (الإسرائيلي) الاستباقي، فقد أجرت شرطة الاحتلال في 26/2/2023 مناورات واسعة استعدادًا للتصعيد المرتقب في الضفة الغربية والقدس المحتلتين.

 وبحسب وسائل إعلام عبرية تخلل المناورة تدريباتٍ عديدة، تركزت على اندلاع توترات في المدن الفلسطينية. وفي منتصف شهر آذار/مارس كشفت مواقع عبرية أن جيش الاحتلال سيعزز من قواته في الضفة الغربية والقدس المحتلتين بالتزامن مع شهر رمضان، وبحسب وسائل الإعلام العبرية عززت قوات الاحتلال عناصرها في القدس المحتلة بنحو ألفي عنصر، وبحسب موقع "والّلا" العبري ستركز شرطة الاحتلال على أيام الجمع خلال شهر رمضان، وزعم الموقع، بأن قوات الاحتلال أحبطت 25 عملية في القدس المحتلة.

ومع حلول شهر رمضان استهدفت قوات الاحتلال اعتكاف الفلسطينيين في الأقصى، فقد استطاع المعتكفون في عام 2022، من صد الاقتحامات نتيجة وجودهم في المسجد طوال الليل، ومع بداية شهر رمضان بدأ عشرات الفلسطينيين بالاعتكاف في المسجد الأقصى، إلا أن قوات الاحتلال عملت على إنهاء الاعتكاف، ففي 26/3/2022 اقتحمت قوات الاحتلال الأقصى، واعتدت على المعتكفين داخل المصلى القبلي، وأخرجتهم من المسجد بالقوة، وكشفت مصادر مقدسية، إلى أن قوات الاحتلال كانت تمنع المصلين الذين يخرجون من الأقصى من العودة إليه.

وإلى جانب المعتكفين صعدت سلطات الاحتلال من إصدار قرارات الإبعاد بحق المرابطين والمرابطات، في محاولة لمنع أي وجودٍ إسلامي في المسجد بالتزامن مع اقتحامات المستوطنين، التي من المتوقع أن تتصاعد بالتزامن مع "عيد الفصح" اليهودي.

أما "منظمات المعبد" فقد أطلقت استعداداتها لاستهداف الأقصى في رمضان قبل نحو شهرين من موعد "عيد الفصح"، ففي 21/2/2023 أعلنت "منظمات المعبد" بدء استعداداتها لاقتحام الأقصى بالتزامن مع "عيد الفصح" اليهودي، ودعت المنظمات المتطرفة أنصارها إلى المشاركة الحاشدة في اقتحام الأقصى، وأعلنت أنها ستوفر لهم نقلًا مجانيًا، وتوفير دليل أو مرشد داخل المسجد مجانًا، إضافة إلى إمكانية دمج اقتحام الأقصى مع زيارة إلى مركز لغربلة تراب الأقصى".

 وهو ما تكرر في محطات لاحقة من بينها إعلان لمنظمة "جبل المعبد بأيدينا" في شهر آذار/مارس تضمن برنامجًا "للجولات" أي اقتحام الأقصى في أيام "الفصح"، بمشاركة عددٍ من المتطرفين من بينهم أرنون سيغال، وتوم نيساني وعدد من أعضاء الكنيست السابقين، وقد أشار الإعلان إلى أن هذه الاقتحامات مفتوحة للأطفال.

عملت المنظمات المتطرفة على تهيئة الأوضاع لتقديم "القرابين" داخل الأقصى أو في أقرب نقطة منه خلال أيام العيد، ففي 19/3/2023 دعا عددٌ من حاخامات "المنظمات المتطرفة" جمهور المستوطنين لتقديم "قرابين الفصح" داخل الأقصى، فقد وجه رئيس "مدرسة جبل المعبد" الدينية الحاخام إلياهو ويبر، ورئيس "مدرسة جبل صهيون" الدينية الحاخام يتسحاق براند رسالة من داخل المسجد الأقصى، دعوا فيها "كل يهودي لأن يستعد لتقديم قربان الفصح" خلال العيد القادم.

 وفي خطوة تهدف إلى استفزاز مشاعر المقدسيين نشرت جهات عبرية إعلانات في البلدة القديمة عن حاجاتها لأماكن للاحتفاظ بالأغنام، في إشارة إلى تقديم قرابين "الفصح" العبري في أقرب نقاط ممكنة من المسجد.

وتضمنت الإعلانات الأولى تقديم القرابين ليلًا في وقت لاحق لصلاة التراويح، إلا أن شهية أذرع الاحتلال تصاعدت مع اقتراب "الفصح"، ففي 29/3/2023 كشفت مصادر عبرية أن 15 من كبار حاخامات المنظمات المتطرفة ناشدوا رئيس الحكومة (الإسرائيلية) بنيامين نتنياهو ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، السماح لهم بذبح قرابين "عيد الفصح" في باحات المسجد الأقصى. كما توعد حاخام متطرف بذبح القرابين داخل المسجد الأقصى بالقوة، على أثر إطلاق جماعات المستوطنين دعوات للتجمع ما بين الساعة 3:50 عصرًا والساعة 7 مساءً قرب الأقصى لتقديم القرابين.

وعلى غرار العام الماضي أعلنت "منظمات المعبد" عن مكافآت مالية لمن يستطيع إدخال القربان إلى الأقصى أو تقديمه بالفعل، ففي 30/3/2023 وتحت عنوان "هذا العام سنفرض القربان" أعلنت منظمة "العودة إلى جبل المعبد" عن مكافآت مالية لكل مستوطن تعتقله شرطة الاحتلال أثناء مشاركته في قربان "الفصح"، وسيحصل كل مستوطن يعتقل أثناء التحضيرات على 500 شيكل (نحو 140 دولار)، أما من يتم اعتقاله داخل البلدة القديمة وهو يحمل القربان فسيحصل على 1200 شيكل (نحو 330 دولار أمريكي)، ومن يُعتقل داخل المسجد الأقصى وهو يحمل "نعجة الفصح" يصل تعويضه إلى 2500 شيكل (نحو 690 دولار أمريكي)، فيما تبلغ مكافأة من يذبح القربان داخل المسجد الأقصى 20 ألف شيكل (نحو 5500 دولار أمريكي).

 وتُشير الأرقام إلى تضاعف المكافآت عن العام المنصرم، مع تصعيد مطالبات المنظمات المتطرفة إلى السماح بتقديم القربان كجزء أساسي من العدوان على الأقصى في عيد "الفصح".

ومع اقتراب "عيد الفصح"، تستمر المنظمات المتطرفة بحشد أنصارها، ففي 28/3/2023 نشرت "منظمات المعبد" إعلانًا تدعو فيه جمهورها إلى التجمع أمام أبواب الأقصى عشية "عيد الفصح" في 5/4/2023، وإحضار "القرابين" حية لذبحها داخل الأقصى، وحدد الإعلان الساعة 10:30 ليلًا للتجمع، وأشار إعلان المنظمات إلى أنها حالة "طوارئ"، وأكدت لجمهورها بأن عليهم ألا يفوتوا "قربان الفصح في المعبد".

أبرز الاعتداءات المتوقعة في "الفصح"

شهدت السنوات الماضية جملةً من الاعتداءات بحق الأقصى والمقدسيين بالتزامن مع "الفصح" العبري، تقوم عليها أذرع الاحتلال الأمنية إضافةً إلى "منظمات المعبد"، ومن خلال استقراء ما جرى في السنوات الماضية، وما تقوم به المنظمات المتطرفة من دعوات وحشد، يمكننا توقع مجموعة من الاعتداءات نذكر من بينها:

 استمرار استهداف الاعتكاف في الأقصى، وخاصة مع اقتراب أيام "الفصح"، وإمكانية اقتحام قوات الاحتلال للأقصى في ساعات الليل، في حال بقاء عشرات الفلسطينيين للاعتكاف في المسجد.

تشديد إجراءات الاحتلال الأمنية في أيام العيد، وفرض إجراءات عمرية وأمنية في الطرق المؤدية إلى المسجد الأقصى، ومحاولة تقليل أعداد المصلين القادمين من الأراضي الفلسطينية المحتلة أو الضفة الغربية في أيام "الفصح".

تنظيم اقتحامات حاشدة للأقصى طيلة أيام العيد العبري، وهي دعوات أطلقتها "منظمات المعبد" منذ نحو شهرين، وتوعدت خلالها مضاعفة أعداد مقتحمي المسجد لهذا العام، وقد بلغ عدد المستوطنين الذين اقتحموا الأقصى ما بين 15/4/2022 و21/4/2022 نحو 3670 مستوطنًا.

اقتحام قوات الاحتلال لمصليات الأقصى المسقوفة، في محاولة لاستهداف المرابطين في الأقصى، واستخدام القوة إن لإخراجهم من المسجد، واعتقال عشرات المرابطين من داخل المسجد.

مشاركة حاخامات الاحتلال وأعضاء حاليين وسابقين في "الكنيست" (الإسرائيلي) في اقتحام المسجد.

إصابة عشرات الفلسطينيين في المواجهات داخل المسجد الأقصى، وفي الأزقة المحيطة به.

تنفيذ جملة من الطقوس اليهوديّة بالتزامن مع الاقتحامات، وهي:

إدخال "فطير العيد" إلى باحات الأقصى.

أداء الصلوات اليـهوديّة العلنية، وبشكلٍ جماعيّ، ومن أبرزها السجود الملحمي الكامل.

محاولة إدخال القربان إلى الأقصى، إن كان عشية العيد، أو في أيامه التالية، وفي حال فشلت هذه الخطوة، ستنفذ المنظمات المتطرفة خطواتٍ تتصل بالقربان فعلية عبر نثر الدم في صحن قبة الصخرة أو نثر النبيذ بديلًا عن الدم، أو إدخال دمية على هيئة قربان "الفصح".

اقتحام الأقصى بـ"لباس التوبة" التوراتي، في إشارة إلى حضور "الكهنة" داخل الأقصى، ودورهم في البناء المعنوي والفعلي "للمعبد".

المصدر: مؤسسة القدس الدوليّة

البث المباشر