"أعياد الاحتلال" و"ذبح القرابين" ثوب آخر لتهويد المسجد الأقصى

مؤمن بركة

تصاعدت، خلال العام الجاري، الانتهاكات في المسجد الأقصى وسُجّل بعضها كسابقة اعتبرتها جماعات الهيكل المتطرفة مكاسب جديدة لها ما بعدها. وقد يكون هذا العام أقسى الأعوام التي مرّت على المسجد الأقصى، ففيه نفذ المستوطنون اعتداءات استثنائية دفعت جماعات الهيكل المتطرفة للإعلان أنها أتمت كل الأهداف التي وضعتها لنفسها في "الأقصى" خلال الأعياد التوراتية، وأنها قطعت شوطاً على طريق فرض كافة العبادات التوراتية فيه. كما يُتوقع تصاعد العدوان ضد الأقصى في شهر أبريل الجاري؛ إذ سيتزامن ما يُسمّى "عيد الفصح العبري" بأيامه السبعة مع شهر رمضان، وتحديداً في الأسبوع الثالث من الشهر الفضيل، ويتوقع أن تصرّ جماعات الهيكل خلال هذا العيد على اقتحام الأقصى في كل أيامه، وعلى محاولة تقديم "قربان الفصح" في باحاته، وهي المحاولة التي تعمل على فرضها بشكل عملي منذ عام 2015. تضاعف الخطر في خطوة غير مسبوقة، حين طلب 15 حاخاماً من حزب "الصهيونية الدينية" من حكومتهم السماح لهم بـ "ذبح قرابين عيد الفصح" في المسجد الأقصى، فمنذ بداية شهر رمضان، تكثفت دعوات واستعدادات "جماعات الهيكل" المزعوم وحاخاماتها لتقديم ما يسمى "قربان الفصح" داخل الأقصى وتحديداً يوم الاربعاء المقبل الموافق 05/04/2023. تزامناً مع ما أعلنه الاحتلال بفرض إغلاق على الضفة الغربية وقطاع غزة، وإغلاق الحواجز كافة خلال فترة العيد.

وفي خطوة تمهيدية أقامت ما تسمى جماعات "جبل الهيكل" "بروفات" على ذبح القرابين، وذلك على مقربة من المسجد الأقصى. وحقيقة الأمر أن المتطرفين من المستوطنين اليهود، دأبوا منذ سنوات على محاولة تقديم القرابين داخل المسجد تمهيداً للشروع في هدمه. ووفقًا للتعاليم التوراتية فإن القربان يجب أن يُذبح عشية ما يُسمّى "عيد الفصح"، وأن ينثر دمه عند قبّة السلسلة التي يزعم المتطرفون أنها بُنيت داخل ساحات المسجد الأقصى لإخفاء آثار المذبح التوراتي، ما دفع المجموعات اليهودية لرصد مكافآت مالية مقابل الإقدام على هذه الخطوة. ورغم أنه من غير المتوقع أن تسمح قوات الاحتلال "الإسرائيلي"، لأي من متطرفي المستوطنين بذبح القربان داخل الحرم، إلا أن يوم غد والأيام التي تليه ستشهد اشتباكاً، لا أحد يعلم حتى اللحظة مداه، خاصة أن عيد فصح اليهود يتزامن هذا العام مع شهر رمضان المبارك.

يوظف الاحتلال هذه الأعياد كرافعة لمشروعه في تهويد المسجد الأقصى للوصول للإحلال الديني والسيطرة عليه. كما يحاول استغلال غلاة المستوطنين لتمرير مخططاته في السيطرة على المكان دون تحمل مسؤولياته القانونية كقوة احتلال، رغم أنه يغطيها بالكامل سياسيًا وأمنيًا. هذه الخطوة من شأنها أن تُدخل المنطقة ككل في حرب دينية مفتوحة، فلن يقبل الفلسطينيون بكل مكوناتهم السياسية والمجتمعية والجغرافية والدينية تمرير هذه الجريمة، مهما كان الثمن، والأيام الاخيرة خير شاهد على مركزية الأقصى في عقيدة الفلسطينيين الوطنية، حتى أصبح مصطلح "الاعتكاف الإسلامي" مقابل "الاقتحام الاستيطاني" يمثل عنوان المعركة وخطّها الفاصل.

لكن يبقى السؤال المركزي: هل سيبقى الفلسطينيون لوحدهم في معركة الدفاع عن مقدسات الأمّة وكرامتها، أين الدول العربية والإسلامية وجيوشها ومنظماتها وشعوبها وقواها الحية، وخاصة في المملكة الأردنية الهاشمية، صاحبة الولاية على المقدسات، من هذه المواجهة المصيرية؟ والتي لم يعد يجدي فيها البيانات والاتصالات الديبلوماسية والشكاوى لمجلس الأمن.

 

البث المباشر