عامان على سيف القدس.. المعركة التي فرضت معادلة جديدة 

الرسالة نت-رشا فرحات

تمر علينا هذه الأيام الذكرى الثانية لمعركة سيف القدس، التي تأتي حاملة معها ذكرى زمام المبادرة الفلسطينية، وتغيير الواقع ومعايير المواجهة في المنطقة، فأصبح بعدها المسجد الأقصى خطا أحمر وأي اعتداء عليه يأجج الأوضاع ويجمع كل الوطن على كلمة واحدة.

وعلى الرغم من محاولات الاحتلال تهويد الأقصى وتقسيمه من خلال الاقتحام أو محاولة أداء الطقوس اليهودية المتطرفة، وإبعاد واعتقال مرابطي الأقصى، وتهميش دور الأوقاف وإلغائه تقريبا، إلا أنه حتى اللحظة يقدم رجلا ويؤخر أخرى، ويعيد حساباته كل يوم مائة مرة، منذ نهاية المعركة التي رسخت قواعد جديدة.

المعادلة التي فرضتها المقاومة قبل عامين أعادت محاولات الاحتلال تقسيم الأقصى لخطوات طويلة إلى الوراء، وقد بات يعمل للمقاومة ألف حساب، وقد دفع ثمنه باهظا من خلال تضامن العالم الكبير مع القضية الفلسطينية.

المحلل العسكري يوسف الشرقاوي يرى في مقابلة مع (الرسالة) أن سيف القدس قد أرست قاعدة قوية للمقاومة مع الاحتلال، فقد وحدت الساحات، وغدا واقع المسجد الأقصى محميا وأكثر قوة، ورفعت من معنويات الشارع الفلسطيني وحققت نتائج قوية في ردع الاحتلال.

ويؤكد المحلل العسكري أن على المقاومة أن تحافظ على هذه النتائج دون أن يكون الردع منقوصا ومحبطا مع الأخذ بالحسبان أن هناك من الداخل العربي من لا يريدون وحدة الشعب الفلسطيني ولا ثباته ومحافظته على نتائج سيف القدس، وهدفهم الأول حماية الاحتلال وليس حماية الفلسطينيين.

ويعتبر أن صمود الداخل المحتل وأهل القدس في حماية الأقصى إنجاز لا بد من المحافظة عليه، ووحدة الساحات يجب أن تكون حقيقية، قائلا: "الأقصى الآن أصبح آمنا، والاحتلال لو أراد يمكن أن يرسي قواعد اشتباك جديدة لذلك علينا أن نتوخى الحذر ونحافظ على حراك القدس والداخل بالذات".

ولخص المحلل العسكري الوضع بقوله: "الوضع ما بعد سيف القدس ليس كما قبلها".

وفي ورقة عمل للباحث معين الطاهر نشرتها مؤسسة الدراسات الفلسطينية تحدث فيها عن كيف فاجأت المقاومة في غزة في معركة سيف القدس الجميع، وشملت مفاجأتها العدو قبل الصديق، قائلا: "هذا العدو لم يتمكن من تقدير نياتها، وتعامل مع تهديداتها باستخفاف، لكنه بوغت بذلك التطور الكمي والنوعي الكبير في قدراتها.

ولعل مقارنة بسيطة بين حرب 2014 وحرب الـ 11 يوماً في سنة 2021 توضح هذا الفارق".

واعتبرت الدراسة أن مشاركة الداخل المحتل أقوى ما فرضته المعركة على الواقع الفلسطيني.

وأشارت إلى أن التطور اللافت كان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ سنة 1948 حين خرج آلاف الشباب الفلسطيني، ممّن لم يشهدوا النكبة ولم يعاصروا توقيع اتفاق أوسلو، في المدن العربية والمختلطة ليعلنوا في الذكرى 73 للنكبة، أن سياسات الأسرلة لم تنجح، وأنهم جزء أصيل من الشعب الفلسطيني.

وقال الباحث: "لقد قلب فلسطينيو الداخل المحتل المعادلة، وأعادوا الاعتبار إلى قضيتهم الوطنية، وفتحوا جبهة جديدة".

وعلى صعيد تأثير المعركة على الاستيطان قال فخري أبو دياب المختص بقضايا الاستيطان في القدس إن الأرقام والمعطيات تشير إلى أن معركة سيف القدس أحدثت هزة في مخططات الاحتلال التي بدأت بالتراجع ما بعد أحداث مايو التي انتهت بمعركة سيف القدس.

ومع أن السعرة الاستيطانية مستمرة، وقد كان في مخطط الاحتلال أن يهدم أحياء مقدسية كاملة في سبيل البناء الاستيطاني ولكن الهبة الشعبية في القدس والحرب مع غزة التي تلتها جعلت الاحتلال يعيد حساباته، وفق أبو دياب.

ويضيف: "لقد أحبطت سيف القدس هذا المشروع وانقلب السحر على الساحر فهبة القدس والضفة والداخل وغزة وما وصل اليه الأمر من تطورات لم يكن في حسابات الاحتلال".

البث المباشر