أعلن الاحتلال عن مجموعة من التسهيلات في منح التصاريح للمسيحيين الفلسطينيين من قطاع غزة، للمشاركة في الأعياد الدينية بكنائس بيت لحم والقدس، لكن خلف الإعلان يكمن التضليل (الإسرائيلي)، بحسب شخصيات مسيحية.
وكان الاحتلال قد أعلن عن تجميد التصريحات للمسيحيين في غزة، ثم بعد ذلك أعلن عن استئنافها، في ظل إجراءات احتيالية على المواطنين.
ويحتفل المسيحيون اليوم الأحد بعيد القيامة، في ظل فرض إجراءات وقيود مشددة من سلطات الاحتلال على كنيسة القيامة.
وكانت قوات الاحتلال (الإسرائيلي)، قد اعتدت السبت، على المسيحيين المحتفلين في "سبت النور" بالقدس، وعرقلت دخولهم إلى "كنيسة القيامة" في القدس، ومنعت المسيحيين من قطاع غزة الوصول كليا إلى المدينة المقدسة.
وكانت كنائس القدس المحتلة، أكدت أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي، فرضت قيودًا "غير معقولة وغير مبررة وغير مسبوقة على الوصول إلى كنيسة القيامة"، مشددة على أنها ستقوم بإجراء المراسم كما هو معتاد على مدار ألفي عام، رغم هذه القيود.
التفاصيل يكشفها إلياس الجلدة عضو مجلس إدارة جمعية الشبان المسيحيين بغزة، مشيرا إلى أن التصاريح تصدر لعدد ضئيل جدًا، بذريعة وجود كوتة يحددها الاحتلال ضمن التصاريح التي يصدرها.
وقال الجلدة لـ"الرسالة نت" إنّ هذه التصاريح القليلة تصدر غالبا لفئتين فقط، هما كبار السن الذي يحتاجون لمرافقين، ويمنعون مرافقيهم، ما يعني بالضرورة عدم سفر عدد كبير منهم.
كما أنه يمنح التصاريح لأطفال دون الخامسة، من غير السماح للوالدين، وهذا منع لكن بأسلوب ملتوٍ.
وأوضح الجلدة، أنّ الاحتلال يلجأ لهذا الأسلوب، لتفريغ التصريح من مضمونه، ويعني من الناحية العملية أن عدد من يسمح لهم السفر للمشاركة في الأعياد، لا يتجاوزون بضع عشرات.
هذا الإجراء ليس مقتصرا على عيد القيامة كونه يحتفل به في كنيسة القيامة بالقدس، إنما أيضا في أعياد الميلاد التي يحتفل بها المسيحيون في بيت لحم، "إجراء (إسرائيلي) دائم في كل الأعياد بهدف تنغيص الفرحة"، وفق تعبيره.
وأكدّ الجلدة أنه من الأصل يفترض عدم حاجة المواطن لتصاريح كي يؤدي عبادته، والأصل أنها حرية مسموحة للمسلمين والمسيحيين معا، وتعبر عن أبسط حقوق الإنسان في ممارسة شعائره الدينية.
وعدّ سياسة الاحتلال منح التصاريح، بمنزلة تنغيص متعمد، لعدم خروج المسيحيين والحيلولة دون وصولهم لأماكن العبادة المقدسة.
وبين أن منح التصاريح من الناحية الفعلية لا قيمة عملية له، وهي مجرد تضليل إعلامي لا أقل ولا أكثر، وفق تعبيره.
وأوضح أن الاحتلال يمتلك من مفاهيم العنصرية، ما يؤهله ليكون حاقدًا دينيا وعنصريا بامتياز.
وذكر الجلدة أن وصول الأكثر تشددا في الكيان لسدة الحكم، كثّف من جرائمهم تجاه أماكن العبادة، كمداهمة الأقصى وافتعال إشكاليات دائمة ومستمرة في المسجد، علاوة عن استهداف رجال الدين المسيحيين والاعتداء عليهم كما حدث يوم أمس السبت بحق رجال دين مسيحيين".
وأوضح أن عملية الإهانة اليومية التي يتعرض لها المواطن المسيحي والمسلم على حد سواء من الاحتلال وقطعان مستوطنيه، يفوق الوصف في حالة العنصرية الدينية التي يمارسها الاحتلال بحق شعبنا.
وأشار إلى محاولة (إسرائيلية) دائمة لتحويل الصراع إلى ديني، رغم أن أساس احتلال الحركة الصهيونية للأرض كان نابعا من الرغبة في السيطرة عليها والتنكيل بشعبها.
وأضاف: "هذه الجرائم تعاظم الأمور وتجعلها أكثر قسوة، وتدفع بخيارات الصراع الديني التي تسعى قيادة الاحتلال لإشعالها على مدار اللحظة".
حرب شاملة!
من جهته، أكدّ رئيس التجمع الوطني المسيحي الديمقراطي ديمتري دلياني، أن سلوك الاحتلال ضد المسيحيين لا يقتصر فقط على سكان قطاع غزة، بل هو امتداد لسلوك عدواني إرهابي يمارس بحق المسيحيين في كل مكان في فلسطين، بما في ذلك الذين يقطنون مدينة القدس.
وقال دلياني لـ"الرسالة نت" إنّ الحرب التي تشنها سلطات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، لا تستثني طائفة أو مكانا.
وأضاف: "ما يجري من قيود وإجراءات عنصرية بحق الأعياد المسيحية، هي نفس القيود التي تمارس ضد المسلمين في أعيادهم ومناسباتهم الدينية وتمثل ذلك بشكل واضح في التنكيل والعدوان بالمسجد الأقصى".
وأضاف دلياني "هذه حرب شاملة تستهدف الشعب الفلسطيني، من كيان لا يريد أن يرى مسلما أو مسيحيا، فهو دولة يهودية عنصرية حاقدة لا تعترف بالمكونات الأخرى".
وأكد دلياني أنّ الشعب الفلسطيني يخوض معركة الحرية والكرامة ضد كيان عنصري يمارس الابارتايد في أبشع صوره الدينية والقيمية والحضارية، مطالبا العالم بضرورة التحرك؛ لإنقاذ شعبنا في كل مواقع تواجده.