مما لا شك فيه أن هذه الجولة انتهت ولكنها ليست الأخيرة، حيث أراد منها الاحتلال أن تحقق له الردع، ولكنها سلبته الردع والمكانة السياسية، وكانت شاهدة على فشل العقيدة العسكرية التي يُنَظِر لها معظم قادته، نقول هذا ليس من باب مدح الذات، كفلسطينيين، وإنما هي حقيقة باتت راسخة عند كل من يتابع الشأن الصهيوني، فالاحتلال، اليوم يدخل معاركه ليُحَسِن صورة رئيس الحكومة، أو لينال أصوات أفضل في استطلاعات الرأي، ولكنه لم يعد يحمل أهداف إسقاط حكم حماس، أو سحب سلاح المقاومة، أو القضاء عليها، أو إعادة السيطرة على غزة.
فأهدافه من كل المعارك تضاءلت وانكمشت، وباتت لا تشمل سوى القتل والدمار لأخذ صورة نصر، يعود بها إلى شعبه الذي يتعطش لدماء الفلسطينيين، وهو يتقن فن الخداع في خلق واقع ملائم لمؤامراته عبر الإعلام المُضَلِل، والشائعات والدعاية الكاذبة، حيث يُصَدقه المتشددون والمتطرفون الصهاينة.
لكن القوة التي راكمتها المقاومة، وطورتها وباتت تفرض من خلالها معادلات عسكرية وتكتيكية وقواعد اشتباك على العدو، جعلت العدو يُفكر ألف مرة قبل أن يُهاجم المقاومة وعلى رأسها كتائب القسام، لأنه يعلم جيداً أنه يمكنه بَدء المعركة، ولكن من سينهيها هي المقاومة.
وقد طَوَّرَت المقاومة في تكتيكها العمل العسكري من خلال قيادة موحدة تدير العمل من خلال خبرة عسكرية وميدانية مميزة، هدفها وحدة الميدان والعمل بين فصائل المقاومة بسياسة موحدة ضد العدو الصهيوني، والأهم من ذلك عدم إعطاء العدو فرصة التفرد بفصيل، بل العمل بجهد وعقل جمعي حتى إيقاع أكبر الخسائر بالعدو؛ لأن العمل التكاملي يوحد القوي ويرسخ الهدف، ويُصَعب على العدو تحقيق أهدافه العدوانية، وهذا ظهر جلياً في معركة "ثأر الأحرار"، حين أُجبر العدو على الانصياع والإذعان لقيادة المقاومة الممثلة بالغرفة المشتركة.