عند أي موجة تصعيد في سجون الاحتلال (الإسرائيلي) لمطالبة الأسرى بحقوقهم، سرعان ما تلجأ مصلحة السجون إلى سياسة العزل الانفرادي للقيادة في الحركة الأسيرة، فلجأت مؤخرا لعزل القائد في الجبهة الشعبية أحمد سعدات وعدد من رفاقه.
وحين يذكر مصطلح (زنزانة) سرعان ما يتبادر لأذهان الفلسطينيين الأسير حسن سلامة وهو صاحب أطول عزل انفرادي، حيث قضى 17 عاماً يتنقل من زنزانة إلى أخرى معزولا عن محيطه الداخلي في السجون.
ويمكن وصف الزنزانة بحسب أسرى محررين بأنها مكان مشبع بالرطوبة وتنتشر فيها الحشرات والصراصير، ولا يسمح للأسير بالخروج منها إلى ساحة الفورة سوى ساعة واحدة في اليوم، ليقضي 23 ساعة داخلها.
وحين يخرج الأسير إلى ساحة الفورة يكون مقيد اليدين والقدمين، وهذه الأغلال ترافقه إذا ما خرج للعيادة أو لمقابلة المحامي، إضافة إلى ما يتعرض له من استفزازات ومعاملة قاسية ومهينة على يد السجانين.
وتجدر الإشارة إلى أن العزل في سجون الاحتلال ينقسم إلى ثلاث أنواع هي:
- العزل الانفرادي قصير المدى: يمتد من ثلاثة أيام إلى عدة أسابيع.
- العزل الجماعي: يكون في قسم خاص؛ وهدفه الأساسي هو إبعاد قيادات السجون عن بقية الأسرى كما هو في سجن هداريم قسم (3).
- العزل الانفرادي المفتوح: وهو الأقسى والأصعب؛ حيث يعزل الأسير في زنزانة منفرداً، أو مع أسير آخر؛ ويمنع من التواصل مع باقي الأسرى لمدة غير محدودة.
العصيان يفشل العزل
يقول إسلام عبدو مدير الإعلام في وزارة الأسرى إن إدارة السجون تدعي أنها تلجأ للعزل الانفرادي بذرائع شتى لتبرير عملية عزل المعتقلين ومنها خطورة وجودهم مع الأسرى، ولكونهم معتقلين خطرين، لكن الدوافع الحقيقية مغايرة ومنها عزل المعتقلين لمكانتهم القيادية، وسعة اطلاعهم وعمق تجربتهم وتأثيرهم على بقية المعتقلين.
وذكر عبدو (للرسالة نت) أن إدارة السجون تلجأ دوما لعزل قيادات الحركة الأسيرة حين تشعر باقتراب تصعيد داخل المعتقلات، خاصة في ظل الحكومة اليمينية المتطرفة، بهدف تفريق القيادة والدور الذي تمارسه في التنظيم السياسي.
ولفت إلى أن قيادة الحركة الأسيرة تتصدر المواجهة مع الاحتلال وتفشل الإجراءات القمعية، لذا ضمن تخطيط مقصود وممنهج تعمد إدارة السجون لاعتقالهم.
وفي ذات السياق يقول الأسير المحرر نبيل مسالمة من خلال التجربة: "العزل الانفرادي هو وسيلة عقابية تستخدمها إدارة السجون لثني الأسير عن المسار الذي يمشي فيه كعدم الالتزام بقوانينها كونها ظالمة وتنتهك كافة حقوق الأسرى".
وأوضح مسالمة (للرسالة نت) أن الأسير يتمرد على قرار العزل، وترى إدارة السجون أن تمردهم يكون بفعل العقل المدبر وهم قادة التيارات التنظيمية، كونهم يقودون المشروع النضالي داخل المعتقلات.
ولفت إلى أن إدارة السجون تبدأ بتنفيذ سياسة العزل الانفرادي للقادة حين تصلهم معلومات حول توجه الأسرى لاتخاذ خطوات فعلية للعصيان المدني، وبالتالي تستخدم العزل كعقاب جزئي أو شامل.
وذكر مسالمة أن لدى التنظيمات الفلسطينية في السجون خطط بديلة في حالة عزل قادة الصف الأول فهناك حالة تنظيمية بطريقة التسلسل التنظيمي ولها برنامج لمدة سنة وأكثر.
وبحسب تجربته فإن عزل قادة الحركة الأسيرة هو نصر لها، موضحا أن ذلك يأتي بعد فشل إدارة السجون في تحقيق أهدافها بفعل حالة العصيان المدني التي يقودها الأسرى حيث لا يخرجون للفورة والفحص الأمني ويقاطعون المحاكم مما يحدث ارباكا وعلى إثر ذلك تلجأ الإدارة لسماع مطالبهم والاستجابة لها.