في قلقيلية قبل سبعة أيام هجمت قوات من مخابرات السلطة على عائلة زماري ليلا بدون استئذان، واقتحمت المنزل دون مراعاة لحرمته.
هدف المخابرات كان اختطاف عكرمة زماري، الذي لم تعرف العائلة حتى اللحظة سوى معلومة سربت تقول إن محكمة قلقيلية مددت اعتقاله لمدة 15 يومًا، رغم تعرضه للتعذيب.
قادت المخابرات الشاب عكرمة إلى جهة لا تعلم العائلة عنوانها، ولا تدري إلى من تلجأ ولا كيف تصل إلى ابنها الذي يخوض تجربة الاعتقال للمرة السادسة في سجون السلطة، التي أصبحت عائقا لحياة كريمة، حيث لم يكمل عكرمة دراسته، ولم يعش حياة مليئة بصخب الشباب، لأنه ذاق مرارة الاعتقال وهو في الخامسة عشرة من عمره بتهمة رفع الراية الخضراء في جنازة شهيد، ثم بدأت سلسلة اعتقالات امتدت عشر سنوات.
اليوم يعتقل عكرمة بنفس التهمة، حيازة الراية الخضراء، التي أصبحت تهمة توجهها السلطة ويسجن أصحابها. يقول شقيقه عميد: "آخر اعتقال لأخي كان في نوفمبر الماضي ل32ـيوما تعرض خلالها للتعذيب والشبح ووجهت له تهمة حيازة رايات حماس".
يضيف الأخ: "عكرمة مصاب في رأسه، وتعرض لتجربة إصابة مميتة، ولا زالت آثارها حتى الآن، وخلال التحقيق في الاعتقال الماضي، ضربه عناصر الأمن الوقائي على رأسه ضربات شوهدت آثارها واضحة، وقد رأتها أمي وأبي على وجهه خلال زيارته".
اعتقل عكرمة لدى الاحتلال أيضا مرتين كانت أولها لستة أشهر مع بداية 2019، ثم اعتقل لأسبوعين لدى الأمن الوقائي، ثم حينما خرج أكمل الشاب رحلة الاعتقالات لعامين إداريا، هذا يعني أن أجمل أيام العمر كانت بين القضبان.
ست مرات اعتقال لدى السلطة ومرتان لدى الاحتلال لشاب لم يتجاوز الخامسة والعشرين، لم يتزوج ولم يتعلم ولم يعمل لأن لحظاته الجميلة قضاها متنقلا بين السجون دون تهمة مقنعة، كالكثيرين غيره ممن يعانون كل يوم داخل سجون الأمن الوقائي دون تهمة واضحة.
يرى خليل عساف عضو لجنة الحريات في الضفة الغربية أن حياة المواطنين أصبحت مرعبة والتحقيقات مخيفة، متسائلا: الحواجز تحاصر المدن والاعتقالات مستمرة، وبالذات قلقيلية أصبح وضعها مؤلما، وهناك حالة كساد اقتصادي وفلتان وكل مواطن يتساءل ما الذي فعلته السلطة للقضاء على تلك الظواهر.
ويضيف: "حسب متابعتي، لا أجد أحدا من المعتقلين يعرض على المحكمة، السلطة ورطت النيابة والقضاء لأن معظم الحالات لا تعرض عليهما، ثم العجيب أن تأتي السلطة لتستنكر الاعتقال السياسي، لقد أصبح الواقع مؤلما.. حواجز وكساد واعتقال وأسئلة كثيرة لا إجابة عليها.
ظافر صعايدة المحامي في محامون من أجل العدالة ذكّر بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبالمادة (19) منه والتي تنص على "لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق اعتناق الآراء دون أي تدخل واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية" كما نص في المادة (20/1) "لكل شخص حرية الاشتراك في الاجتماعات والجمعيات السلمية".
ويقول صعايدة: "ملاحقة النشطاء السياسيين، والمدافعين عن حقوق الإنسان ومقاضاتهم، على خلفية ممارستهم لحريتهم بالتعبير عن آرائهم، أو مشاركاتهم بالتجمعات السلمية، يعد انتهاكا للقوانين المحلية التي كفلت هذه الحقوق، إضافةً للمعاهدات والاتفاقيات التي ألزمت السلطة الفلسطينية نفسها بها".