ليلة دامية أخرى.. تنام كل المدن ونابلس لا تنام

الرسالة نت - رشا فرحات

بدأ اقتحام آخر كبير لمدينة نابلس، ما قبل منتصف الليل، حينما دخلت أكثر من مائة آلية عسكرية وثلاث جرافات، وطائرات استطلاع، سارت نحو منزل الأسير أسامة الطويل تبغي هدمه، وأطلقت في طريقها الكثير من قنابل الغاز المسيل للدموع، في محاولة لتحصين نفسها من ردة فعل أهالي المدينة.

يتهم الاحتلال الأسير الطويل بتنفيذ عملية إطلاق النار صوب حاجز "شافي شمرون" القريب من بلدة دير شرف، يوم 11 تشرين أول/ أكتوبر 2022، التي أدت إلى قتل الجندي في جيش الاحتلال عيدو باروخ.

ولأجل ذلك تأتي الدبابات إلى المدينة ليلا لتسرق آخر حجارة البيت، في عمل اعتاده كل فلسطيني، بأن يصب الجنود جام غضبهم على الجدران ظنا منهم أنهم بذلك سيقضون على كل جذور البطل.

ولكن في نابلس، هناك من يحرس المدينة ليلا، فهب شبابها مدافعين فاندلعت المواجهات في أكثر من نقطة وأكثر من حي، بالقرب من ميدان الشهداء اندلعت المواجهات مع في شوارع كثيرة، في رفيديا، راس العين، شارع الخمستعاش.

 كل الشوارع اشتعلت، كانت الساحة أشبه بحالة حرب، وانتشرت في محيط مخيم العين الآليات، وفي محيط حي البساتين، بين كل الأزقة وقفت تترصد رجال نابلس، والقنابل تضيء السماء التي كان عليها أن تكون هادئة لتحرس النيام.

ارتقى بين كل ذلك الشاب خليل يحيى الأنيس (20 عاما) مقبل آخر على ميدان المعركة، كان يحمل بندقية بدائية الصنع، ليرسل مع آخرين رسالة تمنع المرور إلى المدينة إلا على أجساد أصحابها.

توجهت الآليات للمنزل الذي اعتقل جل رجاله، لم يكن هناك سوى نساء عائلة الطويل، اللواتي كن يتوقعن أن تأتي جرافات الاحتلال بمعاولها المهزومة لتهدم البيت في أية لحظة، هكذا قالت أمه وهي تصدر شجاعاتها للشباب الواقفين على أرصفة الميدان يرشقون الدبابات بالحجارة.

فجر الاحتلال البيت، وسقطت الكثير من الإصابات، وتضررت بيوت الجيران التي احتضنت عائلة الطويل، وسقطت جدرانهم واختنق الأطفال جراء القنابل التي أطلقت في سماء المدينة، قبل أن تخرج الآليات مع أذان الفجر تاركة وراءها ركام العنجهية والفوضى والإرهاب (الإسرائيلي) بين أزقة البيوت الآمنة المسلمة والشعب الأعزل.

الاقتحام لم يكن في نابلس فقط، بل كان هناك في عقبة جبر ويعبد، باتجاه جنين كان هناك اقتحامات أيضا، والاحتلال ينتظر موافقة لزيادة الاقتحامات في شمال الضفة، والاشتباكات تزداد ونابلس تشتعل، وإلى جانبها جنين، وعقبة جبر تدخل على خط النار بين حين وآخر، والبسطاء لا يعرفون سوى أن هذه أرضهم وهؤلاء أبناؤهم ولن يخرجوا إلا على شلال دماء.

ثم استيقظت نابلس بعد ليلة مليئة بالخوف، وبدأت تغني أغنية الصباح "يا شهيد كبر كبر، رجع الخيل يا عين لا تدمعي، حول العين عم تستنا" فقد أحصت نابلس غنائمها، شهيد و350 إصابة 3 منها خطيرة، وأربعة من طواقم الهلال الأحمر.  

حمل الشباب صديقهم خليل على أكتافهم ورددوا: "يا حبيبي، يا أسد الكتيبة، وهم يسيرون به إلى بيته ليزف لأمه ومن أجل الوداع الأخير" ثم يعود كل منهم إلى عمله، وحياته، قبل أن يأتي الليل لتبدأ المدينة معركتها الجديدة".

متعلقات

أخبار رئيسية

المزيد من تقارير

البث المباشر