يحيي الفلسطينيون ذكرى استشهاد الأسرى الأبطال محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير، أبرز رموز ثورة البراق التي انطلقت عام 1929 ضد الاستعمار البريطاني، تأكيدا على مكانة القدس والأقصى في قلوبهم منذ سنوات طويلة.
وتعتبر ثورة البراق من أهم الثورات ضد الاستعمار البريطاني، والتي تؤكد أن المقاومة مستمرة بديمومتها حتى مع اختلاف المستعمر.
وشكّلت ثورة البراق علامة فارقة في تاريخ الفلسطينيين، في وقت امتدت الصراعات مع المحتل وصولا لمعركة "سيف القدس" عام 2021، وما يتبعها من أحداث.
** ثورة خالدة
المختص في شؤون القدس، الدكتور جمال عمرو، أكد أن ثورة البراق لها مكانة خاصة في قلوب الفلسطينيين الذي يستشهدون بها ويحيون ذكراها ليؤكدوا على مواصلة العمل الجاد ضد الاحتلال.
وقال عمرو في حديث لـ (الرسالة نت): "شهداء ثورة البراق هم الأبرز ولكنهم ليسوا وحدهم، والتاريخ يخلّدهم في ظل المواقف البطولية التي قاموا بها ضد المحتل البريطاني".
وأضاف: "كان لشهداء ثورة البراق، نفس الهدف بالدفاع عن حائط البراق حتى وإن اختلف المحتل كونهم أعدموا في وقت الاحتلال البريطاني".
وتابع: "الآن نجد أن المقدسيين والفلسطينيين يكملون المسيرة وتستمر المقاومة في الدفاع عن المسجد الأقصى وتاريخه".
وشدد على أن الشعب الفلسطيني أرسل برسائل قوية للعالم أجمع بأنه لا يمكن التخلي عن القدس والمسجد الأقصى وهو ما بات واضحا من الاعتكاف في الأقصى ومجابهة الاحتلال ومستوطنيه.
ومن الجدير بالذكر، أن ذكرى ثورة البراق تتزامن مع تصاعد الانتهاكات (الإسرائيلية) في المسجد الأقصى وخطة حزب الليكود لتقسيمه التي أُعلن عنها الأسبوع الماضي.
ورسّخت ثورة البراق التي انطلقت شرارتها في 15 أغسطس 1929، في الوجدان العربي والمسلم أنه لن يمر أي اعتداء على المسجد الأقصى دون أن يدفع المعتدي الثمن.
** أحداث الثورة
واندلعت اشتباكات واسعة بين العرب واليهود عند حائط البراق -الحائط الغربي للمسجد الأقصى- يوم 15 أغسطس 1929، وبلغت الثورة ذروتها في 23 أغسطس 1929، بارتقاء عشرات الشهداء والجرحى.
وارتقت هذه الاشتباكات إلى ثورة كبيرة اسمها "ثورة البراق" وهي أوّل انتفاضة فلسطينية أتت ردًا على محاولة تهويد القدس في عهد الانتداب البريطاني.
واندلعت الثورة عندما نظم اليهود مظاهرة ضخمة عند حائط البراق بمناسبة ما سموه "ذكرى تدمير هيكل سليمان"، مدّعين أنه مكان خاص باليهود وحدهم.
وشهدت الثورة اشتباكات بين الفلسطينيين من جهة واليهود وقوات الانتداب من جهة أخرى في المدن الفلسطينية أمثال (عكا، وصفد، وغيرها)، واستمرت أيامًا، قتل فيها 133 يهوديا.
وعقب أحداث ثورة البراق، قرّر مجلس عصبة الأمم يوم 14 يناير 1930 تشكيل لجنة، كلفتها الحكومة البريطانية بالفصل في "مسألة حقوق ومطالب المسلمين واليهود في حائط البراق".
وفي الأول من ديسمبر 1930، قررت اللجنة أن ملكية حائط البراق تعود إلى المسلمين، ولهم وحدهم الحق العيني فيه، واعتبار الحائط الغربي جزءًا لا يتجزأ من ساحة الحرم الشريف التي هي من أملاك الوقف.
وأضافت اللجنة أن لليهود الحق في حرية الوصول إلى الحائط الغربي لإقامة الصلوات التلمودية في جميع الأوقات مع مراعاة عدد من الشروط.
ويتفق المختص في شؤون القدس، أمجد شهاب، مع سابقه في أن ثورة البراق تدلل على الاستهداف الغربي للمسجد الأقصى منذ قديم الزمان، "ولم يبدأ مع احتلال (إسرائيل) للقدس عام 1967".
وقال شهاب في حديث لـ (الرسالة نت): "ثورة البراق وشهداؤها يؤكدون على ديمومة المقاومة الفلسطينية منذ سنوات طويلة ما قبل الاحتلال (الإسرائيلي)".
ولفت إلى أن الغرب يعمل منذ سنوات طويلة على احتلال فلسطين ومنع أي عمليات نهضة للأمة، "ويجد في المسجد الأقصى محورا مركزيا لذلك".
ولفت إلى أن ما يحدث بالمسجد الأقصى حاليا، ليس ببعيد عن مجريات ثورة البراق، "فجميعها يهدف لطمس الهوية الإسلامية وتدمير المعالم الدينية المقدسة".