قائمة الموقع

مقال: تكتيك المقاومة بالضفة، غيّر معادلات الاشتباك

2023-06-23T11:18:00+03:00
د. خالد النجار

نجحت المقاومة في الضفة من ممارسة تكتيك الاستنزاف المتدرج لجيش الاحتلال، بعد أن غيرت قواعد وأساليب الاشتباك في المحافظات الشمالية بالضفة، والتي أكدت خلالها المقاومة امتلاكها القدرة في التعامل مع معظم الظروف والمتغيرات وفق الحاجة التي تتطلبها المرحلة في ظل العدوان الصهيوني الموسع في جنين ونابلس وطولكرم. 

اعتمدت المقاومة العديد من الاستراتيجيات لمواجهة التكتيك الصهيوني الذي يواصل العمل ضمن استراتيجية جز العشب، واستهداف البنية التحتية لأذرع المقاومة، والخلايا التي تعمل في حقل الإعداد لمرحلة ما بعد التثوير والتي تسبق مرحلة الصراع الشامل والمقاومة الشاملة في كل الساحات، والذي يستشعر الاحتلال أنها باتت أقرب من ذي قبل، وأنها لن تكون إلا وبالاً على كيانه المزعوم، وحكومته المتطرفة التي تسببت في إشعال ساحة الضفة بعد أن انتهجت الإمعان في القتل، وتوسيع الاستيطان، والبدء في تنفيذ خطط تهويد الأقصى، والتضييق على الأسرى، وإذلال الفلسطينيين على الحواجز والمعابر، ومصادرة الممتلكات وسلب الأراضي، وسرقة الأموال، وكل أشكال العربدة والإرهاب.

طوّرت المقاومة وفي فترة قياسية وجيزة وسائلها وأدواتها القتالية، فانتقلت من بدايات المرحلة الأولى المباركة، ومن الحجر والمقلاع، إلى قلع عين العدو وسحق آلياته، وتفتيت أشلاءه، ونسف إرادته، حيث حققت مبدأ إحباط الجيش في عدة عمليات حاول من خلالها العدو اقتناص أي فرصة، إذ لا يدرك أن المقاومة باتت حريصة على تفويت كل فرصة، حاضرة أو ضائعة، لمباغتته وإجهاض محاولاته، وحقن الأزقة والطرقات بالمقاوميين، وانتشار وحدات القنص التي أطاحت برأس الأفعى الصهيوني والذي فشل في الوصول إلى عمق المخيمات في جنين ونور شمس. 

هذه الأحداث وبالتأكيد هي اللبنة الرئيسة لبناء وتشييد صرح المقاومة على الوجه الأمثل في الضفة، كما كانت تلك البدايات في غزة منذ أن اشتعلت انتفاضة الأقصى، فقد باتت حكومة نتنياهو تستحضر هذه المشاهد، وتجري مقارنات نسبية بين أدوات التكتيك، وقواعد الوصول التي فجرت بركانًا بصواريخ المقاومة وأسلحتها النوعية التي رسمت خارطة جديدة للوطن، ووضعت خطوطها الحمراء والتي لم يجرؤ الاحتلال على تجاوزها؛ حيث وفي وقت قريب أجرت المنظومة الأمنية الصهيونية تقييمًا للأوضاع في الضفة، وكانت النتائج مخيمة لآمال نتنياهو وجيشه بعد أن أكدت المعطيات أن المقاومة باتت قادرة وبنسبة كبيرة على إحباط أي اعتداء للجيش، وأن التغيرات التي طرأت تتمثل في امتلاك المقاومة لمخزون من العبوات الناسفة، وارتفاع كفاءة القتال لعناصرها، وسرعة الانتشار في محاصرة وحدات الجيش والإطباق عليها، وهو ما حدث بالفعل في جنين، حين وقعت قوة صهيونية في كمين العبوات والتي افقدت الجيش مبدأ حسم المعركة.

هذه المعطيات باتت تؤرق الاحتلال، سيما في ظل حالة التأييد الشعبي الذي يدعم خيار المقاومة، ويقف على مسافة قريبة من خيارتها وتوجهاتها في سبيل إنعاش مشروع المقاومة الشاملة، والعودة لاحتضان البندقية في محافظات الضفة، بما فيها المحافظات الجنوبية، والتي من الأهمية بمكان أن تصل لها الدماء الثائرة، لتُحيي فيها الأمل من جديد، والعمل من خلال رؤية وطنية، باعتبارها الأسرع والأيسر في كبح جماح العدو، وحماية أبناء شعبنا.

اخبار ذات صلة