قائمة الموقع

مقال: جنين استراتيجية نضالية مستمرة تهزم الشعبوية الصهيونية

2023-07-13T08:36:00+03:00
محمد شاهين
محمد مصطفى شاهين

نجحت المقاومة الفلسطينية بتوجيه صفعة قاسية إلى الاحتلال في جنين من خلال خبرات متراكمة سطرها أبطال المقاومة رغم العوامل المعقدة والمتشابكة التي تحيط بالضفة الغربية.

 فمنذ عقود تخوض المقاومة الفلسطينية محطات من الجهاد ضد الاحتلال الصهيوني الذي يمارس إرهاباً منظماً ضد الشعب الفلسطيني، تميزت هذه المواجهة بصمود اسطوري في وجه إرهاب الدولة الذي مارسه القادة الصهاينة وقوات جيش الاحتلال والمستوطنين حيث شهدت المقاومة عدة محطات من التطورات في مواجهات واشتباكات أدت إلى صعود المد المقاوم بقدرات أكبر وبعمليات أكثر جرأة وقوة وسط احتضان شعبي لايدلوجية المقاومة فكرا وأداءً وهذا ما أكده المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في ايران علي خامنئي ، في بيان "إن الضفة الغربية هي ساحة معركة رئيسية للفصائل الفلسطينية ضد الكيان الصهيوني"،  ورغم المجزرة البشعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال في مخيم جنين إلا أنها فشلت في تحقيق مبتغاها في إضعاف المقاومة الفلسطينية بل كانت مجرد وسيلة صهيونية صورية لكي يحصل تكتل نتنياهو اليميني  المزيد من الأسهم و الأصوات ويحافظ على تماسك ائتلافه في ظل استمرار المعارضة لقضية الإصلاحات القضائية التي يتبناها نتنياهو بهدف زيادة سلطته في الكيان الصهيوني.

نكبة فنكسة فاوسلو لم تستطع هذه الجراح التي عاصرها الشعب الفلسطيني أن تغير قناعاته النضالية بل رسخت عمقا اجتماعيا وسياسيا وثقافيا يؤكد أن الكفاح المسلح خط استراتيجي لانتزاع الحق الفلسطيني في ظل ازدواجية المعايير الدولية والتنكر لمئات القرارات الدولية التي انحازت للاحتلال وجرائمه وارهابه بشكل مخالف لكل المواثيق الدولية والإنسانية مما عزز صعود الشعبوية اليمينية الصهيونية.

وقد شكل صعود تحالف اليمين الصهيوني في الانتخابات الأخيرة بقيادة رئيس الوزراء الصهيوني المجرم بنيامين نتنياهو رافعة للإرهاب الصهيوني وأفكار اليمين المتطرفة وتمثلت مؤخراً بمسيرة الاعلام و العدوان على القرى الفلسطينية و احراق المستوطنين بيوت وأراضي ومنازل الفلسطينيين التي تسعى بطرق دموية لإحلال اليهود الصهاينة في فلسطين بدل شعبها العربي الفلسطيني متلاعبين بحالة القلق والخوف التي تسربت للمجتمع الصهيوني بعد انتصارات المقاومة الفلسطينية التي تحققت في السنوات الأخيرة بداية من معركة سيف القدس وصولا لجنين التي باتت تمثل قلعة وقاعدة للعمل المقاوم في الضفة الغربية المحتلة.

وهنا نقرأ حقيقة تمكن المقاومة في الضفة الغربية من ضرب الاحتلال صفعة قوية للمنظومة الأمنية في دولة الاحتلال دلالاتها برزت قديماً في تآكل الردع وانكسار هيبة جيش الاحتلال أمام المقاومين و بالأمس القريب انتشرت صور الصاروخ القسام ينطلق في الضفة الغربية وكذلك الصور التي انتشرت لانتاج العبوات في جنين ما مثل فشلا ذريعا لجهاز الأمن الداخلي الصهيوني ومنظومات الأمن  وهو ما عبر عليه مائير بن شبات في صحيفة (إسرائيل) اليوم: أن النتائج في جنين لا تبشر بتغيير استراتيجي بعد انتهاء العملية في جنين وهو بمعنى آخر اعتراف ضمني بالفشل وهو ما أكده أيضا الصحفي الصهيوني ايهود يعاري معلق الشؤون العربية في قناه 12 حيث قال لقد فشلت العمليات العسكرية السابقة بداية من عملية السور الواقي 2002 وكذلك العملية في جنين  وبالتالي لن ينتهي إرث مخيم جنين، فهؤلاء المقاومين الذين يحملون السلاح اليوم بجنين هم أبناء الشهداء الذين ارتقوا في معركة جنين الاولى 2002 وهو ما يؤكد أن الكبار يستشهدون وابناؤهم يستمرون في النضال و يكشف زيف الدعاية الصهيونية الكاذبة أن الكبار يموتون والصغار ينسون.

ومن زاوية أخرى نقرأ تآكل الردع الصهيوني أمام حجم ونوعية عمليات المقاومة التي حققت خسائر كبيرة في جنود الاحتلال رغم تكتم المنظومة الرسمية عن إعلان خسائرها الحقيقية، لكن مشاهد الآليات الصهيونية المعطوبة وطائرات الاسعاف التي نقلت العشرات من جنود الاحتلال للمشافي في الداخل المحتل كل هذا كان في مرمى نيران وعبوات المقاومة في جنين وبفعل العنف الثوري ضد الارهاب الصهيوني.

إن ما نراه اليوم في جنين هو نتاج جهد منظم من المقاومة توحدت فيه الفصائل العسكرية في خندق واحد ليسطروا ملحمة بطولية ستقف المنظومة الأمنية الصهيونية أزمنة عديدة تتدارسها وتحلل الأخطاء والشراك التي أوقعتها المقاومة الفلسطينية فيها في فعل ثوري يتناسب مع الموقف العملياتي الذي نجحت من خلاله القوى الفلسطينية في اظهار مدى الضعف الذي يعانيه جدود الاحتلال وما هم الا وحوش إرهابية حائرة أمام إرادة الصمود والتحدي التي ظهرت في ميدان مخيم جنين لتؤكد جنين أنها صخرة كأداء في وجه الاحتلال.

لقد كان هذا الانتصار بمثابة وضع النقاط فوق الحروف وما دلالة عملية الرد على مجزرة جنين في تل الربيع إلا ضربة معلم جاءت في وقتها لتؤكد مدى رسوخ وثبات المقاومة وبالتوازي مع ذلك كان لبيان الغرفة المشتركة

للمقاومة أهمية فائقة حيث أكدوا أنهم يتابعون العدوان الصهيوني وأبعاده الخطيرة محذرين الاحتلال من ارتكاب أي حماقات إضافية ضد جنين.

في الحقيقة أنا مؤمن وبشدة أننا سنرى مدى تأثير صعود المقاومة وكسرها هيبة الدولة الصهيونية وتآكل الردع أمام أسود المقاومة، الأمر الذي بات جديرا بالملاحظة ومن هذه النقطة فصاعدا يمكننا القول إن انتصار مخيم جنين يؤسس لما بعده فلقد ترك بصمات واضحة لأن معركة التحرير ستكون رعب حقيقي وهزيمة مدوية للكيان الصهيوني أمام المقاومة ومحور المقاومة في ظل وحدة الجبهات وتكامل الساحات الذي ينتظر هذا اليوم متسلحا بعقيدة جهادية يتعدى تأثيرها لما وراء المعارك والانتصارات.

اخبار ذات صلة