غزة - خلود نصار
تسمر جميع أفراد عائلة عقل أمام التلفاز محدقين النظر في شاشته, وقد بدت معالم الإنسجام واضحة على وجوههم في إحدى برامج المصارعة التي انتظرها صغارهم قبل كبارهم, فعلى مقربة من الشاشة جلس الطفل محمود - 12 عاما - على ركبتيه مشجعا (جون سينا ) المصارع الذي لقي تشجيعا جماهيرا بالغا في غزة.
و بجواره تجلس اخته يارا - 5 أعوام - التي كانت تقلد جون سينا في حركة يديه و كلمته المشهورة (يو كانت سي مي, you cant see me) رغم أنها كلمات انجليزية لم تفهم معناها بعد .
لعبة تاريخية
و تعد المصارعة, الرياضة الأقدمِ التي مارستها البشرية منذ آلاف السنين.
ويقول الطفل محمود عقل: " أحضر المصارعة منذ عام و اتابعها حلقة حلقة", مضيفا أنه يجد في المدرسة جميع اصدقائه يتابعونها و ينتظرون يوم الخميس بفارغ الصبر ليشاهدون أحداثها العنيفة و في وقت الاستراحة المدرسية يتناقشون فيها و يقلدون حركات المصارعين و يتنافسون بينهم أيهم يفعلها بشكل افضل.
ويوضح انه يستطيع ان يفعل كافة الحركات القتالية التي يفعلها المصارعون من بينها حركة المصارع أورتن الملقب (بالأفعى) وهي حركة (آر كي أو) (RKO) .
و بإنفعال يقول " أتابع المصارعة للأجواء القتالية فيها و أتحمس لما سيحدث و أظل أنتظر من الفائز في الحلقة و كذلك أتعلم منها حركات جديدة ".
ولم يكن الأطفال وحدهم هم مشجعون للمصارعية, لكن(الجنس اللطيف) ايضا كن من المولعات بلعبة المصارعة و من أشد متابعيها رغم أنها لعبة قتالية عنيفة, حيث تضع الطالبة الجامعية أروى صورة أحد المصارعين خلفية لهاتفها المحمول.
وتذكر أنه لا يفوتها أي حلقة منه حتى في اوقات الإمتحانات, و بجانبها زميلتها سحر التي كانت أيضا تضع نفس الصورة على هاتفها, وتقول: " نبتعد عن الضغوط السياسية والأخبار قليلا بمتابعة مثل هذه البرامج القتالية ".
و لم تجد كلتا الفتاتين متابعتها للمصارعة تناقضا مع انوثتهما لكنهما اعتبرتاها مجرد تغيير بعيدا عن البرامج الإعتيادية و الأحداث المشحونة في العالم اسمعي هلا لما نحكي ((الشباب كانوا )) الفتيات شو بنحكي عنهم ؟؟؟.
أما الشابة داليا جمال فأوضحت أنها لا تؤيد متابعة المصارعة لانها تعبر عن ثقافة خاطئة نهت عنها الشريعة الاسلامية, كما انها تثير العنف والانطباعات الشرسة و بالأخص لدى المراهقين, وهذا يظهر جليا بتصرفاتهم وحركاتهم العدوانية وقالت: "ان نجوم المصارعة يقومون بحركات تشبه حركات عبدة الشياطين وتعبر هذه الحركات أيضا عن انتماءات لفرق تدعو للفساد" .
أما في مكتبات القرطاسية فيزداد الطلب على شراء صور المصارعين من قبل طلاب المدارس المولعين بهم كما ذكر صاحب احدى المكتبات.
و في هذا الصدد يذكر رئيس قسم علم النفس في الجامعة الإسلامية الدكتور أنور العبادسة ان الأطفال والشرائح الضعيفة في المجتمع لم تتشكل لديهم منظومة القيم القادرة على التمييز بين الصواب و الخطأ و يعتبرون ما يفعله الكبار صحيحا و عليه فمن المتوقع أن يقلدونه دون تمييز.
و يضيف أن الأطفال يتابعون كثيرا من الرسوم المتحركة العنيفة و خاصة الامريكية منها لكن عند الحديث عن برامج المصارعة تختلف الصورة لأنها ليست عنيفة فقط بل لاعبوها هم أشخاص راشدين قد يتخذهم الاطفال قدوة لهم و من هنا تنبع خطورة متابعتها.
و اعتبر العبادسة أن لعبة المصارعة غير أنوثية و لا تتناسب مع الفتيات .
و من ناحية أخلاقية يذكر انها لا تتناسب أيضا لكون اللاعبين يرتدون ملابس غير لائقة و كذلك قد يرافق اللاعبون إناث يرتدين ملابس (فاضحة) و هذا لا يتناسب مع القيم الاخلاقية.