أسس نيتسان عميت (ضابط سابق في الجيش الإسرائيلي) إلى جانب عدد من قادة الاحتجاج ضد التعديلات القضائية حركة إسرائيلية انفصالية تدعو إلى تقسيم دولة إسرائيل إلى دولتين إحداهما للمتدينين وأخرى للعلمانيين الليبراليين.
وبحسب خطة الحركة الانفصالية فإنه ينبغي فصل "إسرائيل" لدولتين مختلفتين إحداهما في منطقة الشمال ويطلق عليها "إسرائيل الجديدة" ويعيش فيها الإسرائيليون العلمانيون، ودولة "يهودا" في الجنوب (بما فيها المستوطنات في الضفة الغربية) ويعيش فيها الإسرائيليون المتدينيون.
ووفقًا للخطة فإن بإمكان هاتين الدولتين الارتباط ببعضهما وفق اتحاد فيدرالي ودستور يتم صياغته من خلال انتخابات مباشرة، وبإمكانهما أيضًا عدم تشكيل اتحاد فيدرالي وإنما تشكيل كونفدرالية تشترك فيها الدولتان بالدفاع والاقتصاد.
وبحسب صحيفة "معاريف" الإسرائيلية فإن أحد مروجي خطة الانفصال هو نيتسان عميت 33 عامًا، وصاغ الخطة بعد وصوله إلى نتيجة مفادها أن "دولة إسرائيل تسير نحو الهاوية" على حد قوله.
ويوضح في مقابلة مع "معاريف"، "نشأت الحركة بعد قدر كبير من التفكير..أنا شخصية بيانات شاركت في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية لسنوات عديدة، وفي النهاية نرى ما يحدث اليوم في المجتمع الإسرائيلي، هذا مجتمع ممزق بالكامل، والحل نقترح الفصل إلى دولتين - واحدة ليبرالية تفصل بين الدين والدولة، وأخرى ذات طبيعة أكثر محافظة - دينية".
ووفقًا لمعاريف فإنه بحسب خطة التقسيم التي اقترحتها الحركة فإن، ""إسرائيل الجديدة" ستشمل مرتفعات الجولان والجليل الأعلى ومعظم مدن السهل الساحلي، بما في ذلك حيفا ونتانيا وتل أبيب وريشون لتسيون، وسيكون مجموع سكانها، ما يقرب من 5.5 مليون، ستكون بقية البلاد تحت سيطرة "دولة يهوذا"، حيث سيعيش سكان القدس وبئر السبع وبني براك وأشدود وبيتاح تكفا وعسقلان، من بين آخرين".
هل إمكانية تقسيم "الشعب الإسرائيلي" في دولتين قائمة؟
يوّضح الكاتب والمحلل السياسي أمير مخول في حديث للجرمق أنه لا أساس لمشروع من هذا النوع (أي تقسيم إسرائيل لدولتين دينية وعلمانية)، قائلًا، "هناك نوع من اليأس لإمكانية رأب الصدع في المجتمع الإسرائيلي في ظل العداوة بين التيارين العلماني مع أقصى اليمين من الصهيونية الدينية".
ويتابع للجرمق، "هذه أهواء ونزوات ظهرت حاليًا، ولكن لا يبدو أن هناك إمكانية للتقسيم، حتى أن المساحات التي يتحدثون عنها لإقامة دولة دينية هي مساحات فلسطينية في الضفة الغربية بحسب القانون الدولي، ما يعني أن التقسيم يعني تكريس وإبقاء للاحتلال".
ويقول للجرمق، "لا يوجد أساس فعلي لمركب من هذا النوع، وقد تُهاجم الخطة من شخصيات وقطاعات كثير، وقد تحصل هجرة عكسية بسبب ذلك، فهذا التقسيم يعني تآكل في صميم المشروع الصهيوني، ففكرة الدولتين غير معقولة ولا يوجد منظومة إسرائيلية قادرة على إدارة هذا المشروع، كما أن تركيبة السكان المتداخلة لا تسمح بذلك".
ويضيف في حديثه للجرمق، "رؤوفين ريلفين عندما كان رئيسًا للدولة تحدث عن 7 قبائل تعيش مع بعضها البعض، ولكن هذه التقسيمات تدل على انتهاء بوتقة الصهر التي كانت تتبجح فيها الصهيونية وبّنت نفسها على أساسها، وأقامت بناء عليها مشروعها الاستعماري في فلسطين".
ويتابع مخول حديثه، "هذا المشروع لن يتحول لمشروع سياسي، وجاء فقط بناء على ردود فعل يائسة داخل المعسكر العلماني الإسرائيلي لإمكانية التغيير في ظل تصعيد الاحتجاجات".
ويتابع مخول للجرمق حول الفلسطينيين في الـ48 والضفة الغربية ومشروع الحركة الانفصالية الإسرائيلية، "لا ينبغي أن نكون داخل هذه الحركة أو جزء منها، فنحن نطالب بتحرر وطني فلسطيني وليس جزء من حل أزمة إسرائيل، ولا ينبغي أن نكون جزءًا من هذا النقاش، فقضيتنا بنيت على مفهوم التحرر الوطني وحق العودة وتقرير المصير، ولا ينبغي أن تنجر خلف أهواء مزاجية إسرائيلية ممن يعادون القضية الفلسطينية، فهذه ليست ساحتنا".
ومن جهته، يقول الكاتب والصحفي ساهر غزاوي، "المجتمع الإسرائيلي وصل لمرحلة من الخلاف والصراع الداخلي الذي طفى على السطح في الآخرى بسبب الخلافات على التعديلات القضائية، وهذا الصراع وصل لأوجه، وربما ستتطور الأمور وسيزداد الشرخ ويتصاعد الصراع الإسرائيلي".
ويتابع للجرمق، "إمكانية تطبيق الانفصال لدى الشعب الإسرائيلية قائمة، فتاريخيًا حصل هذا الانفصال فعلًا وهو ليس مستبعدًا عن الشعب اليهودي بأن ينقسموا بسبب الخلاف الحاد بينهم".
ويضيف غزاوي للجرمق، "لنفترض أن هذا التقسيم سيحدث، فمن المفترض أن تقوم مملكة أو دولة أو كيان صهيوني للمتدينين في مناطق الجنوب وستضم مناطق من الضفة الغربية بحسب المعتقدات التوراتية، وبالتالي سيكون هناك التهام أكثر لأراضي الضفة وسيتم توسيع الاستيطان وتهجير للمدن الفلسطينية في الضفة بحسب المخطط، ولكن لا أعتقد أن يكون هناك ترانسفير كامل".
ويضيف للجرمق، "أما بالنسبة للعرب في الداخل، فإنهم يعيشون في منطقة الجليل ولن يتعرضوا لترانسفير في حال تم تطبيق الخطة، ولكن سيبقون تحت الاضطهاد والقمع الذي يعيشون فيه حاليًا".
دولة لشعبين أم دولتان لشعبين..ولكن من هم؟
لطالما تحدثت جهات إسرائيلية وفلسطينية عن إقامة دولتين متجاورتين لشعبين ولكن دولتين إحداهما فلسطينية وأخرى إسرائيلية، كما طرحت أوساط فلسطينية وإسرائيلية مشروع الدولة الواحدة للشعبين (الإسرائيلي والفلسطيني)، ولكن هذه الطروحات لم تُطبق على أرض الواقع، إلا أن الحديث يدور الآن عن تقسيم الشعب الإسرائيليي في دولتين، إلى جانب تهميش للفلسطينيين في أراضي48 وأراضي67.
ويتابع مخول في هذا السياق، أنه "منذ نشوء التحول في المنظومة الإسرائيلية، خرجت جهات إسرائيلية تتحدث عن كونفيدرالية إسرائيلية فلسطينية ودولة مشتركة لشعبين (إسرائيلي وفلسطيني)، ولكن ماذا تعني الدولة الواحدة؟ نحن نعيش فيها، ويحدث فيها أن يقوم مستوطن بإطلاق النار على شاب فلسطيني في قرية برقة أو كما حدث بمحرقة حوارة، نحن نعيش فعلًا في دولة واحدة ولكن ليست دولة ديموقراطية، وإنما جهنم".
ومن جهته، يقول الصحفي والكاتب ساهر غزاوي للجرمق، "مشروع الدولة الواحدة للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي أثبت فشله، فاليهود لا يقبلون بالتساوي مع الفلسطينيين في دولة واحدة، وهم يسعون دائمًا لأن يكونوا أغلبية فالأجنادت الصهيونية لا تقبل بهذا الأمر، فالقبول بالدولة الوحدة يني إنهاء لفكرة المشروع الصهيوني".