قائمة الموقع

توريث أسماء الوالدين ضريبة مجتمعية يدفع ثمنها الأبناء

2011-02-15T08:53:00+02:00

غزة/ أمينة زيارة   

"عزيزة" فتاة في المرحلة الثانوية، تتمتع بذكاء عال، إلا أن ما يقض مضجعها ويؤثر على شخصيتها هو اسمها القديم، فقد أطلق عليها والدها هذا الاسم تيمناً باسم والدته وعرفاناً بجميلها عليه، وبسبب الإلحاح الشديد منها لتغيير اسمها أقنعتها والدتها لنيل رضا الجدة بأن تُنادي في البيت وأمام صديقتها باسم "زيزي" كاسم عصري.

وتقول "زيري": دائما كان اسمي يزعجني وأنا في الابتدائية خاصة أن زميلاتي أسماؤهن "هناء وعلا وحنان"، ما يعرضني للسخرية، وكنت أعود للبيت باكية من هذه التعابير الساخرة، مضيفة: طالبت والدي بتغيير الاسم لكنه في كل مرة يرفض قائلاً: اسم والدتي وشرف لك أن تحمليه.

محط سخرية وتحكم

أما الطفلة "صالحة" التي لا تتعدى السابعة من عمرها ترفض اسمها باكية بصورة شبه يومية لما تسمعه من تهكم وسخرية من زميلات المدرسة، ويرفض أخوها "علي" الذي يكبرها بثلاث سنوات مناداتها بهذا الاسم.ويقول "للرسالة" أهالينا لم ينتقوا لنا الأسماء الجميلة رغم معرفتهم بأنها شيء ملازم لنا في كل أمور حياتنا، لكن والدي عرفاناً بجميل والديه أسماني "علي" على اسم والده وشقيقتي "صالحة" تيمناً باسم جدتي.

وتشاركنا والدته الحديث قائلة: زوجي، أمام إصرار أمه، أراد أن يسميها "صالحة" عرفاناً بالجميل إلا أنها تشعر بالخجل من اسمها، وتتجنب الناس حتى لا تكون محط سخرية وتهكم.

وتبدو عادة توريث الأسماء وتسمية الأبناء بأسماء أجدادهم غريبة على الأجيال الجديدة كونها لا تلائم العصر الحالي.

"كوكب" البالغة من العمر 22 عاما تختلف عن سابقاتها فهي تحب اسمها كثيرا وترى أن يحمل أجمل الصفات والمعاني، وتقول: منحني والدي شرف حمل اسم جدتي "كوكب" وأنا فخورة به حيث أنني عاشرت جدتي ولمست كم المحبة واحترام الناس لها، مضيفة: لا اخجل من اسمي رغم استغرابه من الكثيرات من صديقاتي.

الحال مختلف بالنسبة للشاب "حرب 28 عاما" الذي يقول أنه بقدر حبه لجده يرفض هذا الاسم مضيفا: ما أن يسمع اسمي أي إنسان حتى يقول: "ألم يجد والدك أجمل من هذا الاسم لتحمله".

وأشار حرب إلى أنه يلوم والده كثيراً على اختيار هذا الاسم، خاصة أنه لا يستطيع تغييره بعد هذا السن، حسب قوله.

ويؤكد أنه سيختار لأبنائه أسماء جميلة وعصرية يتقبلها المجتمع ولا تكون موضع سخرية.

أما الموظف "إبراهيم قاسم" فقد رفض أن يسمى ابنه على اسم والده "قاسم" وأصر على أن يختار له اسم "يزن" ملائم للعصر الحالي، موضحاً أن الحياة اليوم لا تسمح بتوريث الأبناء أسماء قديمة نظراً للتطور الذي نعيشه.

ويشير إلى أن ظاهرة توريث الأسماء انتشرت بفعل العادات والتقاليد ودعوى العرفان بالجميل والتيمن بصفات الوالدين ونيل رضاهم وفي النهاية يكون الابن ضحية هذه الأسماء القديمة والغريبة على أذن الجيل المعاصر.

دليل شخصية

وترى الأخصائية النفسية والاجتماعية سوزان دويمة أن قضية تسمية المولود الجديد واختيار الاسم المتميز والجميل له شغلت الناس في المجتمعات الإسلامية، فالأب والأم يبحثان عن اسم جديد لمولودهما, يناسب العائلة ويناسب مجتمعها وثقافتها.

وتنوه إلى أن البعض يصر على اختيار اسم والده أو والدته, حتى لو لم يكن اسمهما حسناً بدعوى البر بهما أو إحياء ذكرهما، مشيرة إلى أن بعض الشباب يحمل أسماء غريبة جداً لدرجة أن الطالب أو الطالبة بالمدرسة يخجل من أن ينطق باسمه تجنبا للسخرية لأن الاسم قديم أو أنه صعب النطق.

وتضيف: الاسم رمز للإنسان ودليل على شخصيته وسيحمله طيلة حياته وأحياناً قد يناسب الاسم الطفل وهو صغير, أما إن كبر وأصبح ذا مكانة مرموقة في مجتمعه فإن الاسم سيصبح غير لائق به, لذا كان من الأهمية بمكان التأني والتفكير عند اختيار أسماء الأبناء، والوقوف عند معانيها ودلالاتها.

وعن الآثار النفسية والاجتماعية التي ترتبت عن اختيار اسم قديم للأبناء تشير الأخصائية دويمة إلى أن عدم الرضا عن الاسم يكون سبباً في إصابة الفرد بالخجل ومن ثم الإحباط والعزلة، وتتضح هذه الآثار لدى الفرد عندما يصبح واعياً لكل ما يدور حوله، ليتحول الخجل إلى غضب وإحباط حتى يدخل في عزلة.

ويشعر الفرد بعدم التوافق مع أفراد مجتمعه جراء ما يتعرض له من سخرية بسبب اسمه وهذا ما يدفعه للعنف حتى يوقف هذه السخرية، وقد تسبب مشكلة توريث الأسماء للأبناء انسحاب اجتماعي عمن حوله.

اخبار ذات صلة