وثقت مجموعة محامون من أجل العدالة 727 حالة اعتقال سياسي منذ بداية العام الجاري، لكن ما يؤكده حقوقيون أن الرقم أكبر من ذلك بكثير، لاسيما وأن هناك حالات تعتقل لأيام دون تبليغ الجهات الحقوقية لوجود متنفذين من أقاربهم يعملون في الأجهزة الشرطية التابعة لسلطة رام الله، وبالتالي يضغطون عليهم لعدم التبليغ عن اعتقالهم.
ومنذ سنوات تلاحق الأجهزة الأمنية في رام الله النشطاء السياسيين ومواطنين على خلفية انتماءاتهم السياسية وحرية الرأي والتعبير، كما تسارعت وتيرة الاعتقال التي تستهدف طلبة الجامعات لنشاطاتهم الطلابية.
أحد المطلوبين للأجهزة الأمنية على خلفية انتماءه السياسي لحركة المقاومة حماس، يتحدث لـ (الرسالة نت) أنه بعد حملة الاعتقالات في الآونة الأخيرة، وبطلب من ذويه قرر التخفي عن الأنظار ليس جبنا، بل حماية لنفسه من الظلم الذي سيتعرض له حال الاعتقال واجباره على الادلاء باعترافات لم يرتكبها تحت الضغط بفعل التعذيب، لاسيما وأنه تعرض للاعتقال مرتين قبل ذلك.
وأوضح الناشط السياسي –تتحفظ الرسالة على عدم ذكر اسمه- أن لديه عائلة وأطفال ويخشى أن يفقدوه جراء التعذيب، لاسيما وأنه يتعرض لحملة تشهير ومحاولة اظهاره بأنه غير وطني، مؤكدا أن ما تفعله السلطة سيكون كما المثل القائل "انقلب السحر على الساحر" وأن أهالي الضفة بفعل تقييد حريات ابناءها سيثورون في وجه الأجهزة الأمنية.
ملاحقة النشطاء اقتصاديا
وكانت مجموعة محامون من أجل العدالة قد أدانت في بيان لها حملة الاعتقالات التي تنفذها أجهزة السلطة التنفيذية وكان آخرها اعتقال الناشط عدي الشحروري من بلدة الفارعة جنوب طوباس.
وأشارت إلى وجود حملة اعتقالات تستهدف مدينة طوباس وقضائها منذ عدة أيام بهدف اعتقال نشطاء سياسيين في إطار حملة أوسع تستهدف المدن كافة المنخرطة في الحالة الوطنية المتصاعدة بشكل ملموس منذ بداية العام الماضي.
وأكدت المنظمة الحقوقية أنها وثقت عشرات حالات التعذيب منها 14 حالة عبروا بوضوح عن تعرضهم للتعذيب في محاضر التحقيق أمام النيابة أو المحكمة.
وعدّت تزايد حالات القمع والاعتقال مؤشرًا على الأزمة المستمرة التي تمر بها السلطة التنفيذية، منبهة إلى أن دور السلطة القضائية لا يقل عن ذلك فيما تقوم به من إجراءات بهدف توفير غطاء وشرعية لحالة القمع التي تستهدف حقوقا دستورية منها حق تقرير المصير، وتعبر عن مدى الانحراف في الدور والصلاحيات الممنوحة لها بموجب القانون.
وأكدت المجموعة على حق أي معتقل في التزام الصمت وعدم الاستجابة لأي تحقيق يرتبط بممارسة أي من الحقوق الدستورية المحمية بموجب القانون منذ لحظة التوقيف وحتى الإفراج، نظراً لعدم قانونية الاعتقال، ولتبعية النيابة والقضاء لإملاءات وتوجيهات السلطة التنفيذية؛ التي تمس ضمانات المحاكمة بشكل أساسي في الوقت الذي يجري استغلال الجهاز القضائي تارة وعدم احترام القرارات القضائية تارة أخرى.
يقول الحقوقي مصطفى شبات من الضفة المحتلة إن عام 2023 كان الأشد على النشطاء السياسيين وحملات الملاحقة التي طالتهم، لافتا إلى أن عدد المعتقلين سياسيا أكبر من الرقم الذي رصدته مجموعة محامون من أجل العدالة لاعتبارات عديدة.
وذكر شبات لـ (الرسالة نت) أن هناك العشرات من الأشخاص تم استدعاءهم واعتقلوا لأيام دون توثيق ذلك لرفضهم الحديث أو الضغط عليهم من قبل أقاربهم في الأجهزة الأمنية.
وأكد أن حملة الاعتقالات تتصاعد مع الحالة الوطنية خاصة في نابلس وجنين، وذلك واضح من تصريحات وزراء السلطة والمسئولين فيها حيث يبررون ما يجري بـ " لن نسمح بحالة الفوضى" – يقصدون المقاومة-، مشيرا إلى أن العام الماضي شهد ارتفاع لوتيرة الاعتقالات تزامنا مع حالة المقاومة شهري أغسطس وسبتمبر، ولايزال هناك حوالي 5 موقوفين رغم قرار الافراج عنهم.
وبحسب متابعته فإن التهم التي تلصق بالمعتقلين السياسيين هي أعمال مقاومة وليس أمور جنائية كما يدعي القضاة، مؤكدا أنه لا يوجد أي حالة جنائية واحدة.
ويرى أن ما تمارسه الأجهزة الأمنية فيه انتهاك لحقوق المعارضين حيث القمع وسلب حرياتهم، مشيرا إلى أن السلطة تجاوزت الحدود وليس على صعيد الاعتقال السياسي فقط بل ملاحقة النشطاء السياسيين اقتصاديا عبر قطع أرزاقهم وفصلهم التعسفي من وظائفهم.
وأوضح شبات أن ما تمارسه السلطة يسمى "عنف بنيوي" حيث يمارس النظام العنف على الافراد والنتيجة بات يدركها الجميع وهي الانفجار في وجه الظلم