سجلت المقاومة الفلسطينية نجاحات متتالية في الضفة الغربية على صعيد التمكن من "ترميم صفوفها وتسليح عناصرها وتنفيذ العمليات النوعية"، والتي نجحت في حصد أرواح عشرات الجنود والمستوطنين، وكان لذلك أثر مباشر على أمن الكيان الإسرائيلي، والذي بدأ يرتعد من التحولات الأمنية الحالية، وأصيب بإرباك شديد نتيجة الإخفاق المستمر في مواجهة العمليات، بالرغم من حالة الطوارئ التي يعيشها، وحزم الخطط الأمنية والعسكرية التي نفذت على مدار السنوات والأشهر الماضية إلا أنها لم تحقق الأمن المطلوب ولم تفلح في تحصين الجبهة الداخلية بأي صورة، الأمر الذي دفعه لبحث خيارات أخرى لحسم الأمر وفي مقدمة خياراته تفعيل الاغتيالات في غزة والخارج ظنًا منه بأن هذا الخيار يمكن أن يؤدي للقضاء على المقاومة في الضفة.
وقد بدأ الإعلام العبري بتسريب ما وصفه قرارات المجلس الأمني المصغر والتي تركزت في (عودة الاغتيالات) واستهداف قيادات المقاومة وفي مقدمتهم كوادر حركة حماس ومنهم "الشيخ صالح العاروري"؛ لكون الاحتلال يتهمه بالوقوف خلف العمليات الجارية في الضفة الغربية، إذ يعتقد الاحتلال بأن اغتيال الشيخ صالح يمكن أن يعيد له الأمن، ويمكن أن يقضي على المقاومة في الضفة الغربية، لكنه لا يعلم أن ثقافة وسياسة الاغتيالات لا تزيد المقاومة إلا عنفوان وقوة هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الاحتلال لا يدرك خطورة وأبعاد المساس بالشيخ صالح وباقي قيادات المقاومة التي يمكن أن تفتح عليه أبواب الجحيم، ويكون بذلك قد ورط نفسه في مواجهة شاملة لن يخرج منها منتصرًا في ظل استعدادات المقاومة لتدفيعه ثمن أي حماقة.
لكن هذا العدو دومًا يخطئ التقدير ويدفع ثمن عدوانه وحماقاته بحق شعبنا الفلسطيني، والمختلف هذه المرة أن أي مواجهة مفتوحة أو جولة جديدة من القتال ستكون صعبة وقاسية جدًا على العدو، وربما تكون معركة سيف القدس 2021 مناورة بسيطة لما يمكن أن تقدم عليه المقاومة حال تورط العدو في اغتيال أي من قيادات وكوادر المقاومة، وسيدرك حينها أن مراهنته على حسم المعركة لصالحه مراهنة خاسرة ولن يكون بمقدوره تحقيق أي نتائج لصالحه، وسيكون ذلك فرصة جديدة للمقاومة لتحقيق نقاط إضافية على طريق تهشيم هذا العدو وهزيمته وصولًا لكنسه وطرده نهائيًا عن أرض فلسطين.
وقد أكد الشيخ صالح في ذات السياق في كلمته الأخيرة عبر قناة الأقصى، بأن تهديدات الاحتلال بالاغتيال لن ترهب المقاومة، وأن الشعب الفلسطيني هو صاحب الحق وخياره هو مقاومة الاحتلال، وخاطب أهلنا في الضفة قائلًا: "لا عذر لأحد في التخلف عن معركتنا مع الاحتلال"، مشيراً إلى أنه وبالرغم من محدودية الخلايا المشتبكة إلا أن الاحتلال ومستوطنيه في حالة توتر دائم.
وفي ذات السياق أفصح بأنه كلما ارتفعت نسبة المقاومة في الضفة الغربية كلما اقترب موعد زوال الاحتلال والاستيطان، مضيفاً أنه "ممنوع تحييد أي سلاح فلسطيني في حال اعتدى المستوطنون على أهلنا في الضفة"، داعياً إلى معاقبة المستوطنين الذين يهاجمون القرى الفلسطينية، قائلاً: "يجب أن نقاتل الاحتلال والمستوطنين في كل الضفة الغربية لزيادة خسائر الاحتلال"، مشدداً على أنه يوجد لدينا خيارات للرد على جرائم الاحتلال بكل أنواعها، وأردف قائلاً: " أن أي تغير في الوضع القائم في الأقصى سيواجه بحرب إقليمية"، متسائلاً: "كيف يتقبل عربي أو فلسطيني فكرة الهدوء في ظل استمرار مخططات الاحتلال ضد الأقصى".
واستكمل حديثه بالقول: "نحن واثقون أننا في أي حرب شاملة سنهزم الاحتلال هزيمة لم يسبق له أن جربها"، عادّاً أن تحويل السلطة إلى جهاز خدماتي للاحتلال أمر خطير جداً، نظراً لأن الاعتقالات السياسية تضم كل الفصائل وهذا لا يجوز، تأتي رسائل الشيخ صالح لتقول للاحتلال فلتفعل ما يحلو لك، ولتستخدم كل قدراتك، ولتفعل كل خياراتك، فلن يزيدنا ذلك إلا إصرارًا على المقاومة والمواجهة، وأي عدوان سيكون له ثمن مضاعف، وفي نهاية المطاف ستخسر هذه المعركة وسترحل وأنت تجر أذيال الخزي والعار من أرض فلسطين مهما طال الزمن.
المصدر: صحيفة فلسطين