منذ اليوم الأول لاحتلال مدينة القدس لم تتوقف المشاريع الصهيونية الهادفة إلى تهويدها بُغية السيطرة الكاملة عليها وطرد سكانها منها، للإخلال في التوازن الديموغرافي لصالحه، وزاد هذا الأمر خطورة في ظل وجود الحكومة الصهيونية الدينية المتطرفة التي أقرت مؤخراً خطتها الخمسية ورصدت لها مبالغ مالية طائلة تزيد عند 850 مليون دولار، حيث تسعى الخطة إلى أسرلة التعليم، ورفع مستوى الرفاهية خدمةً للتنمية الاقتصادية لسكان شرقي القدس من المستوطنين، وكذلك تشجيع السياحة الداخلية لدى الاحتلال، وفوق ذلك كله العمل على تغيير ملامح المدينة بما يتوافق مع أكاذيب الرواية الصهيونية.
تُعد "الخطة الخمسية" محاولة صهيونية بائسة تهدف للسيطرة على مدينة القدس، والتي أقرتها الحكومة الصهيونية لخمس سنوات قادمة 2024-2028م من أجل تهويدها وطمس هويتها العربية والإسلامية. وتُركز الخطة الخمسية على التعليم والتنمية الاقتصادية لتعميق سيطرتها على المدينة، والعمل على أسرلة جيلها وتغييب وعيه، إضافةً إلى ربط المقدسيين بالاقتصاد الصهيوني خدمةً لمشاريعها التهويدية في القدس الشرقية.
حيث تُخطط "إسرائيل" للعمل على محاربة التعليم الفلسطيني وفرض مدارس لتعليم المنهاج الإسرائيلي؛ بُغية دمج الطلبة المقدسيين بالمجتمع الصهيوني، وتعليمهم المنهاج المُحرف الذي يسعى إلى تغييب وسلخ الطالب الفلسطيني عن هويته، كذلك لإسقاط الثقافة والرواية الفلسطينية من خلال نظام التعليم الصهيوني الذي يدعم تعليم (البجروت)، كما يعمل الاحتلال الإسرائيلي على ربط الاقتصاد المقدسي وجعله تابعاً بشكل كامل للاقتصاد الصهيوني، بغية تدمير الاقتصاد المقدسي. وعن البنية التحتية بمدينة القدس، يسعى الاحتلال إلى ربطها ودمجها بالمستوطنات الصهيونية بغية عزلها عن محيطها العربي في الضفة الغربية.
وعلى الرغم من المحاولات الصهيونية الهادفة إلى تغييب الهوية العربية لمدينة القدس، تارةً من خلال إحراق المسجد الأقصى والذي نحيا في ذكراه الرابعة والخمسين، وأخرى كانت عبر إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بأنها عاصمة لإسرائيل، وثالثة بالتجريف وزيادة أعداد المستوطنات الصهيونية، وبالرغم من الاستمرار وعدم التوقف في زيادة البؤر الاستيطانية والعمل على محاصرتها داخل حاراتها وأحيائها؛ إلا أن جميع تلك المحاولات والإجراءات لن تنجح في تجاوز صمود الشعب الفلسطيني وسيكتب لها الفشل المؤكد في نهاية المطاف.
تناسى الاحتلال الصهيوني أن الشعب الفلسطيني عصي على الانكسار، ولن يُسلم أو يستسلم ويرفع الراية البيضاء مهما تجبر وزاد من بطشه، وستظل فلسطين للفلسطينيين عربية إسلامية، وعلى هذه القاعدة تربى الأجيال جيل بعد جيل لتبقى فلسطين حاضرة في عقول الأجيال. وستبقى القدس عاصمة الدولة الفلسطينية الأبدية، فهي جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة. وستظل بقوة أهلها وعزيمتهم عصية على التهويد رغم كل الخطط والمخططات الصهيونية. كما أن سكان مدينة القدس عقدوا العزم على تمسكهم بالمنهاج التعليمي الفلسطيني، وأكدوا رفضهم المنهاج التعليمي الإسرائيلي (البجروت).