وسام عفيفه
بداية كل الناس خير وبركة , والحكومة في غزة بوزاراتها ووزرائها خاضوا معركة منقطعة النظير لمواجهة الحصار والاحتلال والمؤامرات الداخلية والخارجية , ويحسب لها أنها صمدت.
لكن قرارا بتعديل وزاري تم التوافق عليه في غزة منذ شهور لا يزال يراوح في إطار المشاورات الداخلية والفصائلية.
حماس حرصت في كل مراحل تشكيلاتها الوزارية منذ فوزها بالانتخابات عام 2006 أن "تعزم" الفصائل للمشاركة في الحكومة على قاعدة "اللي في بالو ما يحرم حالو" , لكن بين التمنع او الامتناع نتيجة حسابات شخصية أو مالية أو فصائلية رفض العديد "العزومة" على أمل أن يتلقوا دعوة "لوليمة" أفضل.
"الغيرة" من أطباع الناس, والتغيير "موضة اليوم " كما أنه سنة الحياة , ودوام الحال من المحال, لذا آن الأوان أن ينفذ التعديل الحكومي الموعود, بعد أن أكد د. خليل الحية القيادي في حماس أن الملف "استوى".
ليس بالضرورة أن يكون التغيير أو التعديل الوزاري نتيجة خلل, أو لان الموجود سيئ, بقدر ما هو طموح نحو الأفضل, والاستفادة من طاقات وكفاءات أخرى.
الحكومة الحالية تشكلت في ظروف استثنائية من الانقسام والعدوان الداخلي والخارجي, لذا كانت حكومة إدارة أزمة, أكثر منها حكومة إدارة مؤسسات, وربما التشكيل الجديد يأخذ حقه من المشاورات وتحديد الأولويات في ظل أوضاع اهدأ وعلى أرضية أقوى كما هو الحال اليوم.
التغيير يقدم رسالة للمواطن فحواها أن القيادة في غزة تفكر دائما به, وتبحث عن الأفضل وتقلب الوجوه والكفاءات للوصول إلى القوي الأمين.
المواطن في غزة يعترف بفضل الحكومة التي شاركته الهم وعاشت معه أيام الخنق, والضغط, والكبس, وحتى الفرم, لكنه دائما ينظر لما هو ابعد ويقول للقيادة كما يقول الحلاق لزبائنه عند دفع الأجرة: "العطا قيمة".
إذا كان العالم العربي يستيقظ اليوم على صيحات التغيير فنحن الفلسطينيين قدنا التغيير ضد الاحتلال, وضد الفساد, وضد الظلم ولا زلنا, وما حالة الانقسام إلا نتيجة لتغيير واقع تحكم فيه أمراء الأجهزة الأمنية والقطط السمان وسماسرة القضية.
وإذا كان الأمر يتعلق بتهميش الشباب العربي, فإننا في غزة وعبر تجربة حماس فان أكثرية من الشباب تقود الأطر التنظيمية والمؤسسات, والمجلس التشريعي, وصولا إلى الحكومة, بل ان الشباب قاد الانتفاضة الأولى والثانية وهو عنوان المقاومة المتواصلة.
التغيير يعني حركة.. ويقال: "في الحركة بركة" , كما انه يجنب التجلط الإداري والحكومي, ويمنع ارتفاع نسبة "الكولسترول" في السلطة, وبالتالي لا تكون الحكومة عرضة "للضغط" من المواطنين, وتتجدد الدماء في شرايين الوزارات والهيئات.
التغيير يعني وقفة لتقييم التجربة بكل جرأة ومصداقية دون "جبران خواطر" وانطلاقة جديدة تواكب تطورات المرحلة بعقلية ابعد نظرا وشمولية.
وإذا كان القادم ليس لديه جديد يميزه أو كفاءة أفضل, فنحن في غنى عن إضافة راتب وزير جديد على موازنة الحكومة المثقلة أصلا.
التغيير يعني أيضا تقييم السياسات والخطط, وليس مجرد تغيير الأسماء, وإلا فان "اللي تعرفه أحسن من اللي ماتعرفوش", وفي كل الأحوال يبقى تغيير على الطريقة "الغزية", وليس على طريقة الآخرين.