قائمة الموقع

مقال: غزة القائد لثورة العرب

2011-02-17T09:23:00+02:00

مصطفى الصواف

قلتها غير مرة أن غزة المحاصرة المكلومة المجروحة المكبلة ستقود المنطقة نحو التغيير الايجابي، فضحك من ضحك، وهز من هز رأسه مستعجبا من هذا القول، ولكن عندما كنت اؤكد على هذا المعنى كنت استحضر موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق عندما ضرب بمعوله الصخرة التي اعترضت الصحابة وهم ينفذون مشورة سلمان الفارسي، ففي الضربة الأولى قال عليه الصلاة والسلام فتحت روما إلى  نهاية الحديث المشهور عنه صلى الله عليه وسلم.

لان الرسول "صلى الله عليه وسلم" لم ينطق عن الهوى ويرى بنور الله، فكان يتحدث فيما هو على يقين انه سيحدث، عندها لو سمعه من يضحك من ضعف الضعيف الذي يرى بنور الله، كان أيضا سيضحك، محمد صلى الله عليه وسلم المحاصر من قوى الشرك وأباطرة الإرهاب العالمي يبشر قومه بفتح روما والقسطنطينية، ما هذا ، أيصدقه عقل، أو واقع محسوس، هذه أحلام، قولهم هذا نابع من ضعف عقيدتهم وإيمانهم ولكونهم لا يرون إلا ما هو واقع بين أرجلهم، ولا ينظرون إلى المستقبل، أو دفعهم إلى ذلك النكران حقدهم وكراهيتهم للإسلام والمسلمين، وهنا أستشهد بحادثة أخرى خلال هجرته صلى الله عليه وسلم عندما وعد سراقة سواري كسرى، أي وعد هذا الذي يعد به محمد صلى الله عليه وسلم سراقة وهو مطارد هاربا من ملاحقة قريش، هذه هي الأولى التي شابهت الثانية في الخندق، إنه وعد اليقين وعد الواثق بالله.

ونحن عندما قلنا أن غزة ستقود المنطقة نحو التغيير ليس لأننا نعلم بعلم الله أو أننا نرى بما كان يرى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن طبقنا نظرية القياس عندما تتشابه الأجزاء في قضيتين تكون الأحكام فيهما متشابه للاشتراك في العلة، فرسول الله كما اشرنا عندما وعد سراقة كان مطاردا وملاحقا، وعندما بشر المسلمين لفتح روما كان محاصرا وملة الكفر تكيد له، وغزة منذ سنوات محاصرة ومطاردة ويحيط بها الأعداء من كل حدب وصوب، لا لشيء إلا لكونها تتمسك يما تمسك به رسول الله صلى الله عليه سلم، وأبت إلا الانصياع لأمر الله وتمسكت بدينه وحافظت على دعوته وأبت الدنية فيهما.

واليوم على الأرض صدق ما توقعناه وها هي رياح التغيير التي قادتها غزة وبدأت بها ودفعت ثمنها تؤتي ثمارها وهي حاضرة في ثورتي تونس ومصر، لان الشعوب العربية تعلمت من درس غزة وفهمت كيف يمكن للكف أن تواجه المخرز، وكيف يمكن مواجهة الموت عندما يتساوى الموت والحياة في ظل الطغيان والجبروت، لان التونسي والمصري في ظل الطواغيت ميت وهو حي وميت وهو ميت، فآثر أن يموت من أجل الحياة بكرامة وحرية وشرف.

غزة التي تمسكت بحقها في الحياة وبثوابتها وبعقيدتها تواجه طواغيت الأرض من سقط منها ومن بقي، واستطاعت أن تصمد في وجه الرياح العاتية قدمت النموذج الذي سارت عليه ثورات الشعوب، فكانت القائد نحو التغيير المرتقب. 

 

اخبار ذات صلة