إذا مررت على مخيم نور شمس الآن بعد ليلة طويلة من المقاومة والخوف ستجد شوارع مكسرة ومليئة بالحفر وواجهات محلات زجاجية وقد تناثر زجاجها على الأرض، وسيارات ومحطمة النوافذ وإطارات مثقوبة، يغطيها غبار معركة حدثت ليلة الأمس، وفوق كل هذا شهيد لم يتجاوز الواحدة والعشرين، بعد ليلة اجتياحات طويلة لقوات الاحتلال لأزقة المخيم.
بدأت صفارات الإنذار بعد دخول المدرعات والدبابات إلى المخيم بعد منتصف الليل أصيب ثلاثة شبان اثنان منهم في حالة الخطر وقد وصلا إلى مستشفى ثابت، قبل أن يعلن عن استشهاد الشاب عايد أبو حرب متأثرا برصاصة في الرأس.
الصحافي إبراهيم نمر ذكر (للرسالة) أن قوات كبيرة من جيش الاحتلال مدعومة بجرافتين عسكريتين، اقتحمت مخيم نور شمس وتمركزت في حارة المحجر، في الوقت الذي حاصرت فيه المخيم وسط تعزيزات عسكرية مكثفة، اقتحمت خلالها عددا من منازل المواطنين ونشرت قناصتها على أسطحها.
ودمرت آليات الاحتلال عددا من المركبات المتوقفة في حارة المحجر، فيما دارت مواجهات عنيفة بين الشبان وجنود الاحتلال الذي أطلقوا الأعيرة النارية وقنابل الغاز السام باتجاههم، دون أن يبلغ عن إصابات أو اعتقالات.
ولأن الكرامات تورث للعائلة الواحدة يقول نمر: "الشهيد سميّ تيمنا بعمه الشهيد في الانتفاضة الثانية عايد خالد أبو حرب وهو من كوادر الأمن الوطني، وقد استشهد في اشتباك مع الاحتلال قرب مدخل رامين عام 2001، ثم ارتقى ابن شقيقه عايد سميح أبو حرب برصاص الاحتلال صباح اليوم في مخيم نور شمس.
في منزل الشهيد جاءت الأخبار سريعة لوالدته عبر إحدى "المجموعات" على فيس بوك، تناقلت الاسم فردت والدة الشهيد أبو حرب وقالت: "شو بتقولن يا بنات مشان الله هذا ابني".
فبدأت الأصوات تخفت وتنسحب حتى تأكد الخبر للأم الثكلى وجاءها جسد الابن شهيدا، قبل أن ينسحب الجيش بعد تفجير عبوة في إحدى آلياته.
وبالعودة إلى الصحافي إبراهيم نمر المتواجد أمام منزل الشهيد، قال إن الشهيد هو أكبر إخوته الخمسة، وأول فرحات أمه، وكان فقده صدمة كبيرة لوالديه، حيث كان يتجول في المخيم مع رفاقه عند دخول كتيبة الاحتلال".
ويعقب نمر: "يحاول الاحتلال القضاء على كتائب المقاومة داخل المخيم، يتصدون لهم فيرحلون دون أن يحققوا ما أرادوا، لكنهم دمروا الشوارع في حارتنا، وثلاثة محال تجارية".
وتابع: "دمروا جزءا من بيتي والسوبر ماركت المجاور، يحاول الاحتلال أن تدفيع الأهالي الثمن إذا ما فشل في اعتقال أحد شباب المقاومة، ويصيب في طريقه شبابا آخرين عابرين".
وباستشهاد أبو حرب يرتفع عدد من استشهدوا على يد قوات الاحتلال منذ بداية العام الحالي إلى 232.
ونعت فصائل العمل الوطني في طولكرم الشهيد عايد أبو حرب، ودعت إلى حداد شامل على روحه الطاهرة، فيما أعلنت مدارس مخيمي طولكرم ونور شمس عن تعطيل الدوام، إلى جانب رياض الأطفال القريبة من المخيمين.