بأدوات ناعمة، تتسارع عملية التطبيع بين (إسرائيل) والسعودية، مع أن الأخيرة تعلن دوما رفضها لأي علاقات رسمية مع الاحتلال قبل إيجاد حل للقضية الفلسطينية.
ما يجري على الأراضي السعودية من أنشطة مشتركة مع (إسرائيل) يمهد لتقبل المجتمع السعودي لإعلان صفقة التطبيع، فمثلا قبل حوالي شهرين وصل فريق (إسرائيلي) إلى السعودية للمشاركة في بطولة دولية للعبة "فيفا 2023" الإلكترونية الشهيرة، التي تنتجها شركة "إي أي سبورتس" وترعاها منظمة الاتحاد الدولي لكرة القدم.
وبحسب ما نقلته صحيفة (هآرتس) وقتها، فقد دخل الفريق الأراضي السعودية، قادماً من الإمارات، واستخدم جوازات سفره (الإسرائيلية) بشكل مباشر ومعلن لعبور إجراءات التفتيش.
واليوم على طريق التطبيع المرتقب يصل لأول مرة فريق (إسرائيلي) أخر، مختص في رياضة رفع الأثقال للمشاركة في بطولة العالم 2023 التي تقام هناك ضمن تمهيديات الدورة الأولمبية.
وقبل أسبوع قال موقع "i24" (الإسرائيلي)، إن طائرة كانت بطريقها إلى تل أبيب قادمة من جزر سيشل، اضطرت للهبوط في مطار جدة بالمملكة العربية السعودية بسبب عطل تقني في الطائرة.
لم يمر الخبر مرور الكرام على المتابعين لمحاولات التطبيع بين الطرفين، فاعتبر البعض أن ذلك من ضمن الخطوات التمهيدية.
وكانت السعودية سابقا لا تمانع إقامة علاقة مع (إسرائيل) بشرط أن يقدم (الإسرائيليون) تنازلات حقيقية وعلى رأسها الاعتراف بدولة فلسطين على حدود 67 وفق المبادرة العربية للسلام التي تتبناها المملكة من أجل حل الصراع الفلسطيني (الإسرائيلي)، وبالتالي ترفض إقامة أي علاقات رسمية مع كيان الاحتلال قبل إيجاد حل للقضية الفلسطينية، لكن يبدو أنها تنازلت عن هذا الشرط وفق المعطيات على الأرض.
فعاليات رياضية للتطبيع
يقول محمد هلسة المختص في الشأن (الإسرائيلي): "لم يعد يخفى أن هناك سلسلة من اللقاءات والمباحثات التي تجري بين السعودية و(إسرائيل) بوساطة أمريكية لتطبيع العلاقات"، مضيفا: الفعاليات الرياضية تأتي لتلطيف الأجواء تمهيدا للإعلان الرسمي عن عملية التطبيع.
وذكر هلسة لـ (الرسالة نت) أنه جرى حديث في الوسط الفلسطيني عن زيارات مرتقبة لقيادات فلسطينية تأتي في سياق رفع المطالب الفلسطينية ووضعها أمام القيادة السعودية تمهيدا للمقايضة بمعنى "نقبل التطبيع مع (الإسرائيلي) مقابل الحصول على امتيازات"، لافتا إلى أن الأجواء السياسية تمهد لحدوث خطوة تنفيذية قريبة لإعلان التطبيع.
ولفت المختص في الشأن (الإسرائيلي) أن القضية الفلسطينية جزء من مطالب السعودية التي أوردتها للإدارة الأمريكية التي تجري عبرها وساطة صفقة التطبيع، مشيرا إلى أن المملكة أبلغت الوساطة الأمريكية برغبتها في الحصول على برنامج نووي سلمي وغيرها من القضايا التي تشترطها للتطبيع مع (إسرائيل).
وأكد أن النشاط الرياضي وتحليق الطيران يأتي من باب تحضير العقل العربي لتقبل فكرة الإعلان عن تطبيع العلاقات بين السعودية و(إسرائيل).
وفي ذات السياق يذكر إبراهيم حبيب خبير الأمن القومي، أن إعلان صفقة التطبيع بين السعودية و(إسرائيل) مرتبط بالمزاج الشعبي العام، كون المملكة لديها خصوصية من الناحية الدينية، بينما كنظام تخشى الإفصاح عن علاقتها مع الاحتلال خوفا من ردة الفعل.
ويؤكد لـ (الرسالة نت) أن السعوديين يرفضون التطبيع مع الاحتلال، لذا يعمل النظام السعودي على التمهيد عبر عمليات تدريجية ناعمة لإعطاء الفرصة للمجتمع لتقبل الوجود (الإسرائيلي) والاندماج بين الشعبين.
وأشار حبيب إلى أن عملية التطبيع تجري بضغط أمريكي، استجابت السعودية لجزء منه ولاتزال تشترط دعمها في برنامج نووي سلمي.
وتجدر الإشارة إلى أن السعودية تعترف بالدولة الفلسطينية عبر الضفة الغربية وغزة وشرقي القدس، وهي الأراضي التي احتلتها (إسرائيل) خلال الحرب العربية (الإسرائيلية) عام 1967.
وبشكل علني، لم تعترف السعودية حتى اللحظة بـ (إسرائيل)، كونها لم تنضم إلى "اتفاقيات أبراهام" المبرمة عام 2020 بوساطة الولايات المتحدة والتي أفضت إلى علاقات رسمية بين (إسرائيل) والإمارات والبحرين.