قائمة الموقع

هذه حكاية (الهدمي) المحاصر داخل أحياء القدس!

2023-09-06T16:24:00+03:00
غزة – مها شهوان

 

اعتاد أصدقاء المقدسي ناصر هدمي - 54 عاما- أن تصلهم رسالة نصية عبر تطبيق الواتساب مفادها " تجديد قرار (إسرائيلي) بمنعي من الدخول إلى أحياء شرقي القدس والمسجد الأقصى، ومنعي السفر مدة عام"، فالمدة تختلف من حين لآخر وبمجرد انتهائها سرعان ما يصدر حكم جديد.

المقدسي الهدمي والحاصل على شهادة الدكتوراة في التخطيط المدني وأثره على السكان، سجن 6 مرات لدى الاحتلال على فترات ما بين 1993 – 2018، وبعدها لجأت سلطات الاحتلال إلى سياسة أكثر شدة وهي خنقه في الحي الذي يسكنه وملاحقته في رزقه.

اسم الهدمي معروف في الوسط الإعلامي على مستوى فلسطين ولأي مؤسسة دولية تعنى بالقضية الفلسطينية وخاصة بمدينة القدس، فهو بالأساس رئيس الهيئة المقدسية، ولم يبخل على أحد بمعلومة عن القدس وأحيائها العتيقة، تحدث إلى (الرسالة نت) ليروي معاناة يعيشها منذ سنوات.

بلهجة تحد، يحكي الهدمي أن آخر مرة اعتقل فيها كانت عام 2018، ثم اتبع معه الاحتلال سياسة جديدة وهي أشد انتهاكا "المنع من السفر وتقييد الحركة"، ودوما الحجة "يهدد أمن إسرائيل" لذا فرض الإقامة الجبرية عليه كي لا يتواصل مع أحد من خارج البلاد.

قبل يومين صدر بحقه قرار تحديد حركته من جديد، ومنعه من الوصول إلى شرقي القدس والبلدة القديمة والمسجد الأقصى، بالإضافة إلى منعه من التواصل مع شخصيات مقدسية ذات ثقل.

القرار لم يكن جديدا على الهدمي، فقبل أسبوعين فقط انتهت فترة قرار تحديد مكان إقامته السابق والذي استمر لعامين ونصف.

ما جرى تحديدا أنه تم تسليم الهدمي خارطة طريق تحدد له خط سيره في المناطق المسموح له بها، وهنا يعلق "حياتي تتعطل بشكل كبير، فمثلا البنك الذي أصله في خمسة دقائق وأمنع الدخول لمنطقته اضطر للذهاب إلى فرع آخر يستغرق ساعة، عدا عن تعطل حياتي الاجتماعية".

يتابع: "لم أعد أصطحب بناتي إلى المدرسة، وحتى زياراتي العائلية تعطلت وأصبح أقاربي هم من يأتون لزيارتي، وقد يستغرب البعض أنني ألجأ لمدينة أريحا للاجتماع بأقاربي في بيت مستأجر هناك".

ويذكر أن الاحتلال لم يكتف بتقييد حركته، بل ينتقم منه عبر فرض ضرائب باهظة وصلت إلى مليون شيكل لايزال يسدد فيها، ومن بعدها أعلن إفلاسه، مشيرا إلى أن الاحتلال يفعل ذلك انتقاما منه بعد اتهامه أنه قيادي في حركة حماس وينفذ استراتيجيتها في القدس وأن أنشطته تهدد أمن (إسرائيل).

ويؤكد أن ما يفعله الاحتلال هو تنكيل وانتقام كونه يعمل في التحليل السياسي ويكتب التقارير التي توثق الانتهاكات ضد الأقصى ويضعها في سياقها التهويدي، فذلك يزعج سلطات الاحتلال كون الهدمي يكشف خفايا الإجراءات التهويدية ضد الأقصى.

القيود والروتين اليومي

المخطط الذي تسلمه الهدمي لتحديد مسار طريقه جعل الوصول إلى المحل التجاري الذي يملكه صعبا، لكن حبه للمدينة المقدسة جعله يواجه سياسة الاحتلال في تكميم أفواه الناشطين والتنكيل بهم وبأهاليهم وارهاب اهل المدينة بشكل عام بالصبر والتحدي والثبات.

ورغم ثباته إلا أن القيود التي وضعها الاحتلال على حركته أثرت بشكل كبير على الروتين اليومي لحياته كما يقول.

ويضيف: "عائلتي وأصدقائي يسكنون في القسم الشرقي من القدس، وفي حال فكرت في المشاركة بمناسباتهم حال تمكنت من الوصول أهرب من التصوير"، متابعا: كثير من المناسبات والأفراح لا أشارك عائلتي بها كوني محاصر في حي الصوانة حيث أقيم".

وكثيرا ما يشعر بالضيق حين يتصل عليه أصدقاء له من الضفة وصلوا الأقصى، فيطلبون منه المجيء لكن يخبرهم بعدم قدرته على ذلك أو إلى بيته لرؤيته، وفي ذات الوقت يخبر أن هذا الأمر لا يوصله إلى الانكسار أو التراجع عن مبادئه الوطنية.

ويحكي أن قرار تقييد حركته يشعره بالوحدة وكأنه سجين، لكن ما ينعشه كما يقول إن العشرة أيام التي كانت بين انتهاء إخطار إبعاده وتجديده يستغلها في زيارة الأماكن التي حرم من الوصول إليها بقيود الاحتلال، فيتنقل بين أزقة البلدة القديمة وبيوت أهله وأقاربه وأصحابه.

أما المسجد الأقصى فحكايته لا يمكن وصفها كما يحكي، فهو يقضي طيلة الوقت فيه يصلي الفجر ويبقى حتى الضحى، ويصلي كل الصلوات فيه معلقا "بدي أشبع منه"، ثم يكمل "حين التقي بأصدقائي بالأقصى يستقبلوني مهللين فرحين".

اخبار ذات صلة