الرسالة نت - خلود نصار
إن كنت زائرا لمدينة غزة وفكرت بالتجول في شوارعها وأحيائها ستشعر أنك تسير بين صفحات التاريخ ماضيه وحاضره، فحي الدرج الذي يقبع في قلب المدينة القديمة ما زالت أزقته تحتفظ بمعالمه القديمة، وحجارته التي أنهكتها السنين، بينما يشعرك حي الرمال الذي يقع تقريبا في وسط غزة بحداثة الحاضر بسبب ازدحام شوارعه بالمواطنين والمحال التجارية الحديثة.
غزة التي يرجع اسمها إلى العزة والقوة حسب بعض الكتب تتربع في قلب العالم، واستحقت بجدارة لقب بوابة آسيا ومدخل إفريقيا كما وصفها نابليون معبرا بذلك عن أهميتها الجغرافية.
"الرسالة نت" بحثت في ملفات البلدية وذاكرة كبار السن من السكان الذين عاشوا في غزة سنين طويلة لمعرفة أسرار المدينة التي تعتبر بوابة العالم.
أحياء بأسماء المحاصيل
حي الزيتون الذي يقع في قلب المدينة سمي بهذا الاسم لكثرة أشجار الزيتون التي ما زالت تغطي معظم أراضيه الجنوبية حتى اليوم رغم ما دمره الاحتلال الصهيوني في اجتياحاته المتكررة للمنطقة.
في حين سمي حي التفاح الذي يقع الى الشمال من تلة غـزة القديمة بهذا الاسم لكثرة مزارع التفاح التي كانت تسحر أعين زائريها بزهرها الثلجي اللون ورائحتها التي كانت تزكم الأنوف، وقد أطلق عليه قديماً "حكر التفاح"، وكان به خان يسمى "خان حكر التفاح".
ويقول ابو ابراهيم صالح عن سبب تسمية حي الصبرة بهذا الاسم،:" اشتهر الحي قديما بزراعة الصبر، فقد كانت المزارع محاطة بسياج من الصبر يلفها من جميع الاتجاهات لذا اطلق عليه هذا الاسم ".
أما حي الشيخ رضوان الذي لم يوجد سببا لتسميته في كتب التاريخ, فقد ذكر أحد سكانيه الستيني أبو أحمد العابد أنه سمي بهذا الاسم نسبة لرجل صالح اسمه رضوان، ورث هذه الأرض عن والده و دفن فيها، و هو أخ الشيخ عجلين الذي سمي أيضا حي الشيخ عجلين باسمه .
ولا تستغرب عندما تعلم ان حي الرمال الذي يضج بالحركة كان قبل أعوام كثبان رملية لا حياة فيها. فكما يقول أحد سكان الحي عطا الله بكر:" الحي كان قبل أعوام سوافي رملية صفراء كرمل البحر لا يوجد به أي نوع من الخدمات" ومن هنا جاءت تسميته .
وخلدت بعض الأحياء الشهداء والشخصيات التاريخية من خلال اطلاق أسمائهم عليها كحي الشجاعية الذي تنسب تسميته للشهيد "شجاع الدين الكردي" الذي استشهد في احدى المعارك بين الأيوبيين والصليبيين سنة 637 هجري/1239 ميلادي.
بينما يسمى القسم الجنوبي من الحي باسم (حي التركمان) الذي اكتسب اسمه من الجالية التركمانية التي كانت تقيم هناك في عهد المماليك حسب كتاب غزة عبر التاريخ لمؤلفه ابراهيم سكيك .
شوارع غزة
وكما حملت بعض الاحياء أسماءً لشهداء، كنيت شوارعها بأسماء بعض الشخصيات التاريخية كشارع عمر المختار الذي لا تجد لقدميك متسعا عند السير فيه، وطارق بن زياد، وشارع عز الدين القسام، وشارع صلاح الدين الأيوبي الذي يصل شمال القطاع بجنوبه، وشارع الشيخ الشهيد أحمد ياسين الذي حمل اسمه بعد استشهاده، إضافة لشارع البحر الذي تغير اسمه لياسر عرفات الرئيس الفلسطيني السابق.
و تذكيرا بالمدن الفلسطينية عام 1948 حملت شوارع غزة بعض أسمائها كشارع اللد و الرملة و يافا و صفد و المجدل لتكون ناقوسا يدق في عقول الفلسطينيين أينما حلوا.
واطلق السكان على بعض شوارع غزة اسماءً مخالفة لتلك التي وضعتها البلدية كالشارع الشهير بالثلاثيني والذي سمي بذلك بسبب عرضه الذي يبلغ ثلاثين مترا، ولكن اسمه الحقيقي جمال عبد الناصر.
ومن الشوارع المشهورة في غزة ، شارع الثورة الذي يعود تسميته للثورة المصرية في عام (1952م) ، وشارع النفق الذي يمتد أسفل منه نفقا كبيرا يوصل مياه غزة في فصل الشتاء لبركة الشيخ رضوان.
ورغم صغر مساحة غزة الا انها تحوي شوارعا بأسماء عواصم ومدن عربية كمدينة بغداد العاصمة العراقية، والقاهرة العاصمة المصرية، والمنصورة، وبورسعيد، والرياض عاصمة السعودية، وصنعاء عاصمة اليمن، والخرطوم عاصمة السودان، وعمان عاصمة الاردن، وأبو ظبي عاصمة الامارات، وذلك تقديرا لهذه المدن.
تل المنطار
"تل المنطار" من المناطق المهمة في غزة، لارتفاعه عن سطح البحر بـ (85م)، سمي" بالمنطار " لكونه موقعا لـ(النطرة)، حيث استعمله العرب المسلمون زمن الفتح الاسلامي كبرج للمراقبة وتنبيه المدينة من أي غزو قادم.
وتعقيبا على تسمية الأحياء، ذكر مدير دائرة التنظيم والتخطيط الحضري في بلدية غزة المهندس مؤنس فارس أنهم يختارون أسماء الاحياء والشوارع بحيث تكون لها علاقة بالإسلام، أي شخصيات اسلامية أو تاريخية أو أسماء لعواصم عربية لها يد في دعم الشعب الفلسطيني.
وأوضح فارس أنهم بعد وضعهم للأسماء، يجمعون السيرة الذاتية لكل اسم ويتم عرضها على لجنة فنية ثم على المجلس البلدي ليتم ترشيح كل اسم لأحد الشوارع أو الأحياء وذلك حسب أهمية الشخص.
و بهذه الأسماء التي حمل كل منها معنى مختلف تستعيد أحياء غزة حكايات طوتها السنين كلما صدح ساكنيها بأسمائها.