قائمة الموقع

مقال: مناورات الركن الشديد.. الرسائل والدلائل

2023-09-10T19:47:00+03:00
د. خالد النجار
د. خالد النجار

تتأهب المقاومة في قطاع غزة لإجراء مناورة الركن الشديد، والتي تحمل في ثناياها رسائل ودلائل تمثل تحديًا للاحتلال عبر كل المستويات، العسكرية، والأمنية، والسياسية، والاجتماعية، باعتبار أن البعد الاجتماعي له دورًا هامًا في تعزيز وتطور سلاح المقاومة، والذي بات يشكل تهديدًا واضحًا للاحتلال، سواء في غزة، أو الضفة الغربية، أو في الساحات الأخرى التي يتخوف منها الاحتلال في فترة ذات حساسية عالية، تتزامن مع ارتفاع وتصاعد عمليات المقاومة في الضفة.

إن حالة الاستعداد والجهوزية الدائمة لأذرع المقاومة في خضم الصراع مع الاحتلال، له انعكاسات مهمة على واقع الجبهة الداخلية في قطاع غزة والضفة الغربية وكذلك الداخل المحتل، لتحصين الحاضنة الشعبية، وجعلها أكثر ثقة بمقدرات المقاومة، وقدرتها على استنزاف الاحتلال ومشاغلته، بل وإلحاق الأذى به، والمساس بسمعة جيشه الذي يفتقد لمقومات الصمود خلال هذه الفترة والتي يعاني منها بسبب الأزمة الداخلية وآثارها على بنية الجيش، لأن كافة وسائل إعلام الاحتلال لا تزال تتحدث منذ فترة طويلة حول تداعيات التعديلات القضائية على كفاءة الجيش، وتنقل قيادات عسكرية خطورة الأزمة البنيوية لحكومة الاحتلال على قرارات أمنية وعسكرية قد تغير خارطة الجيش خلال السنوات المقبلة.

وفي خضم الأحداث المتسارعة للاحتلال، تجري كتيبة العياش تطويرًا لصاروخ قسام 1، حيث أجرت عدة محاولات إطلاق على مستوطنة شاكيد، كمحاولة للوصول إلى مرحلة متقدمة في مواجهة الاحتلال، وهو سيناريو يتخوف منه العدو في الوقت القريب، إذ إن مثل هذه التجارب لا تزال راسخة في عقول القادة الأمنيين في دولة الاحتلال، حين بدأتها المقاومة في قطاع غزة، آخذةً بالتطور، إلى أن دخلت الخدمة العسكرية صواريخ متوسطة المدى تضرب تل ابيب والقدس وتغطي فلسطين المحتلة بأكملها.

سرعة السباق نحو التسلح، ومقاومة الاحتلال، والإصرار على مشاغلته في العديد من الساحات، وفتح العديد من الجبهات، والتنسيق العالي بين فصائل المقاومة في معركة سيف القدس، وثأر الأحرار، والمواجهات الأخيرة التي تسببت في الإطاحة بحكومة نفتالي بينت، وحرجًا لحكومة اليمين الصهيوني برآسة نتنياهو، وتصدعات في الرؤى والتطلعات الصهيونية في المنطقة، شكلت جميعها كوابح للعدو وتقييد لحريته في الانقضاض على المقاومة، وبات يتوجس في تقديرات موقفه التي تعدها المنظومة الأمنية من تداعيات أي مواجهة عسكرية مع المقاومة، سيما في ظل ذروة التهديد التي يطلقها الاحتلال ويحاول من خلالها ضرب الحالة البنيوية لمشروع المقاومة، لكنه لا يزال فاشلاً في تحقيق ذلك، لأن عوامل البيئة الاستراتيجية قد تغيرت في فترة زمنية قياسية، وهو ما يدفع الاحتلال نحو البحث عن ردود عملية خاطفة لترميم حالة الردع.

يدرك الاحتلال تعقيدات المشهد في الضفة وقطاع غزة، ويجري تقييمًا لإمكانية مهاجمة المقاومة في الساحتين معًا، باعتبار أن التفرد بساحة واحدة سيفجر الأخرى بشكل غير مسبوق، إلى جانب بعض الساحات التي لن يطول صمتها، ما يعني تعدد جبهات القتال، والذهاب نحو معركة شاملة؛ وهنا يكمن التساؤل حول مدى جهوزية الجيش لهذا السيناريو؟

تؤكد التقديرات الصهيونية أن العدو يبحث عن ترميم صورة الردع، بصرف النظر عن أي مصدر مهدد للاحتلال، أو مكان تواجده، على غرار ما صرح به نتنياهو وقيادته الأمنية والعسكرية، وبالتالي لا يزال المشهد أكثر تعقيدًا أمام حكومة الاحتلال في تحديد نقطة البدء بالمواجهة.

اخبار ذات صلة