الخليل.. مدينة العمليات المعقدة التي يخشاها الاحتلال

الرسالة نت- رشا فرحات

أغلق جيش الاحتلال (الإسرائيلي) الشهر الماضي مداخل مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية بالحواجز العسكرية، عقب هجوم نفذه فلسطينيون، أسفر عن مقتل مستوطنة وإصابة آخر بجراح، ومع بداية سبتمبر بعد اقتحام الجنود للمدينة والتهجم على سيدات من عائلة العجلوني أقدم شاب من الخليل على عملية فدائية أخرى في منطقة باب العامود بالقدس المحتلة.

ومن هنا جددت الخليل مقاومتها مع الاحتلال، مقاومة قديمة يعرفها التاريخ جيدا، ولكنها في المشهد الذي بدأ منذ عامين أخذت تدريجيا تزاحم نابلس وجنين على حجم المقاومة وديمومتها ما جعل الاحتلال يعلن صراحة توجسه من دخول الخليل كجبهة ثالثة تصعّب عليه الأمر.

وعن دخول الخليل بكثافة وقوة هذا العام إلى جانب نابلس، يرى المحلل السياسي أكرم النتشة أن مصطلح دخول الخليل إلى ساحة المعركة قد يكون ظالما، ولكن هناك طريقة في الخليل تختلف عنها في نابلس وجنين.

ويلفت النتشة إلى أن الخليل مدينة مليئة بالمستوطنات، يعيش الاستيطان داخلها، وهو ما يجعل أمر المقاومة والتنظيم للعمليات يتم بسرية بالغة، فلا يجهر أهل الخليل بمقاومتهم، كما يظل الاحتلال متربصا ومتيقظا وبنفس الوقت غير متوقع للضربة التي ستأتي من الخليل وكيف ستكون.

الحالة الموجودة للمقاومة لا زالت على حالها، وفقا للنتشة، ولكنها تختلف بأن العمل المسلح الشعبوي في الشمال علني ولكنه في الخليل سري للغاية، وهكذا هو حال المدينة منذ بداية الاحتلال، وعلى مدار السنوات الطويلة التي كتبها التاريخ كان هذا هو أسلوب الخليل في مقاومتها، وهذا له معادلة أخرى حسب النتشة فهي لا زالت تحتفظ بعنصر السرية والمفاجأة التي تجعلنا نتوقع أي شيء، وكذلك لا يستطيع الاحتلال التوقع.

عمليات خطف المستوطنين وعمليات تفجيرات معقدة في أواخر الانتفاضة كانت معظمها من الخليل، وكانت كلها مبنية على عنصر المفاجأة، وفي كل مرة نعترف أن هناك عملا كبيرا يحضر، بالإضافة إلى توفر السلاح في المدينة وهو ما يعمل له الاحتلال حسابا أكبر.

ويرى النتشة أن لدى الخليل طريقتها في التأهب، سرية أحيانا، ومتأهبة أحيانا، وكاتبة للتاريخ أحيانا أخرى، ومحاطة بالاستيطان، وعدد السكان فيها أكبر، وربما أيدولوجيتها أوسع وأكثر تنوعا، وكلها أسباب لا تجعلنا نتوقع القادم.

الكاتب والمحلل السياسي سليمان بشارات يرى أن نشر الإعلام (الإسرائيلي) تخوفه من وراء ظهور الخليل على ساحة المواجهة بهذه القوة هو استباق للأحداث خوفا من تدحرج تجربة جنين ونابلس وأريحا حتى تصبح حالة شاملة في الضفة كلها.

الاحتلال (الإسرائيلي) حاول حصر ظاهرة المقاومة في شمال الضفة الغربية، ولا يريد أن يدخل الجنوب إلى الصورة حتى يستطيع السيطرة على المشهد، حسب توقع بشارات، قائلا: "كما أن للخليل رمزية في العمل النضالي لوجود الخزان البشري الكبير فهي محافظة كبيرة وتعداد سكانها أكبر، وانتماءاتها الفكرية القريبة من التيارات الإسلامية كبيرة جدا".

يخشى الاحتلال أن يكون هناك حالة ضعف أمني في الخليل لوجود تماس ما بين السكان والمستوطنين وهو ما يجعل خسائر الاحتلال مضاعفة في حال وقوع أي عملية بالمدينة.

وقال روعي شارون، المراسل العسكري للإذاعة العامة، إن مدينة "الخليل هي آخر المدن الفلسطينية استيقاظًا، ولكن في حال انضمامها لأي انتفاضة فإن العمليات ستصبح أكثر فتكًا ودموية".

البث المباشر