اعتدت قوات الاحتلال بوحشية على المرابطين والمرابطات على أبواب المسجد الأقصى، بالتزامن مع اقتحامات المستوطنين الواسعة للمسجد. ومنعت المقدسيين الذين تقل أعمارهم عن ال50 عاماً من الدخول الى المسجد الأقصى، وأدى "الشبان والنساء" الصلاة على عتبات الأقصى بعد منعهم من الدخول.
ولعل المشهد الأخطر هو نفخ المستوطنين في البوق لمرتين خلال اقتحامهم باحات الأقصى، وكذلك خلال تواجدهم في المنطقة الشرقية قرب مصلى باب الرحمة.
وتبدأ الأعياد اليهودية مع "رأس السنة العبرية" ويتبعها "أيام التوبة" ثم "عيد الغفران" في 25-9؛ و"عيد العرش" من 30-9 وحتى 7-10-2023.
وتواصل جماعات ومنظمات الهيكل المتطرفة نشر الدعوات اليومية لتنفيذ أكبر اقتحامات للأقصى خلال هذه الفترة، كما أعلنت جماعة "جبل الهيكل في أيدينا" المتطرفة عن توفير حافلات مجانية لنقل المستوطنين الى الأقصى.
الباحث المختص بدراسات بيت المقدس زياد ابحيص يقول "نفخ البوق في الأقصى إعلان سيادة وخطوة على طريق "التأسيس المعنوي للهيكل".
ويرى ابحيص أن هذا عدوان خطير شهده الأقصى، حيث نُفخ البوق فيه مرتين، وقد تمكن حراس الأقصى من توثيق ذلك بشكلٍ واضح ولأول مرة؛ بعد أن كانت جماعات الهيكل المتطرفة قد تمكنت من نفخ البوق في الأقصى مرتين لعامين متتاليين 2021-2022 بشكلٍ خاطف دون أي توثيق.
ويتساءل ابحيص: "فما الذي يعنيه هذا العدوان؟".
المعنى الأول لهذا المشهد، وفق ابحيص، أن النفخ بالبوق في الفهم التوراتي له معنى التفوق والسيادة؛ لذلك نفخ حاخام جيش الاحتلال شلومو جوريون بالبوق على جبال سيناء عند احتلالها عام 1956 وعند تلة المغاربة عند احتلال شرقي القدس عام 1967، ولذلك ينفخ المستوطنون بالبوق في "عيد الاستقلال" (النكبة) كل عام.
ويضيف ابحيص تفسيرا آخر للمشهد: "النفخ في البوق علامة بدء مرحلة جديدة من الزمن، فهو يفصل بين السنوات العبرية، وهو بداية يوم القيامة؛ وبهذا يكون نفخ البوق في الأقصى بنظر جماعات الهيكل يفصل بين زمانين: زمان هويته الإسلامية الذي يتوهمون أنه انتهى وزمان تهويده الذي يظنون أنه بدأ.
ويشير ابحيص إلى أن النفخ في باحات الأقصى يعطي حاخامات الصهيونية الدينية معاني عجائبية، من بينها أنه أحد علامات الخلاص وإيذان بمجيء المخلص وبناء الهيكل الثالث الأسطوري؛ ولذلك يتسابقون لنفخه في الأقصى حتى يكون سبباً بتعجيل ظهور هذا المخلص، وتدخل الرب المباشر لحسم المعركة لصالحهم، حسب زعمهم.
بدوره يقول المحلل السياسي المختص بالشأن (الإسرائيلي) محمد علان دراغمة: "هذه ليست المرة الأولى التي يقوم المتطرفون فيها بأداء طقوسهم التلمودية في باحات الأقصى، ففي العام الماضي نفخوا في البوق، وفي العام الذي سبقه، وهذا العام سجلت المرة الثالثة، وكل الطقوس والسجود في الباحات يشكل أهمية للمتطرفين".
ويلفت دراغمة في مقابلة مع (الرسالة) إلى أن كل المحاولات تهدف لفرض وقائع جديدة وتغيير الوضع القائم المتفق عليه، وتحديدا بين الأردن ودولة الاحتلال ولتثبيت وقائع جديدة على الأرض وشرعنة هذه السلوكيات.
وبين أن الأوقاف مغيبة لأنها غير محمية وليس بيدها شيء، مبينا أن الأمر بيد الأردن وهي صاحبة القرار، ولكنها تلتزم الصمت وتسير في كل مرة عبر قنوات رسمية بين الأردن والاحتلال الذي لا يحترم أي اتفاقيات أو رسميات ويسمح لمستوطنيه بممارسة كل اقتحاماته.
وكان 423 متطرفا قد اقتحموا باحات المسجد الأقصى بالأمس، وبحماية من شرطة الاحتلال خلال فترتي الاقتحامات الصباحية وبعد الظهر، عبر باب المغاربة الذي سيطرت شرطة الاحتلال على مفاتيحه منذ احتلال مدينة القدس عام 1967- كما أوضحت دائرة الأوقاف الإسلامية".
وجاءت الاقتحامات احتفالا بما يسمونه الأعياد اليهودية أو "رأس السنة العبرية"، وأدوا طقوسهم التلمودية بلباس "الكهنة" التوراتي وسجدوا ما يعتقدون أنه "السجود الملحمي"، على بوابات الأقصى.