تأسست السلطة الفلسطينية عام 1994 نتيجة اتفاق اوسلو عام 1993 والذي تم برعاية أمريكية ودولية بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الصهيونية وسمي حينها اتفاق غزة -أريحا، لفترة انتقالية لمدة 5 سنوات كمرحلة كما تم تسويقه حينها للوصول لمفاوضات الحل النهائي لإقامة دوله فلسطينية، جاء هذه الاتفاق كالتفاف على الانتفاضة الاولى 1987 والتي ازدادت قوتها ذلك الوقت بشكل أكبر، بعد انخراط كل مكونات المجتمع الفلسطيني، حينها فقد الجيش الصهيوني السيطرة عليها، وكان الرئيس محمود عباس مترأسا للوفد المفاوض والذي خرج بنتائجه التي لا زالت الشعب يجني آثارها حتى يومنا هذا، لكن وبعد انقضاء الخمس سنوات ووصولا لسبع سنوات لم تحقق هذه المفاوضات ايٍ من أهدافها للشعب الفلسطيني.
ومنذ تأسيس السلطة الفلسطينية كان الحديث الدائم عن الدور الوظيفي لأجهزة السلطة وسط حالة القمع للحريات، على الرغم من اعتراف عدد من ساسة السلطة الفلسطينية وساسة دولة الاحتلال بأن مسار المفاوضات قد فشل في الوصول لدولة فلسطينية حسب ما تم الاتفاق عليه بأوسلو، مما أدى لاندلاع الانتفاضة الثانية " انتفاضة الأقصى" بعد اقتحام رئيس حزب الليكود آنذاك أرئيل شارون لباحات المسجد الأقصى صباح الخميس ال 27 من سبتمبر 2000 ، والتي داست فيه دولة الاحتلال على كل الاتفاقيات بعد اجتياحها لمناطق السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية ومحاصرتها لمقر الرئيس الراحل ياسر عرفات في عملية اطلقت عليها السور الواقي عام 2002، ومع ضربات المقاومة في قطاع غزة لمواقع الجيش والمستوطنات أُجبرت حكومة الاحتلال للانسحاب من قطاع غزة من جانب واحد في أغسطس عام 2005
الغريب في الأمر أن السلطة الفلسطينية ومنذ تأسيسها اتخذت موقفا عدائيا ضد المقاومة والفصائل المقاومة وتبنت خط المفاوضات من اجل المفاوضات فقط، مما انعكست الحالة العدائية لإجراءات تمثلت ملاحقة المقاومين واعتقالهم وتعذيبهم بل وصل الأمر الى اغتيال عدد من المقاومين، وفي كثير من الأحيان افشال عدد من العمليات الفدائية ضد دولة الاحتلال تحت ما يسمى التنسيق الأمني، وقد سجلت ما يزيد عن 40 حالة اغتيال لعناصر المقاومة أبزها حادثة قتل 14 مصلياً في مسجد فلسطين يوم الجمعة 14-11 -1994م بغزة، وفي الضفة الغربية قتل الشقيقين القائدين في كتائب القسام عادل وعماد عوض الله، والقائد القسامي محيي الدين الشريف إثر التعذيب الشديد الذي تعرضوا له في سجون السلطة، وحديثا اغتيال المعارض السياسي نزار بنات في يونيو 2021 بعد اعتقاله وتعذيبه.
ورغم فشل المسار السياسي وما حققته المقاومة من إنجازات ضد جنود الاحتلال ومستوطنيه في الضفة الغربية، ورغم حالة الاستنكار الواسع من قبل الفصائل الفلسطينية وفئات المجتمع، الا أن أجهزة السلطة لا زالت متمسكة بخيار محاربة وملاحقة خلايا المقاومة وممارسة أشد أنواع التعذيب لهم، مما يدحض رواية المسؤولين في الأجهزة الأمنية بأن الاعتقال يتم لحماية المقاومين من جيش الاحتلال، ومنذ العام لا زالت أجهزة السلطة تعتقل المقاوم مصعب اشتيه وحسب التقارير الطبية الواردة من السجن بأنه يتعرض لتعذيب شديد مما أثر على وضعه الصحي، وما ذكر على لسان الشهيد محمود السعدي حول طريقة اعتقاله وظروف سجنه وتعذيبه في سجن أريحا، والذي اغتالته قوات الاحتلال بعد الافراج عنه من سجون السلطة يوم الثلاثاء ال 19 من سبتمبر الجاري، وقبل يومين اعتقل جيش الاحتلال المطارد خالد طبيلة القائد في عرين الأسود بعد خروجه من سجون السلطة والسماح له بزيارة أهله في مشهد واضح من التنسيق وتبادل الأدوار، و أمس الأحد تقوم أجهزة السلطة بملاحقة المطارد عمر الشامي في مخيم جنين وتطلق عليه النار، وغيرها العديد من المشاهد التي تبقى وصمة عار على دور أجهزة السلطة الفلسطينية بحق القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ومقاومته على الرغم من تصاعد الهجمة الصهيونية لدولة الاحتلال ومستوطنيه ضد المسجد الأقصى ومدينة القدس ومصادرة الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وإقامة مستوطنات جديدة، علاوة على الموقف الرسمي لأجهزة السلطة المكتفي بمشاهدة آليات الجيش الصهيوني وهي تجتاح المخيمات وتقتل وتعتقل المقاومين.
وما تم الكشف عنه في ال 12 من سبتمبر الجاري عن إدخال مدرعات وأسلحة أميركية للسلطة الفلسطينية من قاعدة تابعة للولايات المتحدة الأمريكية في الأردن، وذلك بموافقة دولة الاحتلال ما هي الا استكمالا لمسلسل القمع الذي تمارسه أجهزة السلطة للقضاء على خلايا المقاومة في جنين ونابلس، ولذلك مطلوب تشكيل لجنة عليا في الضفة الغربية تضم جميع الفصائل وجمعيات حقوقية وذلك لمتابعة ملف المعتقلين السياسيين وظروف الاعتقال اولا، ثم الضغط باتجاه انهاء هذا الملف نظرا لحاجة الضفة الغربية لهؤلاء المقاومين للزود والدفاع عن حياض الوطن.