ضمن مساعي المصالحة المجتمعية يستعد الغزيون لجولة جديدة من جهود الإصلاح وتعويض العائلات التي تضررت من أحداث الانقسام وتشمل مئة حالة، وذلك ضمن جهود اللجنة الوطنية للشراكة والتنمية التي شكلتها الفصائل الفلسطينية.
ويعتبر ملف المصالحة المجتمعية هاما ويعجل في المصالحة الفلسطينية، خاصة وان الجهود السابقة جبرت الضرر عن حوالي مائتي عائلة كانت ضحية للانقسام السياسي، واليوم هناك اليات جديدة تتبع للقانون الذي أصدر التشريعي 2019.
عبر حوار صحفي التقت (الرسالة نت) مع أمجد الأغا مدير عام الشئون القانونية والتشريعية والبحوث في المجلس التشريعي، للوقوف على قانون المصالحة المجتمعية ودور الفصائل ورجال العشائر في التأثير على المجتمع لتطبيقه.
عدالة انتقالية حقيقية
بداية الحديث أكد الأغا أن قانون المصالحة المجتمعية لسنة 2019، يأتي ضمن توجه المجلس التشريعي إلى إرساء مبادئ العدالة الانتقالية، عبر سلسلة من الخطوات التي تهدف إلى طي صفحة الانقسام بعد سلسلة من الأحداث المؤسفة التي شهدها المجتمع الفلسطيني سنة 2006 والتي خلفت عشرات القتلى والجرحى، وأحدثت شرخا حقيقيا في النسيج الاجتماعي الفلسطيني.
وذكر أن القانون الذي سنه المجلس التشريعي يأتي ترجمة لاتفاقيات المصالحة التي حدثت في القاهرة بين حركتي حماس وفتح سنة 2011، والتي نصت بشكل صريح وواضح على ضرورة إنشاء لجنة عليا للمصالحة الاجتماعية، تقوم على طي صفحة الانقسام، وفتح صفحة جديدة من التآلف، وعودة الأمور إلى ما كانت عليه.
الفصائل والعشائر لهما دورا هام في تطبيق القانون على الأرض
ولفت الأغا إلى أن القانون يتكون من 13 مادة تضم ثلاثة محاور أساسية، منها إنشاء لجنة المصالحة المجتمعية العليا وتتكون من الفصائل الفلسطينية وأعضاء من المجلس التشريعي ونخب مجتمعية ومستقلين، لافتا إلى اللجنة تتمتع باستقلالية كاملة وذمة مالية مستقلة لا تتبع أي جهة.
وأوضح أن هناك ثلاثة أهداف لعمل اللجنة الأول توفير المناخ الحقيقي لإرساء قواعد المصالحة المجتمعية والانتقال إلى عدالة انتقالية حقيقية، تطوي صفحة الانقسام وتفتح صفحة جديدة تقوم على التآلف، وقبول الآخر والتسامح ونبذ الخلافات التي قامت بسبب أحداث الانقسام.
أما الهدف الثاني وفق الأغا فيقوم على التوقيع على سندات مصالحة يقر بموجبها إنهاء الخلافات الموجودة بين الأطراف التي نتج عنها دماء وجراحات، بينما الهدف الثالث هو توفير التغطية المالية للمصالحات.
وأكد الأغا أن الأهداف الثلاث السابقة يقع على كاهل لجنة المصالحة المجتمعية لتنفيذها، وفعليا جبرت الضرر عن حوالي 173 عائلة، وبصدد أنجاز 100 عائلة في القريب، فقد شكلت اللجنة قاعدة بيانات عن الأشخاص الذين تعرضوا للاضطهاد كالقتل فتم التعامل مع ورثتهم.
العشائر تدعم القرارات القانونية
وعن دور الفصائل الفلسطينية والعشائر في تطبيق القانون على أرض الواقع، قال الأغا:" خصوصية مجتمعنا الفلسطيني تقوم على نسيج اجتماعي متكامل لا تستطيع الجهات الرسمية فرض المصالحة المجتمعية منفردة (..) هناك دور كبير جدا للفصائل الوطنية ولمؤسسات المجتمع والعائلات والعشائر".
وأضاف:" لمسنا في في الفترة الأخيرة توجه كبير من قبل هذه المؤسسات المجتمعية والعشائر لدعم الكثير من القرارات القانونية"، مؤكدا أن دور العشائر مهم جدا لإقناع العائلات وحثها على قبول المصالحة المجتمعية، والأهم من ذلك هو بعد توقيع سندات المصالحة الاجتماعية، وجبر الضرر والحصول على المبالغ، كيفية تثبيت مقومات المصالحة المجتمعية من خلال هذه العائلات، وضمان عدم تجدد الخلافات.
وفي ذات السياق تطرق إلى دور اللجان الإعلامية المنبثقة عن لجنة المصالحة المجتمعية في طي صفحة الانقسام عبر التوعية بعدم العودة لتلك المشكلات الداخلية والحفاظ على المصالحة المجتمعية.
ولفت إلى أن قانون المصالحة المجتمعية نص على الا تتجاوز الإجراءات لتحقيق المصالحة أربع سنوات من تاريخ الإقرار، ويجوز تمديد هذه المدة بقرار المجلس التشريعي، مشيرا إلى أن التشريعي بصدد تمديد عمل لجنة المجتمعية بقرار من المجلس التشريعي نظرا لأهمية عمل هذه اللجنة وانعكاسها على أرض الواقع.
وأوضح الأغا أن قانون المصالحة المجتمعية حلقة من حلقات العدالة الانتقالية، بما يحمله من مواد إلزامية تضمن توفير غطاء مالي، وهذا سيحقق إنجاز كبير على أرض الواقع من جبر الضرر عن العائلات.
فلسطين ليست الوحيدة
وفي ظل الحديث عن قانون المصالحة المجتمعية عبر وسائل الاعلام وبين الناس لجبر الضرر عن الضحايا وتعويض ورثتهم، ذكر الأغا أن فلسطين ليست الأولى في تطبيق القانون، فكثير من الدول التي مرت بخلاف سياسي وشهدت حقن للدماء فعلت ذلك مثل اليمن وليبيا ومصر لكن كل بطريقته.
وأكد أن المجتمع الفلسطيني له خصوصيته خاصة بفعل وجود الاحتلال (الإسرائيلي)، وجهات أخرى تتعمد تغذية الانقسام السياسي.
وأشار الأغا إلى أن القانون ولجنة المصالحة المجتمعية تلعب دورا كبيرا في تحقيق العدالة الانتقالية وصولا لإجراء انتخابات شاملة على مستوى منظمة التحرير والانتخابات الرئاسية والهيئات المحلية والنقابات.
وختم قوله بإن اللجنة اليوم تعمل بشكل منهجي لتحقيق زيادة جبر الضرر عن العائلات، بدعم من مؤسسات المجتمع المدني والعشائر الذين يشكلون حاضنة داعمة للجنة".