قائد الطوفان قائد الطوفان

في الذكرى الـ23 لانتفاضة الأقصى ..المقاومة مستمرة وسيف القدس ما زال مشرعا

الرسالة نت - وكالات

يوافق اليوم الذكرى الثالثة والعشرين لاندلاع انتفاضة الأقصى المباركة إثر اقتحام رئيس حزب الليكود آنذاك المجرم أرئيل شارون باحات المسجد الأقصى في الثامن والعشرين من سبتمبر عام 2000م، وهو ما أشعل لهيبا في المنطقة، وفجّر انتفاضة عارمة عمت كل مدن فلسطين نصرة للقدس والأقصى.

ويصعّد الاحتلال الصهيوني اليوم من حربه الدينية على القدس والمسجد الأقصى، ويواصل انتهاكاته بحقهما، في الوقت الذي تقف فيه حركة حماس والمقاومة الباسلة سداً منيعاً أمام مخططات الاحتلال لتهويدهما، وسيبقى سيفها الذي استلته في معركة سيف القدس في مايو 2021م دفاعا عن القدس وأهلها مشرعاً حتى تحرير أرضنا وطرد المحتل منها.

وفي اليوم الذي سبق اقتحام شارون للأقصى دعت حركة حماس في بيان صحفي جماهير شعبنا إلى إفشال المخططات والأطماع الصهيونية في الأقصى من خلال التصدي لشارون وجنوده، ومنعهم من اقتحام المسجد، مهما كلف الأمر من تضحيات.

المقاومة الشعبية

واستجابة لنداء حركة حماس انتفض شعبنا للدفاع عن القدس والأقصى، ودارت مواجهات عنيفة بين جنود الاحتلال والمصلين داخل المسجد الأقصى، ثم هب الغضب الفلسطيني كالنار في الهشيم، فسرعان ما انتقلت المواجهات من القدس المحتلة إلى كامل ربوع فلسطين.

مظاهرات حاشدة، ورشق جنود الاحتلال بالحجارة، وإشعال الإطارات في نقاط الاحتكاك مع جيش الاحتلال، هكذا واجه شعبنا البطل إجرام الاحتلال خلال الأيام الأولى لانتفاضة الأقصى، في الوقت الذي عملت فيه حركة حماس على إشعال جذوة الانتفاضة وإذكائها من خلال التحشيد للمقاومة الشعبية، مستندة إلى حق شعبنا في مواجهة الاحتلال بجميع أشكال المقاومة.

عدو لا يفهم إلا لغة الحراب

أمام جرائم الاحتلال وعدوانه المستمر وتغوله على الدم الفلسطيني بقتل المتظاهرين واستهداف البيوت الآمنة، صعّدت المقاومة من عملياتها البطولية في مواجهة عدوان الاحتلال.

وردا على جرائم العدو خاطب الشيخ المؤسس أحمد ياسين الاحتلال باللغة التي يفهم حين توعده بتنفيذ العُهدة العشرية، والتي تشمل عشر علميات استشهادية نوعية تنفذها كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس في غزة والضفة والداخل المحتل، لتكون انطلاقة حقيقية للعمل العسكري المؤثر في مواجهة عدوان الاحتلال على شعبنا.

صححت حركة حماس بوصلة شعبنا، وأعادت الاعتبار لقضيته بعد حالة التيه والضياع التي مرت فيها القضية الفلسطينية في أعقاب اتفاق أسلو، وحرصت على إبقاء جذوة الانتفاضة مشتعلة عبر مئات العمليات الفدائية والاستشهادية التي نفذتها، رغم ما عانته من شح السلاح والملاحقة المستمرة لعناصر المقاومة من السلطة والاحتلال.

وأدت العمليات البطولية التي نفذتها كتائب القسام وحدها خلال انتفاضة الأقصى إلى مقتل 465 وإصابة 2914 صهيونيًا، بما نسبته 46.5 % من إجمالي عدد القتلى والإصابات خلال الانتفاضة.

تطور المقاومة

مثّلت انتفاضة الأقصى فرصة لحركة حماس لإعادة تنظيم بنيتها التي دمرتها السلطة بالاعتقال والقتل وإغلاق المؤسسات ومصادرة الأموال في السنوات التي سبقت انتفاضة الأقصى، فسرعان ما أعادت حماس تنظيم نفسها، وصوبت المشروع الوطني بتقديمها تجربة سياسية جهادية جديدة تقوم على أساس الثوابت والتضحية من أجل الحفاظ عليها.

فحفرت حماس بالصخر لتحمي شعبنا وتواجه تغول الاحتلال المتواصل عليه، فلم تكتفِ بالعمليات الاستشهادية كأسلوب مؤثر من أساليب المقاومة، بل طورت من قدراتها؛ فصنعت في العام الأول من الانتفاضة أول صاروخ فلسطيني "قسام1"، ليكون السلاح الاستراتيجي الذي سيُذل الاحتلال على مدار السنوات اللاحقة للتصنيع.

وفي العام نفسه نفذت كتائب القسام عملية تفجير موقع ترميد العسكري شرق رفح، وهي أول عملية تفجير عبر الأنفاق لتوثق تطورًا جديدًا وسلاحًا استراتيجيًا غيّر من شكل الصراع، وضرب نظرية الأمن الصهيوني في مقتل، تلت هذه العملية سلسلة عمليات عُرفت بـ "حرب الأنفاق" والتي استهدفت فيها القسام المواقع العسكرية التي تحرس المغتصبات.

نتساريم ليست كتل أبيب

"نتساريم كتل أبيب" كانت العبارة الأشهر لرئيس حكومة الاحتلال الأسبق آرئيل شارون التي طالما استخدمها للتدليل على أهمية غزة ومقارنتها بتل أبيب عاصمة كيانه المزعوم، لكن المقاومة جعلت من نتساريم قطعة من الجحيم التي يستحيل العيش فيها، وأرغمت الاحتلال على الهروب منها ومن غزة تحت وقع ضرباتها.

فقذائف الهاون وصواريخ القسام وسلاح الأنفاق، كلها شكلت رعبًا لا يحتمل لجيش الاحتلال ومستوطنيه، وضاعفت المقاومة من فاتورة حماية المستوطنين في غزة، وهو ما أرغم الاحتلال على الفرار منها يجر أذيال الخيبة والهزيمة.

ومثّل تحرير غزة من الاحتلال عام 2005م، النتيجة الأهم لانتفاضة الأقصى، والإنجاز الأعظم للمقاومة الفلسطينية خلال هذه الفترة، فشكل الاندحار تراجعاً واضحاً للمشروع الصهيوني، وثمرةً لنضالات الشعب الفلسطيني المتواصلة والتضحيات الكبرى التي قدمها ومقاومته الباسلة لدحر الاحتلال.

الانتفاضة مستمرة

وبعد 23 عاما على اندلاع انتفاضة الأقصى لا يزال شعبنا اليوم منتفضا في وجه الاحتلال، فغزة تراكم القوة وتستعد لمعركة التحرير القادمة، والضفة الغربية تغلي كبركان من تحت أقدام الاحتلال في القدس المحتلة، ونابلس وطولكرم وجنين والخليل وأريحا عبر مئات العمليات البطولية التي لا تتوقف، لتؤكد أن انتفاضة شعبنا ستظل مشتعلةً ما دام الاحتلال جاثما على أرضنا.

ومع تصاعد المقاومة في الضفة، يؤكد نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشيخ صالح العاروري، أن على الاحتلال أن يدرك أنه لا يمكن إشغال الشعب الفلسطيني عن قضيته المركزية الأولى.

وستظل القدس والمسجد الأقصى المبارك دافعا قويا في انتفاضة شعبنا وثورته المتواصلة والمحرك الرئيسي لها حتى كنس الاحتلال عن كامل أرض فلسطين.

البث المباشر