غزة – الرسالة نت
على غير العادة في مراسيم الخطوبة، استغلّ عشرات الأسرى القابعين في سجن "ريمون" الإسرائيلي في صحراء النقب خروجهم إلى "الفورة" صباح السبت 19/2/2011، ليحتفلوا بعقد قران الأسير عبد الرحمن فتحي الخصيب من قرية قفين شمال طولكرم المحكوم بالسجن تسع سنوات، على مرام النتشة كريمة الأسير نعيم النتشة "ابو همام" من مدينة الخليل الذي يقضي حكما بالسجن لثلاثة مؤبدات.
وفي مشهد درامي اقشعّرت له الأبدان وقل له نظير، قال والد العروس "زوجتك ابنتي على مهر معجله كتاب الله، الذي يحفظه عبد الرحمن عن ظهر قلب، ومؤجله ثلاثة آلاف دينار"، فرد عبد الرحمن: "وأنا قبلت"، ليعلو هتاف الأسرى وتكبيرهم والدموع تسابقهم فرحاً بإتمام العقد، في رسالة لسجانيهم أنهم يصرون على الحياة والابتهاج رغم مرارة السجن وظلمته.. ليقوم بعدها والد العريس الأسير فتحي الخصيب "أبو مصعب" وهو أيضا محكوم بالسجن المؤبد لـ29 مرة، بتوزيع ما توفّر من الحلويات وبعض العصائر على زملائه الأسرى.
وأوضح والد العروس أنه التقى بعبد الرحمن قبل نحو سنتين في أحد السجون الإسرائيلية، فأعجب بشخصيته وبأخلاقه الحميدة، ويضيف: "احترت في الهدية الثمينة التي يمكن أن اهديها لعبد الرحمن، فأهديته أغلى شيء في حياتي وهي ابنتي مرام".
غير أن الأمور لم تسر بهذه السلاسة، فرأي العروس هو الأساس، وإتمام الفرحة مرهون بموافقتها، لينتظر العريس عامين حتى جاء الوقت الذي زارت مرام والدها في ذات السجن الذي يوجد به عبد الرحمن، وهناك التقيا من خلف زجاج سميك، لكنه لم يكن حائلاً أن يزرع الله الحب في قلبيهما، ويقررا الاستمرار في إجراءات الخطوبة.
أما والد العريس، فهو صاحب تجربة سابقة، فقد عرض إحدى بناته على أسير كان معتقلاً معه، وها هما الان بعد الافراج عنه ينتظران مولودهما البكر خلال الاشهر القليلة القادمة.
يقول والد العريس: "فرحتي عارمة بأن تمكنت من حضور عقد قران ابني عبد الرحمن، فقد تزوج أبنائي الثلاثة وأنا داخل السجن، ولم أحضر حفل زواج أي منهم، وأحمد الله الذي مكنني من مشاركة ابني الرابع فرحته بالخطوبة".
ويتابع موجها حديثه لرفيق دربه ونسيبه الجديد أبو همام: "هديتك هي أثمن شيء يمكن أن يقدمه إنسان لآخر، وهي من أخلاق الصحابة رضوان الله عليهم، ونعاهدك ان نحافظ عليها كما نحافظ على بناتنا".
أما العريس، والذي من المقرر ان يطلق سراحه بعد نحو عشرة اشهر فالخجل بدا جليا وهو يتحدث عما حدث معه قائلا: "لم أكن أتصور يوما أن أخطب وأنا داخل السجن، وأتمنى أن أكون عند حسن ظن "عمي" بي، وأن يعينني الله على حفظ الأمانة التي حملني إياها".
بدورها، عبرت العروس عن فرحتها بإتمام عقد قرانها، مؤكدة ان الفرحة الكبرى تكون بخروج والدها وخطيبها ووالده وجميع الاسرى من السجون، وتتابع: "لم يسبق لي أن رأيت خطيبي قبل تلك الزيارة، وكم يسعدني ان ارتبط برجل مثل عبد الرحمن، ضحى بحياته من أجل الوطن، لا شكّ أنه سيكون أقدر على حمل أمانة الزوجية".
عند الساعة السابعة والنصف من مساء ذات اليوم، بثت احدى محطات الاذاعة المحلية برنامجا خاصا بالأسرى، والذي أتاح لعائلة الخصيب مدة ربع ساعة على الهواء لتهنئ ابنها، استغلت أسرة الخصيب وقت البرنامج، وأقامت حفلة عائلية على الهواء، والدة العريس وعماته وبعض الأقارب غنين للعروسين الأغاني الشعبية فرحا بالمناسبة.
وقالت العائلة إنها تشعر بالحزن كون عبد الرحمن ووالده ما زالا في سجون الاحتلال، لكنها تشعر بالفرحة في ذات الوقت، كون رب العائلة تمكّن من حضور عقد قران ابنه.
وقالت والدة العريس: "أنا واثقة بأن فرحة زوجي كانت كبيرة بخطوبة ابني، ونأمل أن يتم الله نعمته علينا بالفرحة الكبرى عندما يخرجان من السجن ونقيم لهم حفلة كبيرة".