من الواضح أن وتيرة الاقتحامات المركزية لساحات المسجد الأقصى المبارك بدأت تتصاعد في ثالث أيام ما يُسمى عيد العرش الذي يمثل المحطة الثالثة من موسم الأعياد اليهودية التي تحاول فيه جماعات الهيكل المتطرفة تدنيس الأقصى وتغيير الواقع فيه.
وما بين النفخ في البوق ومحاولة إدخال القرابين النباتية وبعض الحجارة للهيكل المزعوم داخل ساحات المسجد المبارك، فإن الحرب الدينية على المقدسات تستعر بشكل غير مسبوق في تاريخ الصراع بهدف السيطرة على القدس وإقامة الهيكل المزعوم.
وتسعى منظمات الهيكل في هذه الأعياد، إلى كسر أرقام المقتحمين للأقصى خلال الأعوام الماضية، وفرض واقع جديد يمكن بعده المطالبة بفرض التقسيم المكاني والزماني على اعتبار أن تلك العادات أصبحت واقعا يجب على الفلسطينيين والمسلمين عامة التسليم به.
ونفذ المستوطنون في مجموعات متتالية اقتحامات لباحات المسجد صباح اليوم، وأدوا طقوسًا تلمودية و"السجود الملحمي" بزي الكهنة، ورقصات عند بابي السلسلة والحديد من أبواب المسجد الأقصى المبارك، حاملين "القرابين النباتية".
وسبق اقتحام المستوطنين عدوان لقوات الاحتلال في باحات المسجد لتأمين اقتحامات المستوطنين، وأخرجت عددا من المصلين والمرابطين من باحاته.
يؤكد رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر الهدمي أن الاحتلال في كل عام يستغل أي مناسبة وفرصة من أجل الاعتداء على شعبنا وتدنيس المسجد الأقصى المبارك وفرض سيطرته عليه بشكل كامل للانتقال لمرحلة متقدمة من تهويد المقدسات.
ويوضح الهدمي في حديثه لـ "الرسالة" أن حكومة الاحتلال المتطرفة تحاول الإيفاء بوعودها للمستوطنين وإثبات أنها سيدة البيت في المسجد الأقصى وصاحبة السيطرة عليه وفق خطة استراتيجية مُنظمة لاستكمال وتتويج ما تم تهويده منذ عشرات السنين.
ويشدد على أن المجتمع الصهيوني أصبح أكثر دموية وتطرفا ويؤيد الحرب على شعبنا، لذلك أصبح جل تفكير حكومة اليمين إرضاءه بالاستحقاقات الانتخابية التي وعدت بها قبل تشكيلها على حساب السيطرة على المقدسات.
ويبين الهدمي أن شعبنا الفلسطيني أمام هذه الحرب الدينية يعمل وفق ردات فعل عشوائية وبدوافع فردية دون مراكمة لقوة نضالية موحدة في كافة المناطق يمكن أن تشكل خطة لتحرير المسجد الأقصى.
ويشير إلى أنه رغم أهمية الرباط والحشد ومواجهة الاحتلال، إلا أن تشكيل ردة فعل مدروسة ومنظمة يمكن أن يجبر الاحتلال على إعادة النظر في مساعيه الهادفة لجعل الوجود الصهيوني طبيعيا داخل الأقصى.
ويرى الباحث والمختص في شؤون القدس زياد ابحيص أن الاحتلال يتطلع إلى تغيير هوية المسجد الأقصى من إسلامي خالص، إلى مشترك وصولا إلى تهوديه موظفا أسلوبين لذلك وهما التقسيم المكاني والزماني واليوم يمضي نحو التوظيف المعنوي للهيكل المزعوم.
ويضيف ابحيص في حديثه لـ"الرسالة" أن ما يقام من طقوس هي أداة استعمارية تهدف لتهويد الأقصى طوال فترة الأعياد المزعومة التي تستغلها الجماعات المتطرفة لحض اليهود على الاحتفال بالهيكل والسعي لإقامته.
ويبين أن القرابين دلالة أن هذا المكان تحل فيه الروح والتقرب للرب حيث تسكن -وفق الفهم التوراتي- من أجل التحقيق المعنوي أن هذا الهيكل تسكنه روح الرب، وفق مزاعمهم واعتقاداتهم.
ويشير ابحيص إلى أن عيد العرش يستمر ثمانية أيام وذروة الاقتحامات تكون في يومه الخامس وهو يوم الخميس المُقبل، وأرقام المقتحمين في ذلك اليوم ستتجاوز الألف وخمسمائة مقتحم.
ويلفت إلى ضرورة مواجهة الاقتحام بالتركيز على الرباط والاشتباك في كل مكان مع الاحتلال والتحرك على الصعيد العربي والإسلامي للدفاع عن المسجد المبارك، وعدم تركه وحيدا في ظل العدوان غير المسبوق عليه.