تصادف اليوم ذكرى هبة الكرامة التي انتفض فيها الشعب الفلسطيني في الداخل المحتل، معلناً وقوفه مع قدسه وأقصاه، وانتصاره لشعبه وقضيته إبان اندلاع انتفاضة الأقصى في العام ٢٠٠٠م، ورفضه القاطع لعدوان الهالك "شارون" وتدنيسه لباحات المسجد الأقصى المبارك.
هذه الهبة المباركة التي أرعبت كيان الاحتلال وكشفت عجز المشروع الصهيوني في تطويع الشعب الفلسطيني، وأعادت التأكيد على أهمية دور فلسطيني الداخل في الصراع المتواصل الذي يخوضه الشعب الفلسطيني مع كيان الاحتلال، فقد أثبت أهل الداخل بما لا يدع مجال للشك، عمق انتمائهم لوطنهم وشعبهم ومسجدهم الأقصى المبارك، فقد دفعوا ثمن ذلك ثلاثة عشر شهيد من خيرة الشباب ارتقوا جميعاً برصاص قوات الاحتلال وأصيب العشرات من الشباب الآخرين بجروح مختلفة.
وقد كرر أهل الداخل ذات الموقف في محطات مهمة وفي لحظات فارقة، عبروا فيها عن وحدتهم مع شعبهم، كما حدث في معركة سيف القدس في العام 2021م ومعركة الاعتكاف في رمضان من العام ٢٠٢٢م، وأثبتوا مجدداً بأنهم محصنون ضد خطط الأسرلة ومشاريع التعايش التي ينفذها الاحتلال، بهدف تذويبهم وطمس هويتهم الوطنية الفلسطينية.
وفي ظل اتساع دائرة عدوان حكومة الاحتلال الفاشية، وتصاعد حربها الدينية على المسجد الأقصى المبارك، وعلى الشعب الفلسطيني خاصة في الداخل، وهذا ليس سراً فقد أدرجت هذه الحكومة مشاريع مختلفة من أجل كسر إرادة أهل الداخل الفلسطيني، بعضها دخل حيز التنفيذ وبعضها الآخر قيد العمل.
منذ استلام مهام وزراء حكومة الاحتلال الحالية عملهم، وضعوا خططهم لرفع مستوى العدوان على القدس والمسجد الأقصى وزيادة الضغط على أهل الداخل، لعقابهم بسبب مواقفهم التي انتصروا فيها لقضيتهم، فقد أسس "بن غفير" الحرس الوطني وهو تنظيم يضم متطوعين من المستوطنين، يشبه تكوينه تكوين العصابات الصهيونية التي شاركت في تهجير الشعب الفلسطيني في عام ١٩٤٨م وهدف هذا التنظيم الإرهابي مواجهة أي هبة لفلسطيني الداخل المحتل وقمعهم.
كما شهدت مدن الداخل المحتلة أعلى نسبة جريمة في تاريخها حيث قتل من بداية هذا العام ما يزيد على ١٦٠ شخص، استشهدوا جميعاً على يد العصابات الإجرامية التي يرعاها الشاباك (جهاز المخابرات الداخلية لكيان الاحتلال) إضافة لشرطة الاحتلال، التي تتعمد التستر على القتلة والجناة.
إضافة لإعتقال الاحتلال لما يزيد على ٥٠٠ شاب من مدن الداخل، عقب هبة الكرامة في العام ٢٠٢١، وإصدار محاكم الاحتلال أحكام على العشرات منهم، جزء من هذه الأحكام بالغة القساوة تعدت السجن لمدة عشر سنوات، كل ذلك بهدف عقاب فلسطيني الداخل بعد مشاركتهم في نصرة المسجد الأقصى المبارك، ودعمهم لانتفاضة شعبهم في معركة سيف القدس ومعركة الاعتكاف.
كذلك مشاريع الاحتلال الهادفة للسيطرة على أراضي النقب وغيرها من المشاريع التي تهدف للتضييق على السكان العرب والتنكيل بهم، لدفعهم للهجرة أو الذوبان والإنسياق مع مشاريع الأسرلة.
كل ما سبق يشير لتزايد الضغط على الشعب الفلسطيني في الداخل، ووصول هذا الضغط لمستويات غير مسبوقة، يستحيل معها الاستمرار في ظل هذا الواقع المرير الذي يتعرضون له، خاصة في ظل الانقسام الحاد الذي يشهده الكيان، وقيام الأطراف الصهيونية المتصارعة بمحاولة توظيف الضغط على فلسطيني الداخل لتحقيق أهداف سياسية.
لذلك المطلوب اتخاذ موقف وطني موحد لكل قوى شعبنا الفلسطيني في الداخل المحتل ضد هذا العدوان والحرب التي تستهدف مسجدهم الأقصى وهويتهم العربية الفلسطينية، كما يجب على الشباب والحراكات الثورية الانخراط في مواجهة الاحتلال بكل الوسائل والأدوات النضالية، التي تكفل رد عدوانهم، والانخراط مع بقية ساحات الوطن، في معركة الحفاظ على الثوابت الوطنية وفي مقدمتها قضيتي الأسرى والمسرى، إن دور الداخل الفلسطيني مهم ومؤثر على الاحتلال وعلى صورة المشروع الصهيوني بأسره، لذلك تحرك الداخل يعد كابوس يخشاه الاحتلال.