كان الحدث أكبر من التغطية، وأكبر كثيرا من الإنكار، وأقرب للاعتراف بالهزيمة، هذا ما عكسه الإعلام العبري في نقله لتصريحات زعماءه وإعلامه في النصف الأول من هذا اليوم الذي بدأ بهجمة مباغتة من قبل المقاومة الفلسطينية على مستوطنات غلاف غزة، وأسفر عن أكثر من خمسين أسيرا ومثلهم قتلى، وأكثر من خمسمائة جريح وفق إعلام العدو، ولا زالت العملية مستمرة.
النجاح والهزيمة بدا منعسكا في اعترافات موقع والا العبري والذي قال: "لقد انتصرت حماس بالفعل بهذه الجولة - إنها حقيقة التنظيم تمكن من مفاجأة أفضل المخابرات وأكثرها خبرة في العالم واستهزأ بأقوى نظام أمني في الشرق الأوسط"
وأضاف:" تمكنت حماس من السيطرة على الحدث لساعات طويلة، لن تمحى من أذهان اللاعبين في المنطقة".
ولم تختلف مصادر إعلامية عبرية أخرى في التعبير عن اعجابها بتخطيط المقاومة، حيث لم يعد هناك إمكانية لإخفاء الحقائق كما تعود الإعلام العبري، لأن المصور هذه المرة هم أبطال المقاومة، وقد اعترفت "يديعوت أحرونوت" العبرية قائلة: "إحدى القواعد التي اقتحمها العشرات من مسلحي حماس هي مقر قيادة فرقة غزة بالجيش".
وحتى منتصف النهار وحسب المتحدث باسم جيش الاحتلال فإن مسلحو حماس ما زالوا في الميدان، ويركزون على القتال في غلاف غزة.
كما بدى الانبهار جليا في بعض التصريحات الإعلامية الأخرى حيث قالت المراسلة العسكرية للإذاعة العبرية "كارميلا منشيه": "محمد الضيف قاد عملية تضليل مذهلة كل تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية كانت تشير الى أن حماس لا ترغب بالتصعيد محمد الضيف الذي فشلنا عشرات المرات في اغتياله يقود المعركة حالياً في العمق".
بينما اعترفت القناة 14 العبرية: "تقديرات وكالات الطوارئ في (إسرائيل) تقول أن هناك مئات الضحايا، العشرات منهم قتلوا وبعضهم لم يصل بعد للمستشفيات بسلاح عناصر حماس"
ثم عادت في منتصف النهار صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية معترفة بمقتل 22 مستوطنا منذ صباح اليوم، وهو رقم وصفته بالبسيط لأنها أكدت أن 4 مستوطنات على الأقل في النقب الغربي لا تزال حماس تسيطر عليها، وستتضح معالم المذبحة التي ارتكبتها فيها لاحقاً حسب وصف الصحيفة، ثم بعدها بساعات بدأت الأرقام في تزايد حتى وصلت إلى أكثر من خمسين قتيلا.
بينما حذرت القناة 12 العبرية نقلا عن متحدث باسم الجيش: "الأوقات الصعبة مقبلة وهناك فلسطينيون يتجولون بكل المستوطنات المحيطة، نحتاج لساعات طويلة حتى نستعيد السيطرة على البلدات التي تسلل إليها مقاتلون فلسطينيون"
ثم بدأت الخسائر بعد أن أعلنت شركات طيران أجنبية عن إلغاء رحلاتها المتجهة إلى "إسرائيل حسب ما قالته صحيفة يدعوت أحرنوت أيضا .
وفي اليوم الآخير لاحتفالات العنجهية التي ترأستها حكومة الاحتلال المتطرفة بقياداتها الدينية العنصرية أعلن بن غفير عبر القناة العبرية الثانية عشر حالة الطوارئ في كافة المدن خشية اندلاع توترات في الداخل".
الاحتلال المتخبط وإعلامه المضلل لم يستطع إخفاء انبهاره من العملية حيث نقلت صحيفة "هآرتس" العبرية: حماس خططت لهذه العملية على مدار أشهر وقد تمكنت من تحقيق نجاح باهر أما الجيش (الإسرائيلي) فهو أمام اخفاق وفشل لا يمكن وصفه، ونقلت على لسان مستوطنيها: لقد جاؤوا من كل مكان ولم نعرف كيف نتصرف.
وبدا واضحا أن هناك في جانب العدو المغرور من يدعو إلى ضبط المعادلة، دون تجاهل المقاومة الفلسطينية، ووضعها في مكانها الصحيح، ومعرفة الأوزان الحقيقية لكل جانب، وبأن هناك مفاتيح أخرى لأمن (إسرائيل) لا تملكها سوى المقاومة الفلسطينية، حيث قال المحلل السياسي لصحيفة يدعوت أحرنوت: "لقد نجحت حمـــــاس في تعطيل اتفاقية التطبيع بين السعودية و(إسرائيل) وعلمتنا للمرة الألف ثمن تجاهل القضية الفلسطينية".
كما قالت يديعوت أحرونوت:" ما يجري من حماس في غزة، يكشف لنا فشلا ذريعا على المستوى العسكري والاستخباراتي والسياسي الإسرائيلي - لقد ظنوا أنها منظمة تريد المال وليس أكثر، يبدو أنهم نسوا من يقود حماس
بينما لفت المحلل العسكري الإسرائيلي هاليل روزين في تصريح له إلى الموقف المحير الذي وصلت إليه حكومة الاحتلال بعد هذا اليوم ، حيث صرح بأن كبار القادة السياسيين سيضطرون إلى اتخاذ أحد أصعب القرارات بالنسبة للدولة، متسائلا:" هل يأمرون بالقتال بكل قوة حتى لو كان الثمن عدم عودة الأسرى الإسرائيليين، أم التصرف بطريقة لا تضرهم !!