الرسالة نت - ديانا طبيل
بابتسامة عريضة وقلب شاكر لنعمة رب العباد استقبلت أم محمد حمودة أربع أكياس من الدقيق الأبيض، وبعض الأرطال من الأرز والسكر وعبوات اللحمة والزيت التي تسلمتها من مقر وكالة الغوث في مخيم جباليا للاجئين، في ظل الارتفاع الجنوني للمواد الغذائية التي باتت تثقل ميزانية أم محمد.
وتنعش "كابونات" أو المساعدات الغذائية الطارئة التي بدأت وكالة الغوث "أونروا" بتوزيعها مطلع الأسبوع الماضي، في تخفيف وطأة أزمة الدقيق والسكر والمواد الغذائية التي يشهدها قطاع غزة منذ عدة أشهر وصعدت إلى أعلى درجاتها مع توقف عمل الأنفاق بفعل الأحداث السياسية في مصر.
هدية السماء
وتقول أم محمد "55 عاما " أن عائلتها باتت تعتمد وبشكل رئيسي على معونات الوكالة خاصة الدقيق، لعدم تمكنها من شراء الدقيق التجاري الذي يتعدى سعر الشوال الواحد منه المائة شيكل، إضافة إلى السكر والزيت والأرز الذي يسدد جزءا من متطلبات الحياة التي باتت غالبية الأسر غير قادرة على توفيرها.
وتضيف أم محمد أنها منذ مطلع شهر يناير وهى تنتظر توزيع الكابونات، وبدأت تشعر بقلق لتأخر المعونات نتيجة خلو منزلها من الدقيق مما دفعها إلى شراء الخبز الجاهز لعدة أيام، متمنية أن تحصل في الدورة القادمة على "الكابونة الصفراء " تمكنها من الحصول على مواد مضاعفة.
في حين وصف المواطن أبو حسام بدران "41 عاما " كابونات الوكالة بـ "هدية السماء" في ظل جنون الأسعار الذي طال السلع في قطاع غزة، مؤكدا أن المساعدات جاءت نجدة لأسرته المكونة من ثمانية أشخاص.
ويضيف ما تسلمته اليوم من دقيق ومواد غذائية كافية لسد جوع عائلتي لأكثر من ثلاثة شهور، إذا التزمت زوجتي بتقنين الكميات المستخدمة، معبرا عن أمله أن تسرع الوكالة في تسليم المعونات للمرة القادمة بشكل أسرع من الحالي، منوهاً إلى أن مساعدات الوكالة تحل أزمة غالبية البيوت وتخفف من حدة الأسعار قليلاً.
أزمة مالية
أما أم خيري "40 عاماً" التي تواجدت في مقر الوكالة فعبرت عن استيائها الشديد جراء توقف صرف "كوباناتها لأن ابنها موظف وغير متزوج، مما اعتبرته بالمأساة الجديدة والتي تضاف لعائلتها المكونة من سبعة أفراد".
وتقول أنها منذ مطلع العام وهى مضطرة للاستدانة من بعض الأقارب من اجل شراء دقيق لأطفالها لا سيما وان راتب ابنها الموظف غير كاف بأي شكل من الأشكال في ظل ارتفاع أسعار كافة المواد الغذائية ، خاصة ان ابنتيها في الجامعة وهما بحاجة إلى مصاريف دائمة، داعية وكالة الغوث النظر إلى الحالات الإنسانية المشابهة لحالاتها سيما وأنها قدمت عشرات الشكاوى لهم.
بينما انهمكت أم علاء حسونة "35عاما" في صناعة العوامة غداة استلامها رطلين من السكر وبعض زجاجات من زيت الطعام وثلاثة أكياس من الطحين ،تقول لـ"الرسالة نت " منذ أكثر من شهرين وأنا انتظر كابونات الوكالة من اجل إعداد العوامة التي يطلبها أبنائي باستمرار ولا يمكنني صنعها بسبب عدم مقدرتي على شراء مستلزماتها .
وتضيف المواطنة حسونة: زوجي يعمل في احدى البسطات بيومية لا تتعدى العشرين شيكل والتي لا تكفى لإطعام عائلتي المكونة من ستة أفراد ، إذ يحتاج أطفالي وبشكل يومي خمسة شواكل كمصروف مدرسي في حين استهلك الخمسة عشر الآخرين في إعداد وجبة طعام تسد جوعهم وشوقهم إلى طعام جيد.
أما أم إسماعيل حنون "41 عاما " بدت غاضبة من ملاحقة تجار الدقيق لها في محاولة لشراء ما تسلمه من مساعدات، مؤكدة أنها تحتاج إلى شوالين آخرين من اجل تأمين عائلتها إلى حين قدوم موعد الاستلام الثاني بعد أربعة شهور من الآن.
وأوضحت حنون أن ما تسلمته من مساعدات "الاونروا" بمثابة المنقذ لها وحلت أزمة مالية خانقة بعد نفاذ عدة مواد منزلها كان عاجزة عن شرائها بسبب الفقر والعوز الذي تعيشه عائلتها منذ تشديد الحصار على قطاع غزة، منوهة على أن المساعدات المقدمة لا تكفى الأسر الفقيرة التي لا تمتلك مصدر للزرق، فحجم ما تسلمه الوكالة من كميات لا يتناسب والفترة الزمنية المحددة بين كل دورة وأخرى.
في حين سارع ادهم عبد الشافي "36 عاما" إلى الذهاب إلى مقر استلام التموين من اجل شراء بعض شوالات من الدقيق ، حيث يضطر البعض إلى بيع ما تسلموه من اجل الحصول على المال ، ويقول: "اسعي إلى شراء دقيق الوكالة كونه اقل سعرا من الدقيق التجاري ، علما بان الوكالة أوقفت المؤن الخاص بي منذ مطلع العام 2008 حين قررت إيقاف المؤن عن كافة الموظفين العموميين بهدف تزويد العائلات الفقيرة بكميات اكبر" ، منوها انه وحتى اللحظات لم يشعر بأي زيادة في حجم ما تستلمه العائلات الفقيرة .
حالة من الانتعاش
من جانبه يقول الاقتصادي خليل النمروطى:" الكثير من البيوت الغزية تعيش حالة من الانتعاش المادي فور تسلمها المعونات المخصصة من وكالة الغوث على الرغم من أن هذه المعونات غير كافية للغالبية العظمى من العائلات التي تعيش فقرا مدقعا نتيجة الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يعيشها القطاع اثر الحصار المشدد.
ويضيف النمروطي: في السنوات الأربعة الأخيرة باتت حالة الانتعاش التي تعيشها البيوت الغزية لا تستمر سوى لأيام قليلة نتيجة لسوء الأوضاع وزيادة الحزم في الإجراءات الإدارية من قبل إدارة الوكالة، متابعا: غالبية الموظفين سواء في حكومة غزة أو رام الله توقف تموينهم منذ أكثر من عامين ليصبح أمر تامين هذه المواد مرهقا لميزانيتهم إذا ما وضعنا في الحسبان احتياجات الأسر المتوسطة من الدقيق والسكر والأرز والزيت.
وبحسب الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون إحدى أهم المانحين لبرنامج الغذاء العالمي فان أكثر من 70 ألف فلسطيني يستفيدون من برامج الغذاء وذلك يعود إلى أن ثلث القوى العاملة عاطلة عن العمل و75% من السكان يعيشون دون مستوى الفقر في قطاع غزة.
وبحسب تقرير معلوماتي فان وكالة الغوث رصدت 78 مليون دولار لتوزعها ضمن برامجها في العام 2011 في حال توفر التمويل، بزيادة تبلغ 18 مليون دولار عن العام الماضي 2010، والتي بلغت 65 مليون دولار، مبينا أن البرنامج يستهدف الأسرة الفلسطينية بناءً على خط الفقر، وعليه يتم ترتيب العائلات من الأكثر حاجة إلى الأقل حاجة.