كما تمكنت "كتائب القسام" (الجناح العسكري لحركة حماس) من كسر الاحتلال الإسرائيلي أمنيا وعسكريا في السابع من أكتوبر الجاري، تخوض الرواية الفلسطينية حربا ضروسا ضد الماكينة الإعلامية الإسرائيلية الضخمة في أوروبا.
ويرى مراقبون أن "الميادين والساحات في المدن والعواصم الأوربية والتي غصت بمئات الآلاف من المتظاهرين دعما لغزة، تعكس انكسار الدعاية الإسرائيلية إعلاميا كما لم يسبق لها من قبل".
ضجر رسمي من المظاهرات
يؤكد الإعلامي عدنان حميدان أن هناك "حالة من الضجر في أروقة الحكومة البريطانية من درجة تفاعل الناس مع المظاهرات والأعداد الكبيرة التي خرجت لتتظاهر، لافتا أن هذه المظاهرات أجبرت المسؤولين الغربيين على تغيير خطابهم عما كان عليه في اليومين الأوليين للطوفان، مؤكدا أن هذه المظاهرات كان لها دور مهم في زيادة الضغط على هؤلاء المسؤولين لاتخاذ موقف على الأقل محايد اتجاه ما يجري".
وأشار حميدان إلى أن هذه "الأعداد الكبيرة رغم الدعاية الصهيونية تدل على أن التضليل الإعلامي الذي يمارسه الاحتلال لم يعد يصدقها الناس، حيث اصبح لمنصات التواصل الاجتماعي تأثيرا كبيراً في الرد على هذه الدعاية الكاذبة وفي دحضها".
وأضاف إن "مواقع التواصل والسوشيال ميديا تغلبت على القنوات الرسمية الغربية المنحازة للاحتلال والتي لم تعد تحظى باهتمام الناس لإغفالها الكثير من مشاهد الإبادة والتدمير الذي يرتكبه الاحتلال في غزة والتي نشرها الناشطون على مواقع التواصل".
ويرى حميدان أن "حراك الشارع الأوربي اليوم يمتاز بأنه الأكبر والأكثر حشداً والأكثر غضباً، فهذه الأعداد الكبيرة في لندن لم يشهدها الناس منذ المظاهرات الرافضة لغزو العراق عام 2003"، لافتا أن الناس الآن "ترى أعلام فلسطين ليس فقط في أماكن التظاهر بل في مختلف شوارع بريطانيا".
وأثنى حميدان على "مواقف المؤثرين الغربيين على مواقع التواصل والذين رفضوا عروض مؤسسات إسرائيلية سخية مقابل العمل على تشويه النضال الفلسطيني انتصارا لمبادئهم التي هي محل تقدير واحترام".
بدوره أكد زاهر البيراوي رئيس المنتدى الفلسطيني البريطاني أن هذه المظاهرات "جزء من معركة الرأي العام العالمي ومعركة الرواية فالمظاهرات كانت عبارة عن استفتاء شعبي بأن شعوب العالم يعارضون مواقف وقرارات حكوماتهم الداعمة للاحتلال وكانت عبارة عن استفتاء على دعم غزة ورفض رواية الاحتلال وحلفائه خاصة في واشنطن ولندن وباريس وألمانيا القائمة على دعشنة غزة وهو مالم ينطلي على هذه الشعوب".
وأضاف هذه المظاهرات وما تضمنته من رسائل ومن خطابات جماهيرية وتصريحات سياسية من المتحدثين والمنظمات التضامنية والمؤثرين كلها "تعيد الأمر إلى نصابه بأن الاحتلال الذي هو أصل الصراع لا رواية الاحتلال التي تم اعتمادها من البداية بأن التاريخ يبدأ في السابع من أكتوبر".
وأكد على أهمية هذه المظاهرات في "إرسال رسائل للحكومات التي حاولت فرض إجراءات تخويف وتضييق على الحركات التضامنية وحاولت مثلا منع رفع العلم الفلسطيني أو تمنع الهتاف المؤيد لفلسطين وما إلى ذلك". .فهذه المظاهرات بهذه الأعداد الضخمة كأنها لا تكترث إلى مثل هذه السياسات وهذه الإجراءات التخويفية
ورغم استبعاد البيراوي "حدوث تغيير كبير في مواقف الحكومات الغربية بفعل المظاهرات إلا أنه لفت أن بعض الدول والأحزاب بدأت تعيد حساباتها وتعدل من مواقفها إلى قدر من التوازن تحت ضغط الحراك الجماهيري من جهة والحراك السياسي والمراسلات وهذا الأهم والعرائض التي توقع من قبل المواطنين وارسالها إلى نوابهم وارسالها للحكومة وللجهات المختلفة".
وأشار إلى استطلاعات للرأي في أوساط المسلمين أجريت مؤخرا لعينة من ثلاثين الف مواطن بريطاني أغلبهم مسلمين أكدوا على أنهم سوف "يسحبون تأييدهم لحزب العمال في الانتخابات القادمة عقابا على مواقفه من القضية الفلسطينية ومن الحرب على غزة".
وتعرضت الرواية الإسرائيلية لانتكاسات وفضائح كشفت زيف وكذب ما تم تداوله على قنوات ومواقع غربية إعلامية معتبرة، بدءا من تراجع بايدن عن أكذوبة قطع رؤوس الأطفال وما تبعه من اعتذار المراسلة لإحدى القنوات التلفزيونية الأمريكية والتي أذاعت الخبر.
وتشهد عواصم المدن الاوربية والأمريكية مظاهرات حاشدة رفضا للمجازر الإسرائيلية في غزة ودعما للقضية الفلسطينية.