قائد الطوفان قائد الطوفان

الأورومتوسطي: درجات الحرارة العالية تزيد من معاناة النازحين بغزة وتنذر بارتفاع عدد الضحايا

الرسالة نت

قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، يوم الجمعة، إنّ معاناة النازحين الفلسطينيين بفعل العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة للشهر السابع على التوالي تشهد تفاقمًا خطيرًا في ظل الارتفاع المتسارع للحرارة واشتداد درجاتها في الصيف، وما يرافقه ذلك من طقس جاف وارتفاع نسبة الرطوبة، وانتشار الحشرات والقوارض، ما ينذر باتساع انتشار الأوبئة والأمراض وازدياد عدد الوفيات على إثرها.

وأكد الأورومتوسطي أنّ الكارثة الإنسانية المُتعمدة التي صنعتها "إسرائيل" في قطاع غزة من خلال تدمير سبل ومظاهر الحياة تهدد حياة المدنيين الفلسطينيين، لاسيما الفئات الهشة،وتعرضهم إلى مزيد من المخاطر الجسيمة، بالنظر إلى ارتفاع درجات الحرارة وأوضاعهم البائسة، سواء في مراكز إيواء شديدة الاكتظاظ، أو في الخيام المصنوعة من النايلون، والتي تفتقد لأدنى مقومات الحياة، عوضًا عن تأثيرات سوء التغذية والجفاف والخوف.

وأشار إلى أنّ درجات الحرارة الحارقة تزيد من البؤس اليومي الذي يعانيه النازحون الفلسطينيون، وسط نقص حاد في المياه النظيفة الصالحة ومخاطر بيئية كبيرة جراء انعدام المرافق الخدماتية وانهيار أنظمة الصرف الصحي وتراكم النفايات، ما أدى إلى انتشار سريع للأمراض المعدية والحساسية الجلدية.

وأكد الأورومتوسطي أن النازحين الفلسطينيين يُتركون ليواجهون وحدهم مصيرهم وهم يتعرضون للحرارة المفرطة ويعانون مخاطر متزايدة بفعل موجات الحر الحارقة، بعد أن أجبر الهجوم العسكري الإسرائيلي أكثر من 1.7 مليون فلسطيني على النزوح من منازلهم في مناطق الشمال بحثًا عن ملجأ آمن في الجنوب، كما حدثت موجات نزوح قسرية أخرى في المحافظات الجنوبية، فيما يعيش هؤلاء في خيام أو ملاجئ مكتظة في ظل ظروف بيئية وصحية بائسة.

ومنذ 7 تشرين أول/أكتوبر 2023، وُضع نحو 246 كيلومترًا مربعًا، أي ما يعادل نحو 67%من مساحة قطاع غزة، تحت أوامر الإخلاء غير القانونية من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي ويشمل ذلك جميع المناطق الواقعة شمال وادي غزة، والتي صدرت أوامر لسكانها بالإخلاء في أواخر تشرين أول/أكتوبر، بالإضافة إلى مناطق محددة جنوب وادي غزة أمر فيها الجيش بإخلائها تباعا منذ 1 كانون أول/ديسمبر الماضي.

ووثق الأورومتوسطي العديد من حالات الوفاة ضحايا الكارثة الإنسانية والصحية في قطاع غزة، بفعل تفاقم معاناة النازحين في المخيمات ومراكز الإيواء مع اشتداد موجات الحر وتفشي الأوبئة والأمراض بينهم، خاصة لدى الأطفال والفئات الهشة.

ومن بين هؤلاء الطفلة ملك سائد اليازجي (5 أشهر) التي توفيت يوم 25 نيسان/أبريل الجاري بعد أن نزحت قسرًا مع عائلتها إلى مدينة رفح جنوب قطاع غزة، حيث أقامت العائلة داخل خيمة نزوح وتأثرت حالتها بسبب الخوف وموجة الحر الشديدة التي تضرب الخيام المصنوعة من النايلون والتي تفتقر أدنى مقومات الحياة، علاوة عن شح المياه.

وقال سائد خليل اليازجي (40 عامًا) والد الطفلة الضحية لفريق الأورومتوسطي، إنهم نزحوا من منطقة سكنهم في بلدة بيت حانون في الأيام الأولى من بدء الهجوم العسكري الإسرائيلي إلى مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة ومن ثم إلى رفح جنوبي القطاع.

وذكر أنهم أقاموا داخل خيمة في رفح منذ 23 كانون أول/ديسمبر الماضي بعد ثلاثة أيام من ولادة "ملك"، وأن طفلته لم تكن تشتكي من أعراض صحية قبل أن تتدهور حالتها بشدة، حيث نقلها إلى المستشفى الميداني الإماراتي ليتم إعلان استشهادها، ثم توجه بجثمانها إلى مستشفى "أبو يوسف النجار" الذي أصدر لها تقريرًا يفيد بوفاتها متأثرة بارتفاع درجات الحرارة وضعف شديد في نبضات القلب.

كما تلقى المرصد الأورومتوسطي إفادة بوفاة الشابة لارا جريس الصايغ (19 عامًا) يوم 25 نيسان/أبريل الجاري خلال محاولتها النزوح مع والدتها من مدينة غزة إلى مدينة رفح بفعل تأثرها بدرجات الحرارة الشديدة، وفي وقت عانت والدتها من غيبوبة لذات الأسباب.

وشدّد الأورومتوسطي على أن عشرات آلاف المدنيين الفلسطينيين باتوا مهددين أكثر من أي وقت مضى بمخاطر انتشار الأمراض الفتاكة والمكاره الصحية والأمراض المعدية والمنقولة مع اشتداد درجات الحرارة وذلك في خضم الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة.

ووثق المرصد الأورومتوسطي استشهاد الطفلة حور إياد العبسي (عامين ونصف)، وهي نازحة مع عائلتها في رفح، يوم 11 نيسان/أبريل الجاري جراء إصابتها بمرض التهاب الكبد الوبائي بسبب التلوث والاكتظاظ وتضاعف المرض في جسدها حتى وصل درجة 18، حيث نقلت إلى المستشفى "الأوروبي" لمدة خمسة أيام وتوفيت بسبب مضاعفات مرضها وغياب الرعاية الصحية اللازمة.

كما وثق الأورمتوسطي استشهاد الشاب أنس عبد الله كراز (27 عامًا) في 24 نيسان/أبريل الجاري جراء إصابته كذلك بمرض التهاب الكبد الوبائي خلال نزوحه مع عائلته في مدينة رفح.

وبهذا الصدد، أفاد الطبيب أحمد النقريص أخصائي الباطنة في مستشفى "أبو يوسف النجار" في رفح، بأن مرض (التهاب الكبد الوبائي أ) بات ينتشر بمعدلات غير مسبوقة بفعل الظروف القاسية الحاصلة في قطاع غزة والاكتظاظ السكاني الشديد لا سيما في رفح.

وأوضح أنه في الأسابيع الأربعة الأخيرة، يتم تسجيل 5 إلى 6 حالات يوميًا في المركز الصحي الواحد في رفح لحالات إصابة بمرض (التهاب الكبد الوبائي أ) بسبب تأثيرات تلوث مياه الشرب وانتشار مياه الصرف الصحي بين النازحين والاكتظاظ السكاني وانعدام النظافة وسوء التغذية، لافتًا إلى رصد أعراض الجفاف والتقيؤ والإسهال، فيما تزيد الأعراض لدى المرضى سريعًا في ظل افتقادهم مقومات الرعاية الصحية اللازمة والضغط الشديد على المستشفيات والمرافق الطبية.

وأبرز الأورومتوسطي أنه بموازاة الهجمات العسكرية المتواصلة لجيش الاحتلال الإسرائيلي جوًا وبرًا وبحرًا، يلاحق الموت سكان قطاع غزة بفعل انتشار الأوبئة والأمراض المعدية بسبب المياه الملوثة، والاكتظاظ، وارتفاع درجات الحرارة، وانهيار النظام الصحي ومحدودية خدماته، بما في ذلك عزل المرضى لمنع الانتشار، وشح الأدوية ومستلزمات التعقيم، وانتشار وتراكم النفايات الصلبة في كافة أنحاء قطاع غزة.

ويقابل انتشار الكارثة الصحية العامة وسرعة تفاقمها الناجمة عن حرب الإبادة الجماعية التي تشنها "إسرائيل" ضد سكان القطاع منذ أكثر من ستة أشهر، استمرار جيش الاحتلال بتدمير جميع مقومات الحياة في القطاع، بالهجمات العسكرية والحصار، بما في ذلك تدمير ما تبقى عاملًا من النظام الصحي، وحرمان السكان من تلقي الخدمات الطبية الأساسية والعلاج الضروري، واستمراره بعرقلة دخول المساعدات الإنسانية اللازمة للتصدي للأوبئة والأمراض السارية والحد من آثارها على نحو فعّال وسريع.

ونبّه الأورومتوسطي من أن كوارث صحية وبيئية آخذة بالتفاقم وبشكل متسارع نتيجة تواصل الهجمات العسكرية الإسرائيلية المدمرة، ولها تداعيات خطيرة وكارثية على صحة السكان والبيئة العامة، محذرًا من أن الأطفال، خاصة المواليد الجدد، وكبار السن، وأصحاب الأمراض المزمنة، هم الأكثر تأثرًا بهذه الكارثة الصحية.

ولفت الأورومتوسطي إلى أنه في الوقت الذي تتصاعد فيه تدريجيًّا درجات الحرارة في قطاع غزة، وتتعطل غالبية خطوط أنابيب المياه الرئيسية، وتتضرر أنظمة الصرف الصحي على نطاق واسع، يحصل السكان على كميات مياه نظيفة أقل بكثير مما يحتاجون إليه، وغالبيتهم يضطرون إلى استخدام مياه ملوثة غير صالحة للشرب.

ويرتبط الماء الملوث وتردي منظومة الصرف الصحي بانتشار أمراض مثل الكوليرا والإسهال والدوسنتاريا والالتهاب الكبدي الوبائي، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، والتي حذرت منذ أشهر من كارثة صحية وبيئية شاملة يواجهها سكان قطاع غزة.

كما أدى نقص الوقود في ظل أزمة انقطاع الكهرباء كليًّا إلى إغلاق محطات تحلية المياه ومحطات الصرف الصحي، ما زاد من خطر انتشار العدوى البكتيرية، إذ أن مياه الشرب الملوثة تنقل أمراض الإسهال والدوسنتاريا والتيفوئيد وشلل الأطفال.

يضاف إلى ذلك، انهيار المنظومة الصحية وعدم توفر مستشفيات متكاملة في مدينة غزة وشمالها، والضغط الهائل على المستشفيات القليلة التي بقيت تعمل جنوب القطاع والذي يهدد بارتفاع أعداد الضحايا بأعداد غير مسبوقة.

وجدّد المرصد الأورومتوسطي تأكيده على الحاجة الماسة لوقف إطلاق النار الدائم في قطاع غزة ورفع الإغلاق المشدد عنه بوصفه عقابًا جماعيًّا وجريمة حرب لإنقاذ حياة المدنيين المحميين بموجب القانون الدولي الإنساني وقواعد الحرب، وضرورة التحرك العاجل لوقف جريمة الإبادة الجماعية التي تنفذها "إسرائيل" في غزة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في القطاع.

وجدد الأورومتوسطي مطالبته المجتمع الدولي لضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بما يشمل دخول العناصر الأساسية الغذائية وغير الغذائية الضرورية للاستجابة للكارثة الصحية والبيئية بشكل فوري وآمن وفعّال، بما في ذلك إلى شمال قطاع غزة، والسماح بدخول المواد اللازمة لإنشاء مرافق دورات المياه المؤقتة والاستحمام للنازحين الفلسطينيين.

وطالب بضرورة الضغط على "إسرائيل" لإدخال المواد اللازمة لأعمال الإصلاح وإعادة تأهيل البنى التحتية المدنية لتقديم الخدمات التي لا غنى عنها لحياة السكان المدنيين في قطاع غزة وإنقاذهم من خطر الكوارث الصحية، بالإضافة إلى ضمان إدخال الوقود الكافي لتشغيل البنى التحتية للمياه والصرف الصحي، بما في ذلك محطات تحلية المياه وآبار المياه.

البث المباشر