قائد الطوفان قائد الطوفان

كاتب بريطاني: لأول مرة تظهر قيادة فلسطينية لا تتنازل وتحظى باحترام الشعب

000_32EZ6XV.jpg
000_32EZ6XV.jpg

الرسالة نت

نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، مقالا لرئيس تحريره الصحفي ديفيد هيرست، قال إنه بعد مرور سبعة أشهر من العدوان على غزة، لا يزال اسم فلسطين يتواجد ويتردد في كل مكان، وتظهر غزة عزمًا على الصمود مع مقاومتها.

وتابع الصحفي هيرست، في مقاله، أنه "للمرة الأولى في تاريخ الصراع الطويل، يجد الفلسطينيون أن لديهم قادة "ليسوا على استعداد للتنازل عن مطالبهم الأساسية"، مضيفًا أن هذه القيادة "تحظى فعلا باحترام هذا الشعب".

وأضاف، وتظهر غزة بشعبها وبمقاتليها معاً وجميعاً عزماً وتصميماً على الصمود والقتال لم يصدر مثله قط لا عن منظمة التحرير الفلسطينية ولا عن ياسر عرفات.

وتطرق هيرست في مقاله إلى الحراك غير المسبوق الذي تشهده الجامعات الأمريكية، قائلا إن "جيلا جديدا يتشكل في أمريكا، وهي البلد الوحيد الذي بإمكانه أن يوقف هذا الصراع من خلال سحب دعمه العسكري والسياسي والاقتصادي لإسرائيل".

وحول أوجه التشابه ما بين حركة الاحتجاج في عام 1968 ضد الحرب في فيتنام والاحتجاج العالمي الذي يجري اليوم ضد الحرب في غزة قال هيرست إنها كثيرة، موضحا: كما كان عليه الحال في هجوم تيت، لم يلبث الهروب الجماعي من السجن، الذي خططت له ونفذته كتائب القسام في السابع من أكتوبر، أن خرج عن السيطرة خلال ساعات، وسبب ذلك جزئياً الانهيار السريع غير المتوقع في لواء غزة التابع لجيش الاحتلال الإسرائيلي في جنوب فلسطين المحتلة.

وأضاف: الهجوم الذي توجه نحو أهداف عسكرية، قتل فيه المئات من الجنود الإسرائيليين، ولكن جاء الرد الإسرائيلي، والذي هو عبارة عن عملية هدم داخل غزة مستمرة منذ سبعة شهور، حملة إبادة جماعية ضد كل فرد وكل عائلة داخل القطاع بغض النظر عن انتماءاتهم، تدميراً لمنازلهم ومستشفياتهم ومدارسهم وجامعاتهم، ليثبت أنه نقطة تحول في الرأي العام العالمي.

وتارة أخرى، وفق الكاتب؛ يأتي الدعم لهذه الحرب من قبل رئيس أمريكي ينتمي إلى الحزب الديمقراطي، ويحدث ذلك في سنة انتخابية، وتارة أخرى، تتصدر جامعة كولومبيا لتصبح مركز الثورة والتمرد، حيث أطلق معسكر للطلاب داخل حرمها احتجاجاً على العدوان الإسرائيلي موجة من النشاطات الاحتجاجية المشابهة داخل العديد من الكليات والجامعات في مختلف أرجاء الولايات المتحدة.

ولعل الأمر المشترك الذي يربط بين ثورات الطلاب في جامعات كولومبيا وييل وهارفارد هو العلاقات التي تربط بين جامعاتهم والاحتلال الإسرائيلي، ففي جامعة كولومبيا، يريد الطلاب من إدارة الجامعة سحب استثماراتها من عملاقي التكنولوجيا أمازون وغوغل، بسبب ما أبرماه من عقد في الحاسوب مع الحكومة الإسرائيلية في تل أبيب بقيمة 1.2 مليار دولار، وفي جامعة ييل، يريد الطلاب من الجامعة سحب استثماراتها من "جميع الشركات المصنعة للسلاح التي تستخدم أسلحتها في العدوان على فلسطين"، كما أن لجامعة ييل برنامجاً لتبادل طلاب مع سبعة من الجامعات الإسرائيلية، وأما جامعة هارفارد فلديها برامج مع ثلاث من هذه الجامعات، بينما لجامعة كولومبيا علاقات بأربع منها.

ووفق هيرست؛ فإنه كما حدث في عام 1968، جوبه الكثير من هذه الاحتجاجات بالقوة، وفي جامعة كولومبيا أمرت رئيسة الجامعة نعمت شفيق شرطة مدينة نيويورك بتفريق المتظاهرين وهدم خيامهم الخمسين المقامة في الساحة الجنوبية، الأمر الذي نجم عنه إلقاء القبض على مائة من طلاب كولومبيا وكلية بارنارد، بما في ذلك ابنة عضو الكونغرس الأمريكي إلهان عمر، وأصدرت أوامر بتوقيف الطلبة عن الدراسة، وقيل لهم إنهم لن يتمكنوا من إتمام فصلهم الدراسي، وما يقرب من 900 متظاهر ألقي القبض عليهم في مختلف أنحاء البلاد منذ اندلاع المواجهات ابتداءً في جامعة كولومبيا في يوم الثامن عشر من إبريل.

ويذكر الكاتب البريطاني، أنه في عام 1970 فتح عناصر الحرس الوطني في أوهايو النار على المحتجين وقتلوا أربعة طلاب وجرحوا تسعة آخرين في ما بات يعرف بمذبحة ولاية كينت، ولم تزد قسوة الشرطة وتوحشهم ضد الطلاب حركة الاحتجاج إلا انتشاراً.

وبعد ساعات من إغلاق الإدارة المعسكر الطلابي داخل جامعة برينستون، احتل مئات الطلاب الساحة المركزية، وجلبوا الكتب وأجهزة اللابتوب والألواح البيضاء ليقيموا "جامعة شعبية من أجل غزة"، ثم ما لبث أعضاء الهيئة التدريسية أن انضموا إليهم، يلقون عليهم المحاضرات ويديرون معهم النقاشات.

لم تلبث الاحتجاجات التي تشهدها الولايات المتحدة أن انتشرت وانتقلت إلى الجامعات البريطانية، رغم أن هذه حظيت باهتمام أقل من قبل وسائل الإعلام، وباتت هذه الحركة الاحتجاجية تترك أثراً عميقاً على غزة نفسها، وذلك أن الشعب الفلسطيني الذي يتحمل أعباء هذا العدوان لم يعد يشعر أنه وحده.

وبحسب الكاتب، فإنه إذا كان المستهدف من قبل الحركة الاحتجاجية في عام 1968 هو البنتاغون أو القمع الأبوي للدولة الغولية، فإن المستهدف اليوم هو الصهيونية ومن يسلحون الاحتلال الإسرائيلي في الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، والمستهدف هو اللوبي المناصر للاحتلال الإسرائيلي، بما يمارسه النشطاء فيه من تشهير وتشويه للسياسيين الذين يدعمون فلسطين إذ يتهمونهم بمعاداة السامية

ويؤكد: تثير حرب غزة جدلاً غير مسبوق بين اليهود، حيث قال بعض الرموز الفكرية مثل الصحفية الكندية ناعومي كلاين إن الصهيونية ما هي سوى "صنم باطل أخذ فكرة الأرض الموعودة وحولها إلى صك أرض للبيع من أجل إقامة دولة عرقية عسكرية".

وكتبت كلاين تقول: " لقد جاءت بنا الصهيونية إلى لحظتنا الحاضرة من الطامة، وآن لنا أن نقول بوضوح: لم تزل الصهيونية منذ البداية تقودنا إلى هنا. إنه صنم باطل جر الكثيرين من أبناء شعبنا وأغرقهم في طريق لاأخلاقي، حتى باتوا يبررون الآن تمزيق الوصايا الجوهرية: تحريم القتل، تحريم النهب، تحريم الغي".

بالنسبة للمستقبل القريب، وفقا لـ هيرست؛ لقد أحيت حركة مناهضة الحرب على غزة الوطنية الفلسطينية بطريقة غير مسبوقة، وها هي الرسومات الجدارية الباهتة التي رسمت من أجل تخليد ذكرى المعارك التي خاضتها حركة فتح وفصائل منظمة التحرير تُستبدل في مخيمات اللاجئين في لبنان بشعارات ورسومات براقة جديدة تحتفي بهجوم السابع من أكتوبر، وبات المثلث المقلوب، الذي يصف نزول مقاتلي حماس بالمظلات من فوق الحاجز في غزة، منتشراً في كل مكان.

ويقول: ما من مظاهرة تنظم في أي مكان في العالم إلا ويتصدرها فلسطينيو الشتات الذين كان رد فعلهم مناقضاً تماماً للطريقة التي كان الاحتلال وأنصاره يسعون إليها، لقد ظن بنيامين نتنياهو أنه إذا قتل الكبار وقضى عليهم فإن أبناءهم وبناتهم سوف يتخلون عن النضال، لكنه في الحقيقة لقد عزز الرابطة بين الفلسطينيين في كل مكان وبين أرضهم التي فقدوها. 

في نفس الوقت قوضت هذه الموجة من الدعم سنوات من التخطيط الذي كان يستهدف إحداث قطيعة بين القضية الفلسطينية والناس في العالم العربي، ولقد ساعدت الأحداث على ذلك، فما من شك في أن الربيع العربي وما تعرض له من إخماد، ثم الحروب الأهلية التي نشبت بعده، كل ذلك جعل من فلسطين مصدرا أقل أهمية للأخبار طوال ما لا يقل عن عقد من الزمن.

ويرى الكاتب، "أن المساعي الإسرائيلية كانت تدور لتجاوز القضية الوطنية الفلسطينية من خلال التواصل مباشرة مع دول الخليج الثرية وأوشكت على أن تؤتي أكلها لولا نجاح حماس في شن هجومها يوم السابع من أكتوبر، وها هي فلسطين بعد مرور سبعة شهور تتواجد في كل مكان ويتردد اسمها على كل الألسن.

وخلص هيرست إلى "أننا قد نكون بالفعل وصلنا إلى نقطة الانقلاب من حيث الدعم الذي تتلقاه إسرائيل من الولايات المتحدة ومن بريطانيا ومن أوروبا، وهذا بحد ذاته أمر في غاية الأهمية من الناحية التاريخية".

البث المباشر