تحدث الجندي الإسرائيلي جاي زاكن قبل يومين عمّا وصفه بالأوضاع الصعبة والمعاناة النفسية التي يتعرض لها جنود الاحتلال بعد العودة من قطاع غزة.
وقال زاكن "رأينا أشياء لا يمكن تخليها في أذهانكم”، ووصف ما عاشه في غزة بـ "المشاهد التي لا يمكن نسيانها".
وأشار إلى انتحار زميل له قبل أسبوع كان قد شارك في الحرب على غزة، وقال "أطلق النار على رأسه مرتين وليس مرة واحدة"، مما يعكس شدة الضغوط النفسية التي تعرض لها.
كما أشار زاكن إلى مواجهات مستمرة مع صواريخ مضادة للدبابات وإحراق جرافات، بالإضافة إلى إصابات بين القادة العسكريين في الميدان، وذكر أنه في إحدى العمليات، تلقى قائدٌ رصاصة في الوجه وكان عليه حمله إلى المروحية بعد أن كان معه لمدة ثلاثة أيام، وأشار إلي قائد آخر تلقى قذيفة مضادة للدبابات.
"لا نعرف من أين يأتون"
وأوضح زاكن أنه كان ينام في بيوت تستهدفها المقاومة الفلسطينية بالصواريخ، وأنهم كانوا يستيقظون في حالة جنون ويبدؤون في الاشتباك دون أن "نعرف من أين يأتون"، لافتًا إلى أنه كان يتعامل مع القتلى والجرحى من زملائه بشكل يومي.
وفي حديثه عن تأثير هذه الحروب على حالته النفسية، قال زاكن إنه شارك في حرب 2008 على غزة وقام بقتل من وصفهم “بإرهابيين”، موضحًا “حاصرت وأطلقت الرصاص على منزل فيه 3 إرهابيين وقتلتهم، وكان كل شيء على ما يرام عدت وتزوجت وأنجبت 4 أطفال ومضيت قدمًا”.
ولكنه الآن لا يشعر بأنه نفس الشخص، حيث فقد القدرة على الاستمتاع بالأشياء البسيطة مثل عدم تمكنه من تذوق الطعام، مضيفًا أنه يعاني من اضطراب ما بعد الصدمة، ولكنه يشكك في أن هذا المصطلح يعبر بشكل دقيق عن معاناته الحالية، مشيرًا إلى أنه يعيش حالة من الجنون والتوتر المستمر.
وختم زاكن حديثه بالتأكيد على أنه مجرد “إنسان بسيط مقاتل”، يعاني مثل غيره من الجنود من آثار الحرب النفسية والجسدية، وأن تجربته تعكس مدى صعوبة الواقع الذي يعيشونه يوميًا خلال الحرب على قطاع غزة.
وقبل أسابيع قليلة، أفادت تقارير عبرية، بانتحار جندي في جيش الاحتلال، بعد تلقيه أمرًا بالعودة للخدمة العسكرية في قطاع غزة، وذلك إثر معاناته من اضطراب ما بعد الصدمة.
وبحسب موقع واللا العبري: فإن الجندي احتياط إليران مزراحي "انتحر، يوم الجمعة الماضي، بعد معاناته من اضطراب ما بعد الصدمة، وهو أب لأربعة أطفال، بينهم اثنان مصابان بطيف التوحد".
وأوضح الموقع أن "مزراحي عمل في غزة سائق جرافة إسرائيلية مدة 78 يومًا، وتلقى العلاج من قبل وزارة الحرب، لكنه لم يعرض على لجنة رسمية تعترف بنسبة إعاقته".
وأشار إلى أن الجندي الإسرائيلي "كان من المفترض أن يعود للخدمة في رفح جنوبي قطاع غزة، لكنه انتحر قبل ذلك".
الموقع العبري أشار إلى أن "الدولة لا تسمح بدفنه عسكريا، لأنه لم يكن في خدمة الاحتياط الفعلية لحظة انتحاره".
وسبق أن نشر الجندي المنتحر صورا لجرائمه وتفاخره بأعمال التدمير الوحشي في القطاع.
وفي وقت سابق، كشفت صحيفة هآرتس العبرية أن 10 ضباط وجنود للاحتلال انتحروا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عدد منهم انتحر خلال المعارك في مستوطنات غلاف غزة.
ومنتصف شهر مارس/آذار الماضي أقر جيش الاحتلال بأنه يواجه المشكلة الكبرى في الصحة النفسية منذ عام 1973، وذلك على خلفية الحرب التي تخوضها فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة مع جيش الاحتلال منذ طوفان الأقصى.
والشهر الماضي، قالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن استطلاعا داخليا في جيش الاحتلال أظهر أن 42% فقط من الضباط في الخدمة العسكرية الدائمة يريدون الاستمرار في الخدمة بعد انتهاء الحرب على غزة مقابل نسبة 49% سُجلت أغسطس/آب العام الماضي.
وفي سياق متصل، ذكرت تقارير من الاحتلال أن قوات الاحتياط بالجيش تعاني من نقص حاد في الجنود مع دخول الحرب شهرها التاسع، وبدأ الجيش البحث عن متطوعين للقتال بغزة.
وأقر الجيش بأن عدد الجنود الجرحى منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي وصل إلى 3763، منهم 1902 أصيبوا منذ بداية المعارك البرية يوم 27 من الشهر ذاته.
كما أن عدد قتلى جيش الاحتلال بلغ 646 جنديا وضابطا منذ بداية الحرب بينهم 294 قتلوا بالمعارك البرية في قطاع غزة، غير أن مستشفيات ووسائل إعلام إسرائيلية أكدت أن العدد الفعلي لقتلى ومصابي الجيش أكبر مما يعلن عنه.