بعد حرق الخيام وارتقاء الشهداء 

خاص| (الشاكوش والإقليمي) يفضحان كذبة المنطقة الإنسانية الآمنة

الرسالة نت

غزة – خاص الرسالة نت

أينما تولي وجهك في غزة وقت الحرب، فأنت لست في معزل عن صواريخ وقذائف الاحتلال (الإسرائيلي) المجرم، فمنذ طوفان الأقصى وحركة النزوح الاجباري التي يفرضها الاحتلال على الغزيين للانتقال إلى مكان أكثر أمنا يذهبون دون تردد حفاظا على أرواحهم، لكن كل مرة النتيجة ذاتها يستهدفون فطبع المحتل الكذب.

"وين نروح" أكثر العبارات التي يرددها أهالي قطاع غزة منذ بداية الحرب، فكل مكان يهربون إليه يتم قصفه، فتجد الصغير قبل الكبير يحتار "أين المكان الآمن"، فمنذ اجتياح رفح بريا أعلن عن أن شمال غرب المدينة "منطقتي المواصي  والإقليمي" منطقة آمنة، فهرع النازحون إليها لينصبوا خيامهم ويقضون أيام النزوح بأمان.

قبل أيام قليل، بالكاد أغمض النازحون أعينهم بعد يوم شاق في البحث عن الحطب وتعبئة المياه، حتى هرعوا يحملون صغارهم وكبار السن بعد حرق خيامهم بفعل القصف الشديد الذي وقع عليهم.

ماذا جرى في منطقة شمال غرب رفح الامنة؟

استهدف جيش الاحتلال (الإسرائيلي)، فجر الأربعاء الماضي، خيام النازحين في منطقة الشاكوش شمال غرب مدينة رفح بقطاع غزة بقصف مدفعي بالإضافة إلى إطلاق نار من مُسيرات الكواد كوبتر، ما أسفر عن ارتقاء 7 فلسطينيين بينهم أطفال ونساء، وإصابة حوالي 20 شخصًا بشظايا وحروق.

تقول السيدة فاطمة، وهي نازحة خمس مرات حتى وصلت إلى منطقة الشاكوش، إنها حضرت برفقة أبنائها الستة منذ شهر، واطمأنت كون المكان هو آمن بحسب تعليمات الاحتلال، لكن حين اشتد القصف والضرب أصيبت بالذعر والخوف الشديد، هربت بنفسها دون الأولاد.

تضيف:" الروح غالية، من شدة القصف لم أعرف ماذا أفعل (..) لحقني أبنائي وبعد ثواني أحرقت الخيمة بفعل قذيفة وصلت إليها فالتهمت النيران ما بداخلها".

في ذات السياق تقاطعها أم عبد الرحمن وهي نازحة للمرة السابعة لتقول "وين نروح، حد يقولنا وين نروح (..) الاحتلال كاذب وماكر، نحاول اتباع تعليماته بالذهاب للمناطق الآمنة لكنه يدفعنا لنتجمع في مكان ليحرقنا".

وذكرت لـ "الرسالة نت" أنه لم يعد لها أهل، وحتى الناس الذين تعرفت عليهم فترة النزوح استشهد غالبيتهم، معلقة "القلب مش قادر يحزن".
وبالقرب منها يلملم الرجل الستيني أبو أحمد سالم نازح من الجلاء، وجاء إلى رفح منذ بداية الحرب وبقي يتنقل في عدة أماكن حتى استقر منذ شهرين في منطقة الشاكوش كونها غربية آمنة.

يحكي لـ "الرسالة نت" أنه في مرات كثيرا يفكر بالمخاطرة والعودة إلى ركام بيته في غزة، لكن لا يريد أن يقتله الاحتلال ويتمنى انتهاء الحرب، مشيرا إلى أن ليلة حرق الخيام أرعبته على أحفاده فمشاهد الحرق والأشلاء لم يعد يحتملها الصغار.

وتجدر الإشارة إلى أنه منذ الإبادة الجماعية لسكان قطاع غزة للنزوح قسرا إلى مدينة رفح الحدودية مع مصر، قدرت أعداد النازحين في المدينة بأكثر من مليون ونصف إنسان، حيث تعاني أصلا من عجز البنية التحتية وانعدام الأمن الغذائي والصحي فيها، لكن بعد اجتياح المدينة خرج غالبية النازحون إلى أماكن أخرى في خانيونس والزوايدة والنصيرات.

ينتظرون "عودوا إلى الشمال"

ما جرى في منطقة (شاكوش والإقليمي) يؤكد كذب مزاعم الاحتلال حول المنطقة الإنسانية وأنه يمارس الإبادة في كل مكان، وحديثه عن منطقة آمنة ما هو إلا لذر الرماد في عيون العالم.

بعد انتهاء القصف وهروب النازحين، تفقد مواطنين آخرين منازلهم وأراضيهم الزراعية لاسيما القريبة من شاطئ البحر، حيث أبلغوا عن أضرار كبيرة لحقت بممتلكاتهم فيها، ونقل عن بعضهم أن جرافات الاحتلال أخفت معالم المنطقة من خلال التجريف، ودمرت منازل كانت مقامة وسط الأراضي الزراعية.

وبرغم التحذيرات الأممية أو الحقوقية من أي أعمال عسكرية في المدينة، باعتبارها سوف تكون عملية إبادة محققة بحق أكثر من مليوني ونصف فلسطيني، وسيزيد مما هو أصلا كابوس إنساني، وتطهير عرقي لسكان قطاع غزة، ومع استمرار القصف الجوي للمنطقة، يواجه الآن النازحون، الذي يعيش معظمهم في خيام وملاجئ مؤقتة، تصعيدًا كبيرًا في هذه المذبحة المستمرة. 

لا يوجد أي مكان آمن في غزة، وقد دفعت عمليات التهجير القسري المتكررة الناس إلى رفح، محاصرون في قطعة صغيرة من الأرض وليس لديهم أي خيارات لمكان يذهبون إليه.

"انزحوا إلى الجنوب" الجملة التي استخدمها الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية عدوانه على قطاع غزة في السابع من أكتوبر، ولكن ينتظر النازحون جملة "عودوا إلى الشمال، عودوا إلى بيوتكم".

البث المباشر