حرًا بعد سبعة أشهر في الاعتقال

الطبيب أبو سلمية.. أيقونة الصحة في غزة

الطبيب أبو سلمية.. أيقونة الصحة في غزة
الطبيب أبو سلمية.. أيقونة الصحة في غزة

الرسالة نت- رشا فرحات

لا أدري إلى أي درجة يمكنني الصمود، لكني لن أخرج وأترك الأطفال الخدج يموتون؛ إما أن نموت معا أو ننجوا معا".

هذه هي الجملة الأخيرة، التي قالها الدكتور محمد أبو سلمية مدير مجمع الشفاء الطبي، في نوفمبر الماضي أثناء حصار المستشفى، وقد كان مصرًا على البقاء وعدم المغادرة حتى تأكد من نقل الأطفال الخدج والمرضى إلى مستشفيات الجنوب، ثم اقتحم الجنود المشفى وطردوا الطواقم الطبية واعتقلوا الدكتور أبو سلمية.

سبعة أشهر قضاها في المعتقلات قبل أن يفرج عنه اليوم ليس لذنب ما، ولكنه حمل أطفال فلسطين على كتفيه حتى اللحظة التي أجبره الاحتلال فيها على إلقاء الحمل ودفع ثمن إصراره على الصمود وإنقاذ حياة الأطفال.

واجه أبو سلمية صنوفًا من العذاب أخبرنا عنها أسرى مفرج عنهم، وشاهدوا بأعينهم انتقام الاحتلال من الطواقم الطبية بكل وحشية، فكسروا يديه وربطوه بحبل، وكانوا يدخلون الأسرى جميعهم إلى الغرفة ويبقونه تحت التعذيب لساعات أمام أعين زملائه في محاولة إهانته وإذلاله.

دفع الدكتور أبو سلمية ضريبة صدقه وانحيازه للمرضى، لأنه وقبل اعتقاله ووفقا لأحد أفراد أسرته، فقد طلب منه الجنود بعد اقتحامهم للمستشفى أن يصور فيديو يخبر العالم فيه كذبا بأن الفصائل الفلسطينية تخفي أسلحة ومعدات قتالية في غرف المستشفى ما رفضه الدكتور أبو سلمية ودفع ثمن ذلك.

وبعد الإفراج عنه اليوم تحدث أبو سلمية في مقابلة مع الصحفيين عن تفاصيل اعتقاله وظروف السجون والمعتقلات الإسرائيلية، وما يعانيه الأسرى بداخلها.

وقال أبو سلمية، إن "الأسرى يمرون بأوضاع مأساوية لم يشهدها الشعب الفلسطيني منذ عام 1948، بمن فيهم الأسرى القدامى والجدد، الجميع يعاني من إهانات جسدية وقلة الطعام والشراب، بل وحتى الطواقم الطبية التابعة للسجون تمعن في إذلال الأسرى وتشارك في تعذيبهم، ويجب أن يكون للمقاومة كلمة حاسمة للإفراج عن الأسرى".

وأضاف أن "الأسرى القدامى يعانون الأمرين، ومنهم من قضى أكثر من 20 عامًا داخل السجون، ويجب تبييض السجون من الأسرى". مؤكدًا  أن "الاحتلال يعتقل الآن الجميع بمن فيهم الكوادر الطبية، وهناك من استشهد داخل السجون الإسرائيلية"، مشيرا إلى أن "العدو المجرم أثبت مدى إجرامه بتعامله مع الطواقم الطبية".

محمد أبو سلمية يُعرف أيضًا بكنية "أبو خالد"، هو طبيب فلسطيني متخصص في طب الأطفال، ولد في مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة، بتاريخ 18 أكتوبر 1973م. تولى منصب المدير الطبي لمستشفى النصر عام 2007، ثم تولى إدارة مستشفى الرنتيسي عام 2015م، وتولى منصب مدير مستشفى الشفاء عام 2019م، حتى اعتقاله بتاريخ 23 نوفمبر 2023م.

اعتقل أبو سلمية قبل سبعة أشهر، ولم يكن شاهدًا على انهيار المنظومة الطبية كاملة في غيابه خلف القضبان، لكنه كان يعلم أن هناك شعبًا لا زال يستمد منه القوة، وقد انتظره وتساءل عن مصيره طوال فترة غيابه.

شارك أبو سلمية في الصمود وحماية مستشفى الشفاء في المرة الأولى لاقتحام المستشفى، ولم يعش أو يعرف أو يكون شاهدا على المرة الثانية التي عاث فيها الجنود تدميرا وسحقا لكل ما تبقى من أبنية وغرف وأروقة في مارس الماضي، ولم ير كيف دفن الجنود المرضى في باحات المستشفى أحياء، ولا كيف حرقوا الأجهزة الطبية والأسرى، وغرف العناية المركزة، ولكنه قبل أن يشاهد أي شيء أعلن بكل أصرار اليوم :" سنعود إلى العمل وسنبني مستشفى الشفاء مرة أخرى".

البث المباشر