الرسالة نت- محمد العرابيد
"عيون شاحبة ووجه متعب وجسد باتت واضحة عليه علامات التعذيب".. هذه الملامح التي تراها على جميع أسرى قطاع غزة الذي أفرج عنهم الاحتلال من سجونه يعدما اعتقلهم منذ السابع من أكتوبر العام الماضي.
إذ تشهد سجون الاحتلال السرية كمعسكر الاعتقال (سديه تيمان)، وهي منشأة يحتجز فيها المرضى والجرحى من أسرى غزة، والتي يقبع فيها معظم المعتقلين الفلسطينيين إجراءات قمعية، وتعذيب، واخفاء قسري، وسوء الرعاية الصحية.
ومنذ أن بدأت العملية البرية في القطاع اعتقل جيش الاحتلال آلاف الفلسطينيين بينهم نساء وأطفال وعاملون في الطواقم الصحية والدفاع المدني، بينما جرى الإفراج لاحقًا عن عدد ضئيل منهم، فيما لا يزال مصير الآخرين مجهولًا.
***قمع وتعذيب
الأسير المفرج عنه من سجون الاحتلال، نافذ سعيد الداية يقول:" مكثت في سجون الاحتلال منذ أكثر من 6 شهور، تعرضت خلالها لأقصى أنواع التعذيب والقمع والحرمان من النوم والطعام والإهمال الطبي".
ويضيف الشاب الداية الذي يبلغ من العمر (35 عاماً)،:" الاحتلال تعامل مع الأسرى كحيوانات.. كان يقدم لنا الأكل الفاسد، ويحرمنا من النوم، ودخول الحمام، إضافة للتعذيب المستمر والقاسي".
وتابع:"لم نكن نعرف في أي سجن نقبع، ومحرمون من زيارات المحامي، والتواصل مع الأسرى". وأشار إلى أن إدارة المعتقلات السرية كانت تقتحم الأقسام وتضربهم بشدة في مناطق حساسة من الجسم، حتى أن بعض الأسرى تعرض لكسور دون أن يقدم لهم الرعاية الطبية".
وأكد الأسير المفرج عنه الداية، أن هناك عددا كبيرا من الأسرى احتجزوا في أقسام مجاورة له، يعانون من أوضاع قاسية وصعبة، فهم يتعرضون لإهمال طبي متعمد ما يعرض حياتهم للخطر الكبير".
وأظهرت الصور والفيديوهات للأسرى المفرج عنهم من سجون الاحتلال، أجسادًا هزيلة وتراجعا واضحا في أوزانهم جراء المعاملة القاسية التي يتعرضون لها في سجون الاحتلال.
*** مصير مجهول للأسرى
فيما يروى أسير آخر أفرج عنه الاحتلال خلال الأيام الماضية وهو أبو أحمد أبو سلطان، أن هناك مئات من أسرى غزة تعرضوا لإهمال طبي على إثره أقدم الاحتلال على بتر أرجلهم في سجن سري بالنقب، ثم نقلهم لمصير مجهول.
ويقول الأسير المحرر البالغ من العمر (53 عامًا):" تواجد معنا عدد من الأسرى يعانون من أمراض مزمنة وتشنجات طبية تركهم السجان في الزنازين دون أي علاج أو رعاية طبية".
ويضيف الأسير أبو أحمد وهو داخل مستشفى شهداء الأقصى لإجراء فحوصات طبية والكشف عن أثار التعذيب:" قبل دخولنا للتحقيق كنا نتعرض لضرب قاس ومبرح حتى نفقد الوعي، ثم ندخل للتحقيق ونحن منهكون وفي حالة فقدان للوعي، ومكبلين الأرجل والأعين.. كنا نترك لساعات وأيام
طويلة معصومين الأعين ونجلس على (الحصمة) التي تسبب ألام شديدة".
*** تعذيب ممنهج
وكشفت صحيفة غارديان البريطانية، أن الأسرى الفلسطينيين في معتقل إسرائيلي بصحراء النقب يتعرضون لعمليات تعذيب ممنهجة تسببت للعديد منهم في مضاعفات صحية خطيرة، يصل لحد الإعدام.
بدوره، حذر المحامي والحقوقي المتابع لقضايا الأسرى في الضفة المحتلة فريد الأطرش، من خطورة ما يتعرض له أسرى قطاع غزة في سجون الاحتلال جراء التعذيب القاسي في ظل صمت المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان".
وقال المحامي الأطرش في حديث لـ"الرسالة"،:"إن أسرى قطاع غزة بسجون الاحتلال يتعرضون لتعذيب ممنهج.. هناك عدد كبير من المعتقلين أصبح مصيرهم مجهول".
وأضاف:" الصمت الدولي أعطى الاحتلال جرأة في الاستمرار بجرائهم وتعذيب الأسرى في السجون الإسرائيلية"، واصفًا شهادات الأسرى المفرج عنهم بالمروعة والخطيرة كونها تهدد حياة آلاف الأسرى".
***سلوك إجرامي للاحتلال
وأكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أن الحالة التي ظهر عليها الأسرى الذين أفرج عنهم جيش الاحتلال الفاشي اليوم، وما يبدو عليهم من علامات الهُزال والإنهاك الجسدي والنفسي، وآثار التعذيب الواضحة، يؤكّد السلوك الإجرامي لحكومة الاحتلال الفاشية، المتحدّية لكافة القوانين الإنسانية، والتي ترتكب يومياً جرائم حرب موصوفة، دون أن تجد أي رادع.
وأشارت حماس في بيان لها، إلى ما أدلَى به من شهاداتٍ مُرَوِّعة حول الأوضاع المأساوية التي يعيشها المختطفون من قطاع غزة داخل معتقلات الاحتلال، وبينهم أطباء ومُسنّون ومرضى وجرحى؛ يتعرّضون لأبشع الممارسات والجرائم، من تعذيب وتجويع وإهانات.
وطالبت الحركة المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومؤسساتها، بالعمل الفوري على وقف هذه المجزرة التي تنفّذها حكومة الاحتلال النازية، وضرورة حماية الأسرى والمعتقلين، والمدنيين في مناطق الصراع.
ودعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى ضرورة التحرك وكشف مصير آلاف المعتقلين الفلسطينيين الذين اختطفهم جيش الاحتلال من قطاع غزة، ويعمل على إخفائهم قسراً في ظروف لا إنسانية.
*** المقاومة متمسكة بملف الأسرى
بدوره، شدد القيادي في حركة "حماس" محمود مرداوي، على أن المقاومة الفلسطينية متمسكة بملف الأسرى في سجون الاحتلال، في المفاوضات من أجل الإفراج عن جميع المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
قال مرداوي في حديث لـ"الرسالة نت"، أن المفاوضات هي الخيار الوحيد لإنهاء هذا الصراع وحرب الإبادة"، مؤكدًا أن المقاومة جاهزة للمفاوضات لكن دون المساس بملف الأسرى بسجون الاحتلال".
وأوضح أن شهادات الأسرى المفرج عنهم مؤخرًا من سجون الاحتلال وظهر عليهم علامات التعذيب، تؤكد صوابية تمسك المقاومة بملف الأسرى من أجل إنقاذ حياتهم من الموت المحقق ف سجون الاحتلال".
وأظهرت شهادات المعتقلين المفرج عنهم، مستوى جرائم التّعذيب التي مورست بحقهم، ومنهم حالات خرجت وقد تعرضت لعمليات بتر في الأطراف نتيجة لذلك.
ويتعمد الاحتلال وإدارة سجونه ممارسة القتل والإعدام بحق الأسرى، من خلال التعذيب والتنكيل، ومنع الدواء، متجاوزًا كل الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية والحقوقية.
ونقلت شبكة "سي إن إن" الأميركية، شهادات (إسرائيليين) أن المعتقلين الفلسطينيين يعيشون ظروفا قاسية للغاية في سجون الاحتلال.