غزة - خاص الرسالة نت
منذ بدء الحرب على قطاع غزة، أحكم الاحتلال (الإسرائيلي) قبضته على المعابر التجارية حتى تسبب بمجاعة لدى المواطنين عدا عن منع إدخال الاحتياجات الأساسية للمستشفيات والمؤسسات الإغاثية، ووقت اجتياحه البري لمدينة رفح وتدمير وحرق معبر رفح على أيدي الجنود أدى ذلك لاستشهاد عشرات الجرحى وأصحاب الأمراض المزمنة والسرطان نتيجة انتظارهم لتلقي العلاج في الخارج.
وباحتلال معبر رفح البري مع مصر، تشدد (إسرائيل) من قبضتها الثقيلة على قطاع غزة، وتعزله تماما عن العالم الخارجي، وتحرم المرضى والجرحى من السفر للعلاج، وتمنع تدفق شاحنات المساعدات الإنسانية، وذلك من شأنه تأزيم الواقع الإنساني المتدهور جراء الحرب المستمرة منذ 9 أشهر.
وللهروب من المحاسبة الدولية بعد إغلاق معبر رفح، شق الاحتلال طريق "ديفيد" من كرم أبو سالم لعبور المرضى لتلقيهم العلاج خارج القطاع، ولكن لذلك تداعيات كثيرة منها أنه يحاول فرض سياسة الأمر الواقع الجديد الذي ترسمه (إسرائيل) للمساس باتفاقية كامب ديفيد وتعزيز احتلالها لغزة، ما يتطلب موقفا دوليا يحملها نتائج وتداعيات ذلك.
ووفق الإذاعة العبرية، فقد أنشأ الاحتلال ممر ديفيد على مرحلتين: الأولى بعد عمليته العسكرية برفح في 7 مايو/أيار 2024، والثانية بعد إعلانه السيطرة على كامل الخط الحدودي لرفح مع مصر في أواخر مايو/أيار 2024.
ضرورة تعزيز التوافق المصري الفلسطيني
ووصفت هيئة البث العبرية "ممر ديفيد: بأنه الحل العجيب لـ (إسرائيل)، فبعد تدشينه تكون تل أبيب قد أخرجت محور فيلادلفيا ومعبر رفح البري من الخدمة بصورة نهائية.
في هذا السياق يقول وسام عفيفة الكاتب والمحلل السياسي، إن الاحتلال (الإسرائيلي) يعمل خلال الأسابيع الأخيرة على تشغيل معبر كرم أبو سالم كبديل لمعبر رفح للأفراد، من خلال تسيير عدد من الوفود عبره، موضحا أن هذا التحرك يهدف إلى تغيير مكان معبر رفح ليكون قرب الحدود وتحت السيطرة الإسرائيلية، مما يشكل تهديدًا خطيرًا لسيادة وأمن المنطقة.
ويرى عفيفه أن المخطط (الإسرائيلي) يسعى لفرض واقع جديد، ما يستدعي من الدول العربية والمجتمع الدولي عدم التعاطي مع هذا المخطط وعدم الاعتراف بأي تغيير في مكان معبر رفح.
وينقل (الرسالة نت) عنه أن هذا المخطط يستهدف ايضا السلطات المصرية ما يستدعي الثبات على موقفها الرافض لهذا المخطط واعتباره تجاوزًا لسيادتها وإهانة لها، لاسيما وأن مصر تلعب دورًا حيويًا كبوابة لغزة إلى العالم الخارجي، وأي تغيير في مكان المعبر يجب أن يرفض بشكل قاطع.
ودعا إلى ضرورة تعزيز التوافق المصري الفلسطيني على انسحاب الاحتلال من معبر رفح وفتحه من جديد أمام الأفراد والبضائع دون أي قيود (إسرائيلية)، وتمكين الشعب الفلسطيني من التنقل بحرية وكرامة، خصوصا في ظل المأساة الإنسانية في قطاع غزة، وهي امتداد للحصار المفروض على غزة منذ عام 2007 كان أحد العوامل الرئيسية التي أدت إلى انطلاق معركة "طوفان الأقصى".
ويشير الكاتب السياسي عفيفة إلى أن ما يزيد من جريمة المخطط استخدام الاحتلال لمعبر كرم أبو سالم كوسيلة ضغط على السكان، واستغلال المرضى والمسافرين وابتزازهم أمنياً، في ظل استمرار الأزمة الإنسانية والمجاعة في شمال غزة، وفشل مخططات الاحتلال مثل "الرصيف العائم" والتواطؤ الأمريكي في هذا الشأن.
معبر جديد للابتزاز الأمني ولم يدم طويلا
حالة من القلق لدى الغزيين لا سيما الراغبين في السفر بأن يكون طريق ديفيد مصيدة جديدة لاعتقالهم، وما يعزز مخاوفهم ما ذكرته هيئة البث العبرية "كان" حيث أكدت أن الطريق العبور لمصر عبر الطريق الجديد من كرم أبو سالم هو شارع أمني بالدرجة الأولى وشيد ليعزل جنوب غزة كاملًا عن مصر، وهذه خطط الجيش (الإسرائيلي) لبناء منطقة عازلة حول القطاع لكن الإدارة الأمريكية تعارضها.
وعن مخاوف الغزيين من تحول المعبر الجديد لمصيدة، يقول المحلل السياسي حسام الدجني إن (إسرائيل) عندما تسيطر على معبر يكون مكانًا للاعتقال والاستجواب وجمع المعلومات، وكذلك للإسقاط الأمني، ولن يستطيع أن يسافر أو يخرج جزء كبير من أبناء قطاع غزة سواء من له علاقة بالمقاومة أم المناصرين لها والرافضين للاحتلال.
وحول المطلوب في المرحلة الحالية فيما يتعلق بإغلاق المعابر وخاصة معبر رفح، يرى أنه لابد من ضغط دولي لانسحاب (إسرائيل) من محور فيلادلفيا لانتهاكها اتفاقية كامب ديفيد، وفتح معبر رفح، لافتا إلى أن الوضع لن يستمر طويلا، لأن ستمراريته تعني استنزافا للجيش (الإسرائيلي)، تماما كما هو أوراق للضغط على المقاومة للوصول إلى اتفاق – على أقل تقدير – يضمن أمن (إسرائيل) لفترة طويلة ويحقق بعض مطالب الفلسطينيين.